التبيين لصور إشاعة الفاحشة في المؤمنين، خطبة ٢٦ ذي الحجة ١٤٤٤ 2023-07-23 23:18:41
خطبة جمعة بعنوان (التبيين لصور إشاعة الفاحشة في المؤمنين)
لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله ورعاه
سجلت ٢٦ ذي الحجة ١٤٤٤ه في مسجد السنة خنوة/مدينة القاعدة/محافظة إب حفظها الله وسائر بلاد المسلمين
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]
أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)}[النور :19].
توعد الله سبحانه وتعالى بالعذاب الأليم في شأن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وهذا الوعيد الشديد الذي ذكره رب العالمين سبحانه وتعالى هو في شأن من أحب بقلبه أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، بمجرد محبة القلب وإن لم يحصل قول ولا فعل، فبمجرد أن يحب الشخص أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا فهو متوعد بالعذاب الأليم، فكيف إذا أشاعها بقوله أو أشاعها بفعله فإن الامر أشد وأشد، فمن أحب أن تشاع الفاحشة في أوساط المؤمنين فهو متوعد بالعذاب الأليم، فإن أشاعها بقوله فهذا أشد، وإن أشاعها بقوله وفعله فذلك أشد وأشد، والإشاعة بمعنى الإذاعة، وبمعنى النشر، فلا يكون العبد كذلك، لا يسعى في إشاعة الفاحشة في أوساط المؤمنين، ولا يحب ذلك فإن الله سبحانه وتعالى حذر من ذلك في هذه الآية، إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون، وإشاعة الفاحشة لها صور متعددة وصور متنوعة، من جملة ذلك إشاعتها بالقول أي بالتحدث بالقذف، أن يقذف المسلم غيره من المسلمين بالفاحشة، فيفتري على أخيه المسلم من غير حجة ولا برهان، وإنما مجرد بهتان، ليس له مستند صحيح، وليس له برهان صحيح مستقيم، وهذه كبيرة من كبائر الذنوب، {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ}[النور:11].
فسماه الله سبحانه وتعالى إفكا، وقال وتعالى في كتابه الكريم:{ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)}[النور:23،25].
توعدهم الله سبحانه وتعالى بالعذاب العظيم في الدنيا وفي الآخرة، الذين يرمون المحصنات: أي العفيفات، الغافلات : أي عن الزنا والفاحشة، لم يخطر هذا في قلوبهن.
وهكذا من قذف الرجال المحصنين الغافلين فإنه واقع في كبيرة من كبائر الذنوب، فهذا إفك وهذا بهتان عظيم، ومن وقع في ذلك فقد وقع في كبيرة من كبائر الذنوب، في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال:" اجتنبوا السبع الموبقات وذكر منها وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات.
فذكر القذف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، فهي من الموبقات أي من المهلكات، فالواجب على العبد أن يحفظ لسانه عن أعراض المسلمين، فلا يقذف غيره بفاحشة فإن ذلك كما عرفنا من الأمور الموبقة، ومن الأمور المهلكة، ومن أسباب العذاب العظيم، كما تلوناه في الآية السابقة من كلام الله عز وجل، ويدخل في ذلك من تيقن الفاحشة لكن ليس عنده برهان، في الصورة الأولى من قذف وهو من الكاذبين الذين ما عندهم علم بذلك، وإنما مجرد بهتان وافتراء من غير حجة تدل على ذلك، وهو يعلم عن نفسه أنه من الكاذبين المفترين على عباد الله عز وجل، وفي هذه الصورة من شاهد الفاحشة بعينه، شاهدها بعينه وتيقن حصول الفاحشة لكن ما عنده الشهود على تلك الفاحشة، فإن نشرها وأشاعها فيدخل في قوله سبحانه وتعالى : إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون، فليس له أن يتحدث بشيء رآه وشاهده وليس له برهان ليس له شهادة لم يشهد عليها الشهود، لم يأتي بأربعة شهود رأوا تلك الفاحشة، فإن ربنا سبحانه وتعالى يقول:{لَّوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَٰئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13)}[النور:13].
هو كاذب وإن شاهد الفاحشة بعينه إذا لم يأتي بأربعة شهداء، لا يقل قد شاهدت ذلك بعيني هل أكذب عيني أنت عند الله من الكاذبين، إذا لم تأتي بأربعة شهداء، لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون، {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)}[النور:4]
وإن شاهد الفاحشة بعينه ولم يأت
بأربعة شهداء فأمرنا ربنا سبحانه وتعالى أن نرد شهادته، وألا نقبل منه الشهادة أبدا في أي قضية من القضايا، وفي أي أمر من الأمور ولو شاهد ذلك بعينيه، لكنه لم يأتي بأربعة شهداء فلا نقبل له شهادة أبدا في أي أمر من الأمور وهو عند الله عز وجل وفي حكم الله وفي شريعته من أهل الفسق لوقوعه في كبيرة من كبائر الذنوب، وذلك أن الذي يحبه رب العالمين سبحانه لهو الستر والتوبة إليه، أن يتوب العبد مما وقع فيه من الفواحش، وأن يستر على نفسه، وهكذا أن يستره الناس مع النصيحة، الستر مع النصيحة، فالستر هو المطلوب، وإشاعة الفواحش فيها ما فيها من الضرر على المجتمعات وعلى المسلمين عموما، في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:" ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة.
وفي مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:" ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة.
فلا تشاع الفواحش في أوساط المسلمين، ولا يتحدث الناس عن غيرهم فلان حصل منه كذا وفلان حصل منه كذا، سواء كان من قبيل البهتان الظاهر البين أو لم يكن عند الشخص الشهداء الذين يشهدون بذلك، فإن هؤلاء عند الله عز وجل وفي حكم الله وفي شريعته من الكاذبين كما أخبرنا بذلك ربنا سبحانه وتعالى، لا يستهن العبد بهذا الأمر العظيم فيما يتعلق بإشاعة الفاحشة في أوساط المسلمين، والتحدث عن أعراض الناس، والخوض في أعراض الناس بغير حجة ولا برهان، والحجة في ذلك هي أربعة شهداء، لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإن لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون.
وهنالك حجج أخرى لكن هذه الحجة هي التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في الآية التي تلوناها وإن كانت الفاحشة تثبت أيضا بالإقرار، إذا أقر الشخص على نفسه عند قاض من قضاة المسلمين، وهكذا الحمل إذا كانت المرأة ليست ذات زوج ولم تكن أمة مع سيدها، فعلى كل من لم يأت بالبرهان الشرعي فهو عند الله سبحانه وتعالى من الكاذبين، إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا، وأن يهدينا إلى الصراط المستقيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: اعلموا معاشر المسلمين أن من صور إشاعة الفاحشة في أوساط المؤمنين أن يتلقى العبد أخبار الفاحشة، وينقل الخبر في أوساط الناس وإن لم يكن هو الذي ابتدأه، فلا يكن العبد ناقلا لخبر غيره، فلا يقل الناس يتحدثون بكذا، وأن فلانا حصل منه كذا، وأن فلانة حصل منها كذا، وسمعت فلانا يقول كذا وكذا، وأنه شاهد فلانا وفلانة، وما إلى ذلك من تلقي الأخبار في هذا الأمر، فإن هذا من إشاعة الفاحشة، وقد نهى عن ذلك رب العالمين سبحانه تعالى، لا تبتدئ الكلام من جهة نفسك لا كاذبا ولا متيقنا، لا كاذبا مفتريا حتى ولو كنت متيقنا ولم تأتي بأربعة شهداء فإنك من الكاذبين في حكم الله عز وجل، ولا تنقل الخبر عن غيرك، ولا تقل فلان قال كذا وكذا، وسمعت الناس يتحدثون بكذا، فإن ربنا سبحانه وتعالى يقول:{إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16)يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (17)}[النور:15،17].
فهذا أمر عظيم عند الله عز وجل، تتلقى الخبر من جهة الناس ثم تلقي الخبر إلى غيرك، وتتحدث بلسانك في أمر ليس لك به علم ولا حجة ولا برهان، وإنما قال الناس كذا، وسمعت الناس يتحدثون بكذا، وأنه فلانا حصل منه كذا، وفلانة حصل منها كذا وكذا، فهذا لا يجوز ولا تستهن بهذا الأمر، لا تظن أن هذا الأمر من الأمور الهينة هذا أمر عظيم، عند الله عز وجل، {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (17)}
فلا تكن نقالا للأخبار في هذا الأمر ولا في غيره، لا تنقل أخبار الناس، لا تنقل الباطل، لا تنقل الإفك، لا تنقل البهتان، نزه لسانك وظن بالمؤمنين خيرا، {لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ (12)}[النور:12]
فظن بالمؤمنين خيرا كما تظن بنفسك الخير، ظن بغيرك الخير، ولا تظن السوء بأخيك المسلم خيرا.
وهكذا من صور إشاعة الفاحشة في أوساط المؤمنين: أن يتحدث الإنسان بما يحصل منه ويذكر أخباره للناس وهذا من السفه، ومن هتك الأستار، ومن أسباب أشاعتها في أوساط الناس، فإن هذه الأخبار إذا ذكرت وانتشرت هاجت النفوس المريضة إلى فعلها، واستن الغير بالغير في فعلها، فلا يتحدث الإنسان عن نفسه وما يفعل فإن هذا من الأمر المنكر، ومن إشاعة الفاحشة، ومن المجاهرة بالذنوب والمعاصي، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة:" كل أمتي معافى إلا المجاهرين. بمعنى أن الله سبحانه وتعالى قد يعفو عن العبد ويتجاوز عنه إذا ستر على نفسه وستر الله عليه، كما في حديث ابن عمر في الصحيحين أن الله عز وجل يقول للعبد يوم القيامة: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم.
فالمستور معافى قد يعفى الله عنه ويتجاوز عنه، وإذا جاهر بذنبه ومعصيته فليس بأهل لذلك، وذلك من أسباب إشاعة الفاحشة في أوساط المسلمين.
ومن صور ذلك: أن يبحث الإنسان وينقب عن أحوال الناس، ويتجسس وينظر ويريد أن يقرر الشخص على وقوعه في الفاحشة، ويباحث الخبر حتى يقر بوقوعه في الفاحشة ثم يشيع الخبر بعد ذلك وهذا مما لا يجوز، فإن هذا الأمر كما عرفنا يحب الله سبحانه وتعالى فيه الستر، ولما جاء ماعز إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأخبره بوقوعه في الفاحشة أعرض النبي عليه الصلاة والسلام حتى أقر أربعا، وفي كل مرة وهو يعرض عنه ويقول لعلك فعلت كذا لعلك نظرت لعلك غمزت لعلك كذا وكذا ويعرض عنه النبي عليه الصلاة والسلام لأن المطلوب في هذا الأمر هو الستر، أن يستر الإنسان عن نفسه فكيف ينقب الإنسان عن خبر غيره، ويريد من غيره أن يقر على نفسه بكثرة المباحثة والمجادلة والحديث والكلام ثم تشاع بعد ذلك الفاحشة في أوساط الناس ويشاع الخبر في أوساط الناس فإن هذا من إشاعة الفاحشة وهذا مما لا يجوز، والأصل في ذلك هو الستر، ومن وجد من غيره شيئا من ذلك فيزجر وينهى، الزجر الذي يمنعه من ذلك من غير إشاعة الفاحشة في أوساط المسلمين، والدين النصيحة كما أمرنا بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام.
وهكذا من أسباب إشاعة الفاحشة: الأغاني الماجنة فإن من نشرها في أوساط الناس فقد سعى في إشاعة الفاحشة في أوساطهم، فإنها من أسباب الفواحش، وهكذا نشر الصور المنكرة الخليعة، والفيديوهات المنكرة الخليعة فإنها إذا انتشرت في أوساط الناس هاجت الشهوات المحرمة، واتجه كثير من الناس إلى ما حرم الله عز وجل وكان ذلك من أسباب انتشارها في أوساط الناس، وكل ذلك مما لا يجوز ومما نهى الله عنه، والله سبحانه وتعالى يقول :{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)}[النور:19]
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقة وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، ربنا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، الحمد لله رب العالمين.