الرئيسية / الفتاوى / فتاوى التفسير/كيف الجمع بين آية النهي عن الاستغفار للمشركين، وقول النبي صلى الله عليه وسلم عن عمه هو في ضحضاح من نار ؟
كيف الجمع بين آية النهي عن الاستغفار للمشركين، وقول النبي صلى الله عليه وسلم عن عمه هو في ضحضاح من نار ؟ 2023-01-25 09:02:35


السؤال : 

كيف الجمع بين آية النهي عن الاستغفار للمشركين، وقول النبي صلى الله عليه وسلم عن عمه

" هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، لَوْلاَ أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ "[1]

 

الجواب: 

المراد  بالنهي عن الاستغفار للمشركين  أن يدعو العبد ربه سبحانه وتعالى بأن الله عز وجل  يغفر ذنب المشرك   وأن يكفر عنه ويتجاوز عن ذنب شركه فيصير من  أهل الجنة ،  هذا هو المقصود  ، أما ما يتعلق باستغفار التخفيف فهذا غير  داخل في النهي ،  ما يتعلق بسؤال التخفيف  ، فإذا كان المراد بذلك التخفيف فهذا لا يدخل في النهي الذي نهى به رب العالمين سبحانه وتعالى نبيه عليه الصلاة والسلام ،  أما أن يدعو للمشركين بالمغفرة  ، أن الله عز وجل يغفر  ما فعلوه من الشرك ومن الكفر ،  بحيث أن يتجاوز الله عز وجل عنهم تلك السيئات العظام ويصيروا من أهل الجنة وينجوا من عذاب لله ، فهذا الذي ينهى عنه ،  أما ما يتعلق بالتخفيف فلم ينهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام ولهذا دعا   لعمه ابي طالب ،  وما يتعلق بقول النبي عليه الصلاة والسلام كما جاء عند البخاري رحمه الله  قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: « اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ» فهذا محمول كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء على معنى التجاوز عن العقوبة في  الدنيا اللهم اغفر لقومي أي :  لا تنزل عليهم العقوبة في الدنيا ، لا تعجل لهم بالعقوبة في الدنيا ، فإنهم لا يعلمون ،  وليس المراد بذلك الاستغفار لهم  في الدنيا والآخرة ،  وأن الله يتجاوز عنهم في الدنيا وفي الآخرة ،  ونظير  ذلك قول الله عز وجل : "  وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا " فهو غفور ذو رحمة لا يعجل العذاب مع أن أولئك القوم الذين لم  يعجل لهم العذاب ربما يكونوا من الكافرين من المخلدين في نار جهنم فهو غفور لهم ،  ورحيم بهم ، لم يعجل لهم العذاب في الدنيا وقد يكون مآلهم في الآخرة إلى الجحيم ، فهناك مغفرة تتعلق بالدنيا فقط ، ورحمة تتعلق في الدنيا ، يرحم الله عز وجل قومًا ويغفر لهم بأن لا  يعجل لهم العقوبة في الدنيا ، لا مغفرة  للذنوب مطلقًا في الدنيا وفي الآخرة ،  فقوله : ( اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون )  على معنى هذا الأمر أي : لا تعجل لهم العقوبة في الدنيا كما هو أيضًا في الآية ،  أما الاستغفار الذي يراد به مغفرة الذنوب بحيث لا يؤاخذ العبد بالذنب لا في الدنيا ولا في الآخرة فهذا لا يكون لمن كان مشركًا ،  ومن مات على الشرك أيضا لا يستغفر له ،  " مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى "  ولا فرق بين الاستغفار وبين الترحُّم فالباب واحد ،  فإذا قال شخص لآخر : اللهم ارحم فلانا  فهو بمعنى أدخله الجنة لا تؤاخذه بذنبه اغفر له ذنبه ،  فإذا رحم الله عز وجل العبد أدخله الجنة ،  وتجاوز عن سيئاته ،  فإذا قال الشخص في حق كافر مات على الكفر :  اللهم اغفر له أو قال : اللهم ارحمه  فالمؤدى  واحد إن غفر الله له أدخله الجنة ، وإن رحمه الله غفر له وأدخله الجنة ،  فالباب واحد  وما يتعلق بشفاعة التخفيف  فهي  خاصة بالنبي عليه الصلاة والسلام ما هي في غيره. لكن مع هذا لا تُعَارَض الأدلة ، ما في معارضة للأدلة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] أخرجه البخاري عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ ... وذكره .


جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي