الرئيسية / الفتاوى / الفتاوى المتنوعة/ما نصيحتكم لمن يستدل بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لَا تَكْتُبُوا عَنِّي، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ " على رد الأحاديث النبوية ؟
ما نصيحتكم لمن يستدل بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لَا تَكْتُبُوا عَنِّي، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ " على رد الأحاديث النبوية ؟ 2023-12-09 22:33:17


السؤال :

ما نصيحتكم لمن يستدل بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لَا تَكْتُبُوا عَنِّي، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ " على رد الأحاديث النبوية ؟

الجواب :

هذا الاستدلال من الاستدلالات الباطلة، والعلماء وجهوا هذا الحديث على أول الأمر حتى لا يختلط القرآن بغيره فكان هذا في أول الأمر نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن ذلك في أول الأمر حتى لا يختلط القرآن بغيره، ثم بعد ذلك أذن لعبدالله بن عمرو بن العاص كما عند أبي داود رحمه الله، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدُ حِفْظَهُ، فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ وَقَالُوا: أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ، وَالرِّضَا، فَأَمْسَكْتُ عَنِ الْكِتَابِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى فِيهِ، فَقَالَ: «اكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا حَقٌّ».

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ»، قَالَ الْوَلِيدُ: فَقُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ: مَا قَوْلُهُ: اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «هَذِهِ الْخُطْبَةَ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه ضمن حديث طويل ، واستقر الأمر على هذا ، على كتابة أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام ، فالنهي إنما كان في أول الأمر حتى لا يختلط القرآن بغيره، فلما أُمنت هذه المفسدة أذن النبي عليه الصلاة والسلام بكتابة الحديث فأذن لعبدالله بن عمرو بن العاص أن يكتب وأمر من يكتب بذلك لأبي شاة، وغير ذلك من الأدلة الواردة في الباب وهذا الذي استقر عليه إجماع العلماء، وهو مشروعية كتابة الحديث النبوي.

على أن الإمام البخاري رحمه الله وغيره يرجح وقفه على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في [فتح الباري] (1/ 208):

((وَمِنْهُمْ مَنْ أَعَلَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ وَقَالَ الصَّوَابُ وَقْفُهُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ)).

وعلى كل حال كما عرفنا قد دلت الأدلة على مشروعية كتابة الحديث وإذا لم يكتب الحديث لضاعت السنة ولكثرت الأكاذيب، فلو كان الحديث لم يكتب لضاع الدين يضيع والسنة ولا يميز الناس بين الصحيح والضعيف، وبين ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام وما كان مكذوبا عليه، وما ميزت هذه الأمور إلا بعد أن دونت الأحاديث بأسانيدها، وألف العلماء كتب الرجال حتى يعرف حال أولئك الرجال من حيث العدالة والضبط وألفوا كتب العلل وتكلموا على الأمور الخفية من علل الحديث، وألفوا كتب المصطلح فحفظ الله عز وجل السنة لو كان الأمر بخلاف ذلك لضاعت السنة، وإذا ضاعت السنة فإن الدين يضيع، فإن السنة مفسرة للقرآن وموضحة ومبينة له، وكثير من أحكام الشريعة جاء تفصيلها في سنة النبي عليه الصلاة والسلام، وإن كان بعضها جاء في القرآن لكن على سبيل الإجمال وذلك فيما يتعلق بالحج والعمرة وفيما يتعلق بالصلوات وفيما يتعلق بالزكاة والصيام وغير ذلك من الأمور العظام من أمور الإسلام جاءت مجملة في القرآن وجاءت مفسرة مبينة في سنة النبي عليه الصلاة والسلام .



جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي