ما نصيحتكم لمن يقوم بالحجز في الصف الأول ثم يترك المكان ويعود إليه بعد فترة ... الخ؟ 2023-12-27 03:24:28
السؤال :
ما نصيحتكم لمن يقوم بالحجز في الصف الأول ثم يترك المكان ويعود إليه بعد فترة طويلة، وإضافة إلى ذلك ربما حجز لغيره بجواره وهو غير موجود في المسجد فما نصيحتكم لمن يفعل هذا ؟
الجواب :
النصيحة أن يتقي العبد ربه سبحانه وتعالى، والمساجد جعلها الله عز وجل للمسلمين عموما فلا يتملك الشخص موضعا على الدوام وهي لمن سبق، فأماكن المسجد هي لمن سبق ببدنه ، لا بسجادته أو بدفتره أو بكتابه أو بحقيبته، وإنما لمن سبق ببدنه، فمن سبق ببدنه فهو أولى بذلك الموضع من غيره، ومن جلس في موضع فهو أحق به من غيره وإذا قام من مجلسه على نية الرجوع إلى ذلك المجلس فهو أحق بذلك المكان ما لم يطل الفصل وفي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ» وَفِي حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ « مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» أخرجه مسلم
فإذا قام من مجلسه على نية الرجوع يقضي غرضا قريبا ويريد أن يرجع كأن يجلس في الصف الأول ثم يحتاج إلى أن يقضي حاجته فيذهب ويقضي حاجته ويرجع إلى ذلك الموضع، أو أحدث فاحتاج إلى الوضوء فذهب ليتوضأ ويرجع إلى موضعه فهو أحق بذلك الموضع من غيره لقوله عليه الصلاة والسلام : « مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» فإذا كان الخروج لحاجة من الحاجات وهي حاجة قريبة فلا بأس بذلك، سواء وضع شيئا في مجلسه أو لم يضع، هو أحق بذلك المجلس، وإن وضع شيئا فلا بأس وإن لم يضع شيئا فهو أحق بذلك الموضع، وهذا كما عرفنا إذا ذهب لحاجة وكان ذلك عن قرب ويزول حقه بالصلاة، فإذا أقيمت الصلاة ودخل الناس في صلاتهم فيزول حقه من ذلك الموضع، وبعد الصلاة لا يقول: ذلك الموضع لي، فإنَّه قد زال حقه بالصلاة فلا يأتي بعد الصلاة ويقول ذلك الموضع لي كان لي قبل الصلاة ؟! نعم كان لك قبل الصلاة أما بعد الصلاة فليس لك بل لمن سبق إليه بعد الصلاة فيكون لمن سبق، فأما أن يبقى الإنسان حاجزا لموضع في المسجد في الصلوات الخمس هذا ليس بصحيح، فينبغي مراعاة مثل هذه الأمور، وهكذا لا يشرع للشخص أن يحجز لغيره فيسبق ببدنه في موضع ويحجز لغيره ليس هذا بصحيح، فلا تحجز لا لنفسك ولا لغيرك اسبق ببدنك فإن سبقت ببدنك فأنت أحق بذلك المجلس، ولا تحجز لغيرك فإن هذا من الظلم والظلم لا يجوز وذلك الموضع الذي قمت بحجزه هو موضع اغتصبته بغير حق، ومن سبق إليه فهو أولى به، فلا يجوز للشخص أن يحجز لغيره وإنما يحجز لنفسه ببدنه، نعم له يقوم لغيره، فيسبق في موضع ويجلس فيه فإذا جاء غيره يقوم له ويجعله يجلس في ذلك الموضع الذي كان له، فهذا مما لا يحرم، لكن كون الإنسان يضيع على نفسه الفضيلة فضيلة الصف الأول من أجل غيره فليس هذا بصحيح.
كذلك مما ينبه عليه أنَّ الإنسان لا يتخذ له مجلسين في المسجد، يجلس في الصف الأول ويقول: أنا أحق بهذا الموضع ثم يقوم ويجلس في موضع آخر ويحجز موضعين، ليس هذا بصحيح فإما أن ينتقل إلى الموضع الآخر ويكون فيه ولا يمنع أحدا من الموضع الأول، وإما أن يبقى في الموضع الأول ولا يمنع أحدا من الموضع الآخر فلا يجعل الإنسان له عدة مجالس يعمل له خمس مجالس وعشر مجالس فيقول: جلست هنا، وجلست هنا، هذا أنا أولى بهذا المجلس وأولى بهذا المجلس وأولى بهذا المجلس، اجعل لك مجلسا واحدا ولا تعدد المجالس، وإذا خرج الإنسان عبثا لشيء من العبث واللهو فهناك من أهل العلم من يرى أنه لا حق له بهذا المجلس ويقولون: إذا خرج لحاجة على نية الرجوع لموضعه فهو أحق بذلك المجلس من غيره.
فعلى كل حال فهذه الأشياء مما تراعى وهكذا ينبغي التأدب، ويحترم الشخص غيره، وإن حصل مثل هذه الأخطاء فينبغي أن تعالج بالتي هي أحسن والنبي عليه الصلاة والسلام يقول : " وَإِيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الْأَسْوَاقِ» أخرجه مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
فالمساجد لها احترامها فإن حصل شيء من النزاع في هذا فالإنسان يتغاضى ، يتغاضى عن حقه ولو كان له الحق ويتأدب في بيوت الله عز وجل ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فكونك تتأدب في بيوت الله عز وجل فهذا أحسن في حقك وذاك الذي اعتدى على حقك وظلمك فأجرك على الله عز وجل وينصح بالتي هي أحسن، لكن ينبغي أن تراعى حرمة المساجد، ولا تكن موضعا للشرور والمهاترات والكلام القبيح أو المضاربات فإن هذا لا يشرع في بيوت الله عز وجل، فبيوت الله أسست لإقامة الصلاة ولطاعة الله عز وجل ولعبادة الله {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} والنبي عليه الصلاة والسلام يقول : " وَإِيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الْأَسْوَاقِ».
وأمَّا ترك مجلس الصلاة وجز فيه من أجل الذهاب إلى مجلس من مجالس العلم فهذا فيه شبهة فإن تنزه عن ذلك وتركه فهو أحوط، على أنه قد يقال: إنه ذهب لحاجة لكن إن تركه فهو أحسن وأحوط في حقه حتى لا يتخذ له مجلسين في موضع واحد.