الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /البيان الصريح لخطورة من زين له عمله القبيح
البيان الصريح لخطورة من زين له عمله القبيح 2022-12-31 16:06:44


*خطبة جمعة بعنوان:( البيان الصريح لخطورة من زين له عمله القبيح)*
 
*لشيخنا المبارك: أبي بكر بن عبده بن عبدالله الحمادي حفظه الله*
 
*سجلت بتأريخ ٣٠/ ربيع الأول/١٤٤٣ هجرية.*
*مسجد المغيرة بن شعبة*
 
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]
أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
 
 يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105)}[الكهف:105،103].
يقول سبحانه وتعالى قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم
يحسنون صنعا، فهؤلاء هم أشد الخلق خسارة، الذين عملوا الأعمال الكثيرة في الحياة الدنيا، وتعبوا وأصابتهم المشقة والنصب، وهم في أنواع العبادات، لكنها عبادات غير مشروعة، لم يأمر الله سبحانه وتعالى بها، وليست على هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام، فعملوا وعملوا وضل سعيهم، ولم يؤجروا على أعمالهم التي عملوها في الدنيا، وربما يبقى العامل يعمل سبعين سنة، أو ستين سنة، أو ثمانين سنة، وهو من كد وتعب، فرغ نفسه بأنواع من العبادات، وترك كثيرا من شهوات الدنيا ومن ملذاتها من أجل أن يتفرغ لبعض العبادات، ويلقى ربه سبحانه وتعالى بالسيئات، وليس له شيء من الحسنات،{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) }[النور:39].
يظن أنه قد عمل شيئا، يظن على أنه قد تقرب من ربه سبحانه وتعالى بأنواع القرب، يظن أن له حسنات تكون سببا في نجاته من عذاب الله عز وجل، وتكون سببا في دخوله الجنة، فيأتي يوم القيامة وينظر إلى تلك الحسنات ويجد حسنات كثيرة، يشاهد بعينيه الحسنات الكثيرة، فإذا ما قرب منها لم يجدها شيئا، لم يجدها شيئا كالسراب الذي ينظر الإنسان إليه في شدة الحر مع شدة عطشه وحاجته إلى الماء، يكاد أن يهلك من العطش، فينظر إلى موضع بعيد بعينيه فيرى السراب ويظنه الماء، فيفرح فرحا شديدا لأنه قد رأى ما فيه نجاته من من هلاكه، فإذا ما وصل إلى ذلك الموضع فإذا هو سراب، فيزداد غما إلى غمه، ويزداد حسرة مع تحسره، وهكذا العبد الذي يعمل الأعمال الكثيرة التي لا يقبلها رب العالمين سبحانه وتعالى، أتعب نفسه وجد واجتهد، وصبر على كثير من الأعمال الأزمان الطويلة فيأتي ربه سبحانه وتعالى ويظن أن تلك الأعمال قد ادخرت له عند ربه سبحانه وتعالى، فإذا هي كسراب بقيعة لا يجد شيئا من مما عمل في الدنيا من الأعمال التي ظنها أنها أعمال صالحة، ووجد السيئات مجردة، ليس فيها شيء من الحسنات، نظر إلى سيئاته فوجدها بين يديه، ووجد ربه سبحانه وتعالى فأسرع الله سبحانه وتعالى بعذابه وهلاكه والعياذ بالله، فليحذر العبد غاية الحذر من أن يكون من هؤلاء، والآية وإن وردت في شأن أهل الكتاب، في شأن اليهود والنصارى فهي أيضا شاملة لمن كان حاله كحالهم، فإن اليهود والنصارى وإن انشغلوا ببعض العبادات كما عليه الرهبان، وربما يبقى الشخص منهم معتكفا في صومعته العمر الطويل، قد ترك الدنيا وترك أهل الدنيا، وأقبل على العبادة، لكنها عبادة ليست على دين الله، وليست على شرع الله سبحانه وتعالى، هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، هذه هي الحسرة العظيمة، هذه هي أعظم الحسرات، وهذا هو أعظم الغم والهم، أن يلقى العبد ربه بأعمال غير مقبولة، وإنما يقبل الله سبحانه وتعالى من العمل ما كان خالصا لوجهه، على سنة نبيه عليه الصلاة والسلام، قال سبحانه وتعالى:{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ }[الملك:2].
ولم يقل ليبلوكم أيكم أكثر عملا، والعمل الحسن هو ما كان خالصا لوجه الله عز وجل، وعلى وفق سنة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، لايكفي أن تكون مخلصا لله عز وجل، ولا تتابع نبيك عليه الصلاة والسلام، فإن هذا عمل غير مقبول، فلابد في العمل من الإخلاص لله عز وجل، وأن يكون على هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإلا دخلت في قوله سبحانه وتعالى، أو نالك شيء من قوله سبحانه وتعالى:{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)}
فمهما عملت من الأعمال التي ما عملها رسول الله عليه الصلاة والسلام فإن ذلك لا يقبل منك، إن صمت صياما ما أمر به رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولم يفعله رسول الله عليه الصلاة والسلام فإنه لا يقبل منك، إن ذكرت الله عز وجل بطريقة لم تكن من هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام فإن ذلك لا يقبل منك، إن صليت صلاة لم تكن على هدي رسول الله الصلاة والسلام، ما فعلها رسول الله عليه الصلاة والسلام ولم يأمر بها رسول الله عليه الصلاة والسلام فإن ذلك لا يقبل منك، مهما كثرت هذه الأعمال، وتعددت، ومهما صبرت على فعلها وأذائها، ومهما قضيت الأزمان الطويلة في فعلها وتفصيلها فإن ذلك لا يقبل منه، قال عليه الصلاة والسلام كما رواه البخاري ومسلم عن حديث عائشة رضي الله عنها:"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"البخاري (2697)، ومسلم (1718).
وفي مسلم " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.
لابد أن يكون العمل عليه أمر رسول الله. عليه الصلاة والسلام، لابد أن يكون العمل من هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإلا كان مردودا كما أخبرنا بذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام، فليحذر المسلم غاية الحذر، وليخشى على نفسه من هذه الآية العظيمة، قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضم سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، في حسبانهم وفي نظرهم وفي عقولهم أنهم قد أحسنوا العمل، أحسنوا العمل وهم سعداء في نفوسهم، قد أصابهم الفرح بتلك الأعمال التي يقومون بها في دنياهم، وإذا ما لقوا ربهم سبحانه وتعالى لم يجدوا شيئا، لأنها أعمال ليست على شريعة الإسلام، ليست على هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام، خذ عملك من كتاب ربك، ومن سنة نبيك عليه الصلاة والسلام، لا تأخذ العمل بعقلك وهواك، لا تستحسن بعقلك ما شئت، لا تستحدث بعقلك ما شئت، وتنفرد بذلك وتخالف الشريعة، لا تجعل عقلك هو الحكم فيما يستحب وفيما يكره، وإنما حكم شريعة الله عز وجل، في أقوالك، وأفعالك، واعتقاداتك، فما كان من هدي رسول الله عليه الصلاة تتحرص عليه، فاحرص عليه غاية الحرص، وكن مخلصا لربك سبحانه وتعالى فيه، وما لم يكن من هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام، فليكن بينك وبينه بعد المشرقين حتى تفلح، ولا تكن من الخاسرين الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعا، قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
اسأل الله عز وجل أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، واستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم.
 
الخطبة الثانية
 
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
قال سبحانه وتعالى:{كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122)}[الأنعام:122].
 
{كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12)}[ يونس:12].
فهؤلاء قوم زينت لهم أعمالهم، أعمالهم التي هي على خلاف شريعة الإسلام، زينت لهم فرأوا ذلك العمل حسنا، فاتجهوا إليه وعملوا به، وقضوا أعمارهم في فعله وهو عمل قبيح، لا هو على شريعة الله عز وجل، ولم يأمر به رب العالمين سبحانه وتعالى، ولا فعله نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام، {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ }[فاطر:8].
أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا: فهذا كيف تهديه، كيف تهديه وقد زين له سوء  عمله، العمل القبيح الذي يقوم به يراه شيئا حسنا، إن جئت تنهاه ففي ظنه أنك تنهاه عن الحسن وتأمره بالقبيح، اختطلت عليه الأمور، واضطربت عليه الأمور، فهذا لا حيلة لك في هدايته،
{أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)}.
فهذه الأمور العظيمة من رب العالمين سبحانه وتعالى، أن يزين للشخص العمل القبيح ويظهر له بمظهر الحسن، فإن من كان كذلك لا يتوب إلى ربه سبحانه وتعالى، بعكس من علم أنما هو فيه من العمل شيء قبيح، فإنه سرعان ما يتوب إلى ربه سبحانه وتعالى، كالذي الذي يقع في الذنوب والمعاصي يعلم أن ذلك شيء لا يجوز، وأنه محرم، ولا تزال نفسه تؤنبه حتى يتوب إلى ربه سبحانه وتعالى إن وفقه الله سبحانه وتعالى لذلك، لكن من رأى الشيء القبيح بالمنظر الحسن فهذا لا يكاد أن يتوب إلى عزوجل إلا أن يشاء رب العالمين سبحانه وتعالى شيئا، فقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن، والتزين قد يكون من باطن الإنسان، وقد يكون من أمر خارجي، فتزين الأمور فتكون من باطن الإنسان، وقد تكون من الأمر الخارجي،{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14)}[آل عمران:14].
فنفوس الناس تتجه إلى هذه الأمور،وهذا الأمور مزينة في نفوس الناس، ومبهرجة في نفوس الناس، ومن الناس من يتجه إلى هذه الزينة وينسى الآخرة وهذا من الخاسرين، ومن الناس من يأخذ من هذه الزينة مالا يلهيه عن الآخرة، ويستعين بها على طاعة الله عز وجل، فهذا ليس بخاسر، بل فعل ما يشرع من ذلك، وإلا فإن هذه الأمور مزينة في النفوس، زينة مزينة من جهة القلوب، ومن جهة النفوس، وهنالك من التزين ما يكون تزينا خارجا من جهة شياطين الجن، وشياطين الأنس، فإنهم يزينون الباطل للناس فيظهرونه بمظهر الشيء الحسن، سواء كان من شياطين الجن، أو من شياطين الإنس، وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم، الشيطان يزين للناس الشيء القبيح، ويظهر الشيء القبيح بمظهر الحسن، قال سبحانه وتعالى:{وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ ۖ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137)}[الأنعام:137].
فبين الله سبحانه وتعالى أن الشركاء هم الذين زينوا للمشركين قتل أولادهم، والشركاء هم الشياطين على قول جماعة من أهل العلم، زينوا لهم هذه المعصية، وهذه الجريمة الشنيعة، يقتل ولده ويرى أن ما فعله حسنا، يأتي بهذه الجريمة المنكرة يسفك الدم الحرام ودم من؟ دم ولده، سواء كان من الإناث أو كان من الذكور، فإن من أهل الجاهلية من كان يقتل الكل خشيت الفقر، ومنهم من كان يقتل الإناث دون الذكور خشيت العار وكل هذا من تزين الشيطان، يقدم على هذه الجريمة الشنعاء ويرى ذلك من الأمور الحسنة، لبس عليهم الشيطان دينهم، وكانوا قبل ذلك على دين إسماعيل عليه الصلاة والسلام، على دين إسماعيل وعلى الحنيفية، لكن الشيطان لبس عليهم الدين، فغيروا وبدلوا وصاروا يفعلون المنكر والجرائم العظام ويرون أن ذلك من الأمور الحسنة، ومما يتقربون بها إلى الله عز وجل، وكذلك زينا لك أمة عملهم، الخير والشر مزين، الخير مزين من جهة الملائكة، زينه الله عز وجل بواسطة الملائكة، وبواسطة الأنبياء والرسل، وبواسطة دعاة الخير، والعمل السيء أيضا مزين لكن من جهة شياطين الجن وشياطين الإنس، فالواجب على الشخص أن لا يفتح سمعه للشياطين الذين يلبسون على المرء دينه، لا يفتح سماعه لشياطين الجن وشياطين الإنس، ويأخذ دينه من كتاب ربه، وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، ولما انتشرت هذه الشبكات انتشر كثير من الشر، وصار كثير من الناس يفتحون أسماعهم لكثير من المبطلين، ويفتحون أسماعهم لأصحاب الشبهات الذين يشككونهم في دينهم، يشككونهم في الأمور اليقينة الأمور المجزومة، فيبقى العبد مشكاكا في دينه بعد أن كان متيقينا، وكل ذلك بسبب أنه فتح أذنيه لأهل الباطل، يسمع لهؤلاء، ويسمع لهؤلاء، وكم من شخص يتكلم باسم الدين وهو من المنافقين، في المسند(1/86) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ أخوَفَ ما أخافُ علَى أمَّتي كلُّ مُنافقٍ عَليمِ اللِّسانِ.
قد يكون هنالك من المنافقين من يتكلم باسم الإسلام ويريد أن يشكك الناس بالإسلام، روى البخاري(5767)
 من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ من الـبَيَان لسِحْرًا، أو: إنَّ بعْضَ الـبَيَان لسِحْرٌ.
ويقول سبحانه وتعالى:{وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ۗ}[التوبة:47].
أي المنافقين،{لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47)}.
أهل النفاق يبغون الفتنة في أوساط المسلمين، ومن أهل الإسلام من يسمع لهم ومن يفتح أذنيه، فإياك إياك أن تفتح أذنيك لأهل الباطل وللمنافقين، فإنك إن فعلت ذلك ربما زينوا لك الباطل ولبسوا عليك الباطل بلباس الحق، فرأيت الباطل حقا فزين لك سوء عملك فتخسر الخسران المبين
 ،اسأل الله عز وجل أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، اللهم اهدنا إلى الصراط المستقيم وجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والأخرة، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.



جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي