الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /نفائس العطاء في التحذير مما يحصل في البرد من أخطاء
نفائس العطاء في التحذير مما يحصل في البرد من أخطاء 2023-01-12 17:55:40


خطبة جمعة بعنوان (نفائس العطاء في التحذير مما يحصل في البرد من أخطاء)
لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله ورعاه
سجلت بتأريخ ٦ جماد الثاني ١٤٤٤ه‍
بمسجد 🕌 السنة 🕌 الأكمة القاعدة/ محافظة إب 
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم .
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]
أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"اشْتَكَتِ النَّارُ إلى رَبِّهَا، فَقالَتْ: يا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فأذِنَ لَهَا بنَفَسَيْنِ، نَفَسٍ في الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ في الصَّيْفِ، فَهْوَ أَشَدُّ ما تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ، وَأَشَدُّ ما تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ.
فبين النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث أن النار اشتكت إلى ربها فقد أكل بعضها بعضا، فإن حرها يرجع إلى جوفها، وبردها يرجع أيضا إلى جوفها، فأكل بعضها بعضا، فأذن لها رب العالمين سبحانه وتعالى بنفسين؛ بنفس في الصيف ثم بين النبي عليه الصلاة والسلام أن أشد ما نجده من الحر فمن نفسها الذي في الصيف، وأشد ما نجده من البرد وهو الزمهرير فمن نفسها الذي في الشتاء، فالبرد الشديد من نفس جهنم والعياذ بالله، وجهنم فيها حر شديد وفيها برد شديد، وأهلها يعذبون بالحر الشديد ويعذبون بالبرد الشديد، وكل هذا من عذاب الله سبحانه وتعالى عليهم، فينوع الله سبحانه وتعالى لهم العقوبات، فتارة بالحميم، وتارة في السعير، وتارة في الزمهرير،فالبرد الشديد هو من نفسها الذي بالشتاء، كما أخبرنا بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، والبرد كما يقول أهل العلم بؤس، والحر أذى ،فالناس يتأذون من الحر وليس فيه كبير ضرر عليهم وإنما هو مجرد أذى، وأما البرد فهو بؤس فقد يحصل به الهلاك، قد يحصل بسببه الموت، وتحصل الأمراض والأوجاع وغير ذلك، فلهذا قيل البرد بؤس والحر أذى، ولقد أهلك الله سبحانه وتعالى بعض الأمم بالبرد الشديد، وكان هذا من عذابه سبحانه وتعالى عليهم، قال سبحانه وتعالى في شأن قوم عاد :{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ (16)}[فصلت:16].
فأهلكهم الله سبحانه وتعالى بالريح الباردة وهي الصرصر شديدة البرودة ولها صوت شديد مزعج، فأهلكهم الله سبحانه وتعالى بعد أن تعالوا على رب وقالوا من أشد منا قوة،{أوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15)فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ}
وقال سبحانه وتعالى:{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ (19)تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ (20)}[القمر:19،20].
فأرسل الله سبحانه وتعالى عليهم الريح الباردة ،وأهلكهم رب العالمين سبحانه وتعالى، وجعل ذلك اليوم الذي نزل عليهم به العذاب يوم نحس في حقهم مستمر، لأنهم انتقلوا به من عذاب الدنيا إلى عذاب الآخرة، فلم ينالوا خيرا بعده، بل نالوا أنواع الشرور فانتقلوا من عذاب الدنيا إلى هو أشر عليهم وأشد وهو العذاب في البرزخ، ثم العذاب في نار جهنم والعياذ بالله، ويستمر بهم العذاب، فكان ذلك اليوم الذي أنزل الله سبحانه وتعالى عليهم العذاب يوم نحس مستمر في حقهم والعياذ بالله،
 وأما عاد فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا عاتية، فأرسل الله سبحانه وتعالى عليهم الريح الباردة فأهلكهم رب العالمين سبحانه وتعالى،{مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَٰذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ۚ }[آل عمران:117].
ريح فيها صر أي ريح باردة ولها صوت مزعج، فهذا عذاب يرسله الله سبحانه وتعالى على من يشاء من عباده، ويهلك الله سبحانه وتعالى من يشاء ممن كفر وممن ظلم وممن طغى وتكبر، فهو عذاب أرسله الله سبحانه وتعالى على من مضى من الأمم الكافرة، وأرسله الله وتعالى أيضا على  بعض الأمم الحاضرة، كما تتناقل بذلك الأخبار في أمريكا أو في غيرها من العواصف الباردة، أهلكهم الله سبحانه وتعالى بسبب كفرهم، وبسبب طغيانهم، وبسبب إجرامهم، وبسبب تكبرهم وتعاليهم على ربهم سبحانه وتعالى، بسبب بغيهم وعتوهم وتعاظمهم بما عندهم من القوة والعدة العتاد ، {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15)}
فيهلك الله سبحانه وتعالى من يشاء بالبرد، ويرحم الله سبحانه وتعالى به من يشاء، فإن الله سبحانه خلق الحر والبرد لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى، وإن علمنا شيئا من ذلك فعلمنا يسير، والله سبحانه وتعالى بكل شيء عليم، واختلاف الفصول من منافع الناس في أبدانهم، ومن منافع الناس في أرزاقهم، في ثمارهم وما إلى ذلك، ولو استمر الحر لهلك الناس ولفسدت أبدانهم، ولهلكت ثمارهم وأشجارهم، وإذا استمر البرد أيضا حصل للناس الهلاك في أبدانهم وفي أشجارهم وفي أرزاقهم، فقلب الله سبحانه وتعالى الفصول لما لله في ذلك من
الحكمة البالغة، والعبد يجهل حكمة الله سبحانه وتعالى، فإذا جاءه الحر تأذى وتأفف، وإذا جاءه البرد تأذى وتأفف، ولو علم ما لله من الحكم في ذلك لشكر ربه سبحانه وتعالى على هذه النعم، فالحر نعمة من الله عز وجل، والبرد نعمة من الله سبحانه وتعالى، ولا صلاح للناس في أبدانهم وفي أرزاقهم إلا بذلك بتقلب الفصول،  فلله في ذلك الحكمة البالغة، فعلى العبد أن يعلم أن ربه سبحانه وتعالى حكيم، وأن ربه سبحانه وتعالى رحيم، وأن ما قدره الله سبحانه وتعالى في الكون فمن حكمته، وأن الله سبحانه وتعالى لا يظلم العباد بل هو أرحم بنا من أنفسنا، وأرحم بنا من أمهاتنا، ومن آبائنا. 
معاشر المسلمين : البرد كما عرفنا شيء قدره الله سبحانه وتعالى لحكمة، ويحصل للناس عند نزول البرد كثير من الأخطاء ومن المخالفات لدين الله عز وجل، فمن جملة هذه الأخطاء أن كثيرا من الناس يضيعون صلاة الفجر ،منهم من لا يشهد صلاة الفجر في الجماعة في بيوت الله عز وجل، ومنهم من يستمر به النوم بسبب شدة البرد إلى أن يصبح، وإلى أن تطلع عليه الشمس، وربما صلى صلاة الفجر بعد اشتداد الشمس ،إما في الساعة التاسعة أو العاشرة، أو ما بعد ذلك وكل هذا من الخطأ العظيم، ومن الذنوب الكبيرة الموبقة المهلكة، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:"أثقلُ الصلاةِ على المنافقين صلاةُ العشاءِ وصلاةُ الفجرِ ولو يعلمونَ ما فيهما لأتوهُما ولو حبوًا.
فلا تكن من هؤلاء القوم الذين هم في الدرك الأسفل من النار، {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)}
لا تكن من هؤلاء ولا تتشبه بهم ،جاء عند ابن أبي شيبة وعند غيره من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال:" كنَّا إذا فقدنا الرَّجلَ في الفجرِ والعشاءِ أسأنا بهِ الظَّنَّ.
أي أسأوا به الظن أن يكون من جملة المنافقين، لأن نبينا عليه الصلاة والسلام أخبر بأن صلاة الفجر وصلاة العشاء هما أثقل صلاتين على المنافقين، فلا تتشبه بهما لا في البرد ولا الحر، وحافظ على فرائض الله عز وجل في البرد وفي الحر، فإن لله عبودية واجبة في جميع الفصول، وفي جميع الأحوال حتى يأتي الموت،{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)}[الحجر:99].
قال الله:{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)}[الذاريات:56،58].
ومن الأخطاء في ذلك عدم اسباغ الوضوء، فهنالك من الناس من يتمسح تمسحا من شدة البرد، ولا يستوعب أعضائه بالغسل، وهذا من الأخطاء الكبيرة ،ومن صلى بذلك الوضوء فإن صلاته لا تصح، وقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة، وجاء عن غيره، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:" ويل للأعقاب من النار.
والأعقاب هو مؤخرة القدم، وهذا الحديث وارد فيمن توضأ وترك أن يغسل ذلك الموضع ولم ينتبه له كحال كثير من الناس، فقال عليه الصلاة والسلام:" ويل للأعقاب من النار، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه في مسلم قال عليه الصلاة والسلام:" ألا أدلُّكُم على ما يَمحو اللَّهُ بهِ الذُّنوبَ ويرفعُ الدَّرجاتِ قالوا بلى يا رسولَ اللَّهِ قال إِسباغُ الوضوءِ على المَكارِه وَكثرةُ الخُطا إلى المسجِدِ وانتظارُ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ فذلِكَ الرِّباطُ ثلاثَ مرَّاتٍ.
وإسباغ الوضوء على المكاره يدخل في ذلك إسباغ الوضوء عند اشتداد البرد فإن استعمال الماء عند البرد من جملة المكاره لما في ذلك من التألم والتأذي ببرودة الماء، فمن أسبغ الوضوء على المكاره فإن ذلك من أسباب رفع الدرجات ومغفرة الذنوب، فعدم إسباغ الوضوء عند اشتداد البرد من الأخطاء التي يقع فيها كثير من الناس. 
ومن الأخطاء أيضا أن هنالك من الناس من ينتقل إلى التيمم بسبب شدة البرد لا لعذر شرعي، وإنما يشتد عليه الماء ويشتد عليه البرد فيتأذى به فينتقل إلى التيمم وليس به مرض ولا يخشى أن يقع عليه المرض وإنما هو التأذي بالماء البارد، فإن ذلك لا يجوز، والواجب هو أن يستعمل العبد الماء، إلا إذا كان به مرض، أو كان ضعيفا يخشى على نفسه المرض ولم يكن موسوسا ومتلاعبا بأحكام الله عز وجل، فإن ربنا سبحانه وتعالى يقول:{وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}[النساء:43].
ولم تجدوا ماء، وقبل ذلك ذكر سبحانه وتعالى المرض، فإن كان العبد مريضا تيمم، وإن كان لا يجد الماء فإنه ينتقل إلى التيمم، أما يتلاعب بأحكام الله عز وجل فلا، فإن كان يتأذى من الماء البارد فعليه أن يقوم بتسخينه، وأن يدفئ  نفسه، وألا يترك فريضة الله سبحانه وتعالى بسبب التأذي في الماء البارد في الأيام الباردة، فهذا من الأخطاء الذي يقع فيه كثير من الناس، وهكذا هنالك من الناس من يترك الإغتسال في الجمعة من أجل البرد وهذا خطأ، فالاغتسال لمن أتى الجمعة يكون في وقت الحر والبرد، وينبغي أن يحافظ العبد على هذه السنة التي حث عليها النبي عليه الصلاة والسلام حثا مؤكدا، في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:"الغُسلُ يومَ الجُمُعةِ واجبٌ على كلِّ محتلمٍ.
وفي حديث ابن عمر في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام:" إذا أتى أحدكم يوم الجمعة فليغتسل.
وجاء عن غيرهما رضي الله عنهما. 
فليحافظ العبد على شعائر الله عز وجل ،وليتحمل المكاره فإن ذلك من أسباب رفع الدرجات، ومن أسباب مغفرة الذنوب، ومن أسباب نزول الرحمات من رب العالمين سبحانه وتعالى، وهذا وأستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم. 

الخطبة الثانية:
الحمد لله، نحمده تعالى ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: اعلموا معاشر المسلمين أن من جملة الأخطاء التي يقع فيها كثير من الناس عند البرد ما يتعلق بالمسح على الخفاف أو المسح على الجوارب، فإن هنالك من الناس من لا يراعي الأحكام الشرعية في ذلك، فيمسح على أي حال، يلبس الجوارب ويمسح عليها ولا يبال بالأحكام الشرعية الثابتة عن نبينا عليه الصلاة والسلام، لا من حيث هيئة المسح وكيفية المسح، ولا من حيث مدة المسح، ولا متى يمسح، ولا متى يترك المسح، لا يبال في مثل هذه الأمور وربما يكون جاهلا بها، فيظن أنه إذا لبس مسح من غير أن ينظر في الضوابط الشرعية التي بينها نبينا عليه الصلاة والسلام، وفصل فيها علماء الإسلام في كتب الفقه، من ذلك أنه لا يشرع المسح على الجوارب أو على الخفاف إلا لمن توضأ وضوء كاملا وغسل قدميه، فإذا لبس بعد ذلك الجوارب أو الخفاف بعد طهارة كاملة ثم أحدث وهو مازال لابسا لها فله أن يمسح بهذا الشرط أن يتوضأ وضوء كاملا، ثم مع غسل القدمين، ثم يلبس على قدميه الخفاف أو الجوارب ثم يستمر على اللبس ويحدث وهما في قدميه، فإذا أحدث وهما في قدميه فله أن يتوضأ بعد ذلك، وأن يمسح على الخفين وأن يمسح على الجوارب، فإذا نزعهما بعد الحدث فليس له أن يلبسهما وأن يعيد المسح، فإذا أحدث فليس له أن يلبسهما أو يمسح عليهما، فإن المدة تنتهي بالنزع، والمسح يكون للمقيم يوما وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن، كما جاء في مسلم من حديث علي رضي الله عنه، قال :"جَعَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ثَلاثَةَ أيَّامٍ ولَيالِيَهُنَّ لِلْمُسافِرِ، ويَوْمًا ولَيْلَةً لِلْمُقِيمِ.
فإذا ابتدأ المسح من صلاة الظهر فينتهي المسح للمقيم في ذلك الوقت من اليوم الآخر، هكذا تكون اليوم والليلة، ويضبط ذلك ضبطا دقيقا،فإن مسح في الساعة العاشرة صباحا مثلا فينتهي المسح في الساعة العاشرة صباحا من اليوم الآخر، ولا يتجاوز هذه المدة التي حددها رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإنه إن تجاوزها ولو بوقت يسير ومسح وصلى فإن صلاته لا تصح، فلابد من مراعات الأحكام الشرعية عند المسح على الجوارب ،وليس كل من لبس مسح لابد من مراعات هذه الأمور التي بينها نبينا عليه الصلاة والسلام، وأوضحها علماء الإسلام.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا واهدنا واهدي بنا واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، ربنا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب اليها من قول وعمل، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين. 




جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي