الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /تبصير العميان بما في البيت الإبراهيمي من أنواع الكفران ١١ شعبان ١٤٤٤
تبصير العميان بما في البيت الإبراهيمي من أنواع الكفران ١١ شعبان ١٤٤٤ 2023-03-05 20:38:02


خطبة جمعة بعنوان (تبصير العميان بما في البيت الإبراهيمي من أنواع الكفران)


لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله وبركاته


سجلت بتاريخ ١١شعبان 

١٤٤٤ه‍

مسجد السنة 🕌 الأكمة مدينة القاعدة /محافظة إب 


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم.

 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].

 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]

أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ۙ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ ۚ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (57)وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ (58) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ (60)}[المائدة:51،60].

في هذه الآيات المباركات ينهانا ربنا سبحانه وتعالى أن نتولى اليهود والنصارى، وأن نسارع فيهم، ويأمرنا ربنا سبحانه وتعالى أن نتولاه، وأن نتولى رسوله، وأن نتولى المؤمنين، هكذا يأمرنا ربنا سبحانه وتعالى فلا يجوز لنا أن نتولى أعدائنا من اليهود ومن النصارى ومن سائر الكافرين،{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73)}[الأنفال:73]

قال :{لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ}[المجادلة:22].

فولاية اليهود والنصارى وسائر الكافرين محرم في دين الله عز وجل، وموالاة رب العالمين سبحانه وتعالى وموالاة رسوله الكريم وموالاة سائر المؤمنين من الواجبات العظام التي أوجبها علينا رب العالمين سبحانه وتعالى.

معاشر المسلمين : إن من صور الموالاة لأعداء الله عز وجل من اليهود والنصارى ما وجد في هذه الأيام وانتشر فيما يسمى بالبيت الإبراهيمي، الذي يراد به التسوية بين الإسلام وبين اليهودية وبين النصرانية، وأنهم على حد سواء، وأنهم على ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهذا كفر برب العالمين سبحانه وتعالى، فإن إبراهيم عليه الصلاة والسلام بريء من اليهود ومن النصارى، ملة إبراهيم مخالفة ومناقضة لملة اليهود والنصارى، قال سبحانه وتعالى:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنجِيلُ إِلَّا مِن بَعْدِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65) هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67)إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا ۗ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)}[آل عمران:65،68].

زعمت اليهود أن إبراهيم كان منهم، وزعمت النصارى أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان منهم، فأنكر الله سبحانه وتعالى عليهم هذا الكذب، وبين سبحانه وتعالى أن هذا من أبطل الباطل، وأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لم يكن يهوديا، ولم يكن نصرانيا، وكيف يكن يهوديا أو نصرانيا وهو قبل اليهود والنصارى، وبرأ الله سبحانه وتعالى نبيه وخليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام من اليهودية ومن النصرانية، ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما ولم يك من المشركين، فكان من أهل التوحيد ولم يكن مشركا، واليهود والنصارى من أهل الشرك والعياذ بالله، فكيف يقال البيت الإبراهيمي وينسب إليه اليهود والنصارى، وأن الجميع على ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، هذا هو الكفر بالله عز وجل لما فيه من تكذيب الله عز وجل ، لأن الله سبحانه وتعالى برأ خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام من اليهودية ومن النصرانية، وبين الله سبحانه وتعالى من هو على ملة إبراهيم، ومن هو أولى الناس بإبراهيم عليه الصلاة والسلام :{إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا النَّبِيُّ} وهو نبينا

عليه الصلاة والسلام، والذين آمنوا أي من أتباع محمد عليه الصلاة والسلام وهي هذه الأمة أمة الإسلام، والله ولي المؤمنين، فهؤلاء هم أولى الناس بإبراهيم عليه الصلاة والسلام نبينا عليه الصلاة والسلام ومن معه من من المؤمنين، أما اليهود والنصارى فإبراهيم عليه الصلاة والسلام بريء منهم وهم برءاء منه، لا ينتسبون إليه، ولا ينتسب هو إليهم عليه والسلام، قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ} فأنكر الله سبحانه وتعالى عليهم هذه المقولة،{أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ}

فلم يكن كذلك عليه الصلاة والسلام، بل كان حنيفا مسلما، بريئا من اليهودية، بريئا من النصرانية، بريئا من المشركين، {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ ۚ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (121) وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122) ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۖ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123)}[النحل 120،123].

برأه الله سبحانه وتعالى من الشرك، وبرأه الله سبحانه وتعالى من المشركين، فهو بريء من المشركين ومن الكافرين، والمشركون والكافرون ليسوا على ملته عليه الصلاة والسلام، ملة إبراهيم هي ملة التوحيد، هي الحنيفية السمحة، هي عبادة الله وحده لا شريك له، والكفر بكل ما عبد من دون الله سبحانه وتعالى، قال سبحانه وتعالى :{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}[الممتحنة:4].

هذه هي ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، البراءة من الكافرين، البراءة من المشركين، البراءة من الملحدين، هي ملة التوحيد، هي عبادة الله وحده لا شريك له، أما اليهود والنصارى فهم أهل الكفر، اليهود والنصارى هم أهل الكفر وأهل الشرك كما أخبرنا بذلك ربنا سبحانه وتعالى، قال سبحانه وتعالى :{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ} فسماهم الله سبحانه وتعالى كفارا، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6)}[البينة:6].

سماهم الله سبحانه وتعالى كفارا، وبين أنهم في نار جهنم، وبين أنهم هم شر البرية، أي شر الخليقة، كيف يحكم عليهم رب العالمين سبحانه وتعالى بأنهم من أهل النار، وأنهم شر البرية، ثم يقال البيت الإبراهيمي وينسبون إلى ابراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، قال سبحانه وتعالى :{مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ}[البقرة:105].

سماهم الله سبحانه وتعالى مشركين، سماهم الله عز وجل كافرين، وقال سبحانه وتعالى :{هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ}[الحشر:2].

وصفهم الله سبحانه وتعالى بالكفر،{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}[الحشر:11].

فكفرهم الله سبحانه وتعالى في آيات كثيرة، قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) }[المائدة:72،73].

 كفرهم الله عز وجل، كفر الله النصارى الذين قالوا إن الله هو عيسى ابن مريم، أو قالوا إن الله ثالث ثلاثة، {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}[المائدة:17].

كفرهم ربنا سبحانه وتعالى في آيات كثيرة، فاليهود كفروا بالله عز وجل، والنصارى كفروا بالله عز وجل، وهم دعاة الكفر، ودعاة الشرك، هم أعداء الله، وأعداء رسوله عليه الصلاة والسلام، {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)}[التوبة:30،31]

هم دعاة الشرك، دعاة الكفر، وإبراهيم عليه الصلاة والسلام هو إمام الموحدين، كان حنيفا كان مسلما كان قانتا لله عز وجل ولم يك من المشركين، {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67)}

فلا يجوز أن ينسب الكفار إلى إمام الموحدين وإلى خليل رب العالمين سبحانه وتعالى، ومن نسبهم إلى الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام فيعد كافرا خارجا عن ملة الإسلام، البيت الإبراهيمي هو بيت الكفر، بيت الكفر وبيت النفاق، بيت الإلحاد، بيت الزندقة، لا ينسب إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام بأي نسبة من النسب، إبراهيم عليه الصلاة والسلام بريء من اليهودية ومن النصرانية ومن الكافرين ومن المشركين.

هذا وأسأل الله عز وجل أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين.



*الخطبة الثانية:*


إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له ،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد اعلموا معاشر المسلمين: أن ما يسمى بالبيت الإبراهيمي قد جمع أنواعا من الكفر بالله عز وجل، وأنواعا من الردة والخروج عن دين الإسلام، من ذلك نسبة اليهود والنصارى إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام وقد برأه الله سبحانه وتعالى منهم، كما تلونا ذلك في الآيات من كتاب الله عز وجل، وهذا كفر برب العالمين سبحانه، ومن ذلك تصحيح دين اليهود والنصارى وهذا كفر بالله عز وجل، فإن اليهود والنصارى دينهم دين باطل لأنهم كفروا بالله عز وجل، وكفروا برسوله عليه الصلاة والسلام، والدين الذي يقبله رب العالمين سبحانه هو دين الإسلام، وهم أبوا أن يدخلوا فيه، قال سبحانه وتعالى:{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)}[آل عمران:85].

وقال سبحانه:{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} هذا هو الدين الذي يقبله رب العالمين سبحانه، وأما اليهود والنصارة فهم على الكفر والشرك برب العالمين سبحانه وتعالى، قال سبحانه وتعالى :{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)}[التوبة:29].

فبين سبحانه وتعالى أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى لم يدينوا دين الحق بل هم على الباطل، وأمرنا ربنا سبحانه وتعالى بقتالهم لأنهم لم يدينوا الدين الحق وهو دين الإسلام، 

{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) }فهم على كفر بالله عز وجل، وعلى ضلال، وعلى باطل، فمن صحح دينهم فقد كفر برب العالمين سبحانه لأنه كذب رب العالمين سبحانه وتعالى، الذي أخبر أنهم لا يدينون دين الحق، ومن الكفر الذي في هذا البيت المزعوم بالبيت الإبراهيمي أن فيه تسوية بين المسلمين وبين اليهود وبين النصارى، والتسوية بين المسلمين الموحدين لرب العالمين المؤمنين بالله وبرسوله الكريم عليه الصلاة والسلام مع اليهود والنصارى كفر بالله عز وجل، وربنا سبحانه وتعالى يقول:{ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)}[القلم:35،36].

قال:{أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28)}[ص:28].

قال :{لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۚ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20)}[الخشر:20].

لا يستوون من كان مؤمنا ومن كان كافرا، من كان تقيا ومن كان كافرا ملحدا، لا يستوي من كان مسلما ومن كان مجرما، واليهود والنصارى من الكافرين ومن المجرمين ومن المفسدين في الأرض، فتسوية هؤلاء بهؤلاء كفر بالله سبحانه وتعالى،{قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ}[المائدة:100].

فلا يستوي الخبيث الطيب، وأهل الإسلام وأهل التوحيد والإيمان هم طيبون، واليهود والنصارى هم أهل الخبث والعياذ بالله، فمن سوى المسلمين باليهود والنصارى فقد كفر برب العالمين سبحانه، وهذا الذي يسمى بالبيت الإبراهيمي فيما زعموا فيه من أنواع الكفر والردة، الدعوة إلى حرية الأديان، وأن الناس يفعلوا ما شاءوا، من شاء أن يدخل في اليهودية فليفعل، ومن شاء أن يدخل في النصرانية فليفعل، ومن شاء أن يدخل بالإسلام فليفعل، والدعوة إلى ذلك كفر بالله عز وجل، لأن الله أخبرنا أنه لا يقبل إلا الإسلام، وأن من ابتغى غيره فإنه من الكافرين ولا يقبل منه ذلك، {ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه. وهو في الآخرة من الخاسرين}.

{إن الدين عند الله الإسلام} وأمرنا الله سبحانه وتعالى بقتالهم حتى يدينوا الدين الحق، وهذا يدل على أن العبد ليس بحر يفعل ما يشاء، قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق، أمرنا الله بقتالهم ولو كانوا أحرارا لما أمرنا الله سبحانه وتعالى بقتالهم، وقال سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ۚ}

أمرنا الله سبحانه وتعالى بقتالهم في آيات كثيرة من كتابه الكريم، ولو كان لهم الحرية يفعلوا ما شاءوا ويعتقدوا ما شاءوا ويتعبدوا بما شاءوا لما أمرنا الله سبحانه وتعالى بقتالهم وبجهادهم، فهذه جملة من أنواع الكفر والردة في هذا البيت الذي يسمى بالبيت الإبراهيمي، ولا يجوز معشر المسلمين أن تبنى للنصارى الكنائس، ولا تبنى المعابد لليهود فإن هذا محرم في دين الله عز وجل، بل لا يجوز أن يؤذن لهم أن يفعلوا هذا، وأن يبنوا الكنائس لأنفسهم والمعابد لأنفسهم، فكيف يقوم من ينتسب للإسلام بفعل ذلك من جهة نفسه هذا أمر عظيم، وقد جاء في المسند وفي غيره عن عائشة رضي الله عنها قالت كان آخر ما عهد به رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يترك في جزيرة العرب دينان.

فلا يجوز أن يبنى مسجد وتبنى كنيسة ومعبد، والنبي عليه الصلاة والسلام نهانا أن يترك في جزيرة العرب دينان، الدين الذي ارتضاه رب العالمين سبحانه وتعالى هو دين الإسلام، ومن أنواع الكفر والردة طباعة المصحف مع التوراة والإنجيل، وهذا كفر برب العالمين سبحانه وتعالى لما فيه من التسوية بين الكتاب الذي حفظه رب العالمين سبحانه وتعالى والذي جعله مهيمنا على الكتب السابقة، وبين التوراة والإنجيل وفيهما ما فيهما من التحريف، يحرفون الكلم عن مواضعه، لقد حرفوا وبدلوا وغيروا،{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78)}[آل عمران:78].

يكتبون الكتاب بأيديهم ويضيفونه إلى رب العالمين سبحانه وتعالى، التسوية بين القرآن وبين التوراة والإنجيل كفر برب العالمين سبحانه وتعالى، والله يقول :{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ}[المائدة:48].

فالقرآن مهيمن ومسيطر وحاكم على جميع الكتب السابقة ومهيمنا عليه، {فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ }

فأمر الله عز وجل نبيه أن يحكم بينهم بكتاب الله، وأخبر أن هذا القرآن هو المهيمن على الكتب السابقة، فمن سوى بين القرآن وبين التوراة والإنجيل فقد كفر برب العالمين سبحانه وتعالى.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يقينا والمسلمين كل سوء مكروه، وأن يغفر لنا ذنوبنا وأن يرحمنا برحمته إنه الغفور الرحيم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، اللهم اهدنا إلى الصراط المستقيم واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.



جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي