الرئيسية / الفتاوى / فتاوى الصيام/هل ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صام التسع من ذي الحجة كما جاء في بعض الروايات؟
هل ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صام التسع من ذي الحجة كما جاء في بعض الروايات؟ 2024-06-14 02:13:23


السؤال:-

 هل ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صام التسع من ذي الحجة كما جاء في بعض الروايات؟

الجواب:-

 الصواب أن ذلك لا يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- باعتبار السنة الصحيحة الخاصة، غير أنَّ الصيام من العمل الصالح، وهو داخل في عموم حديث عبدالله بن عباس: (ما من أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيَّامِ العشرِ . قالوا : يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ إلَّا رجل خرج بنفسِه ومالِه فلم يرجِعْ من ذلك بشيءٍ ) فبين النبي -عليه الصلاة والسلام- أنَّ العمل الصالح في العشر أفضل من غيره، والعمل الصالح يدخل فيه الصيام وغير الصيام، فالصيام عمل صالح، وقراءة القرآن عمل صالح، وذكر الله عمل صالح، والصلاة والإكثار من ذلك في غير أوقات الكراهة عمل صالح، فيكثر الإنسان من العمل الصالح، أما أنْ يأتي شخص يقول: أيش الدليل على الصيام؟ فيقال له: الدليل العام، أما الدليل الخاص ما في عندنا دليل لا على الصيام، ولا على قراءة القرآن، ولا على صلاة النافلة، ولا على غير ذلك، فإذاً نترك العمل الصالح بالكُلية إنْ أردنا دليلاً خاصاً لكل عبادة، ونقتصر على ذكر الله -عز وجل- لوجود الدليل الخاص على الذكر. 

لكن ما يتعلق ببقية الأعمال الصالحة من صلاة، ومن قراءة قرآن، ومن صدقة وغير ذلك من أفعال الخير أيش الدليل عليها على وجه الخصوص؟ ما عندنا إلا الدليل العام، وهذا الذي فهمه جمهور من مضى من أهل العلم، فهموا ذلك وأدخلوا الصيام في جملة العمل الصالح، إلا إذا كان الصيام يضعفه عما هو أفضل منه فيحرص على الفاضل ويترك المفضول، وكان عبدالله بن مسعود يقول: الصيام يضعفني عن قراءة القرآن، وقراءة القرآن أحب إليَّ، فإذا كان الإنسان إذا صام ضعف عمّا هو أوكد من الصيام وأفضل منه، فهنا يحرص على الأفضل وإن ترك المفضول، فعلى كلٍ الصيام من جملة الأعمال الصالحة، أمَّا قول عائشة رضي الله عنها: (أنها ما رأت النبي -عليه الصلاة والسلام- صائماً في العشر قط) فهي أخبرت عن نفسها وعن رؤيتها للنبي -عليه الصلاة والسلام- وكم كان يبقى النبي عندها؟ يبقى عندها ليلتين من تسع ليال وبقية الليالي عند غيرها من نسائه، وهي تخبر عن نفسها أنها ما شاهدت النبي -عليه الصلاة والسلام- وإلا معلوم أنَّ من جملة العشر صيام يوم عرفة مع أنه داخل في نفيها هي تقول في العشر: (ما رأيت النبي صائماً في العشر قط) فيدخل في ذلك حتى يوم عرفة، لكن يقال هنا: أخبرت عن نفسها ومشاهدتها للنبي، وإلا فإنَّ النبي -عليه الصلاة والسلام- كان أحرص الناس على الخير، ويبعد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه لم يكن يصوم يوم عرفة، بل جاءت السنة بما يدل على صيامه لعرفة، وذلك في يوم عرفة في حجة الوداع اختلف الصحابة هل هو صائم أو غير صائم؟ لو كانت عادة النبي -عليه الصلاة والسلام- عدم الصيام لما اختلفوا في ذلك اليوم في حجة الوداع، فالصحابة اختلفوا هل هو صائم أو ليس بصائم؟ فأرسلت أم الفضل بنت الخارث وفي رواية ميمونة بنت الحارث بلبن للنبي -عليه الصلاة والسلام- فشربه كما في الصحيحين، فعُلم أنَّه غير صائم، فكان ترك الصيام في عرفة سنة، من أجل التقوي على النسك، لكن هذا يدل على أنَّ النبي -عليه الصلاة والسلام- كان من عادته الصيام، ولهذا اختلفوا في حجة الوداع هل هو صائم أو ليس بصائم؟ ولو كان من عادته عدم الصيام ما اختلفوا في ذلك، فهذا يدل على أنَّ النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصوم عرفة قبل ذلك، قبل أن يأتي غير الحج، فعلى كلٍ يكفينا أنَّ النبي -عليه الصلاة والسلام- حث على العمل الصالح في العشر، ومن العمل الصالح الصيام، وهذا الذي عليه -كما عرفنا- جماهير من مضى من أهل العلم، وأما كما عرفنا إذا أراد الإنسان ينظر إلى دليل خاص في كل عبادة؛ سوف يضيع على نفسه العشر، ويُبطل عموم الحديث (ما من أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيَّامِ العشرِ . قالوا : يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ إلَّا رجل خرج بنفسِه ومالِه فلم يرجِعْ من ذلك بشيءٍ).


جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي