الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /النصح المقدم للفرحين بالفوز بكرة القدم
النصح المقدم للفرحين بالفوز بكرة القدم 2023-01-01 15:22:16


*خطبة جمعة بعنوان:(النصح المقدم للفرحين بالفوز بكرة القدم)*
 
*لشيخنا المبارك: أبي بكر بن عبده بن عبدالله الحمادي حفظه الله*
 
*سجلت بتأريخ ١٣/جماد أول / ١٤٤٣ هجرية*
 
*مسجد المغيرة بن شعبة مدينة القاعدة محافظة إب حرسها الله وسائر بلاد المسلمين*
 
 
 
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]
أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[سورة آل عمران:110].
فمدح الله سبحانه وتعالى هذه الأمة، ووصفها سبحانه وتعالى بالخيرية لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، تأمر بالمعروف، فكل معروف تأمر به هذه الأمة وكل منكر تنهى عنه هذه الأمة، فلا تجتمع هذه الأمة على ضلالة، لابد من قائل بالحق، ولابد صادع به، فلا تزال طائفة من أمة محمد عليه الصلاة والسلام على الحق ظاهرين كما أخبرنا بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الواجبات، "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"،رواه مسلم (49). من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
ومن أنكر المنكر فقد برئ؛ برئ من إثمه، في حديث أم سلمة في صحيح مسلم(1854)قال عليه الصلاة والسلام:"فمَن كَرِهَ فقَدْ بَرِئَ، ومَن أنْكَرَ فقَدْ سَلِمَ، ولَكِنْ مَن رَضِيَ وتابَعَ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، ألا نُقاتِلُهُمْ؟ قالَ: لا، ما صَلَّوْا. أَيْ مَن كَرِهَ بقَلْبِهِ وأَنْكَرَ بقَلْبِهِ.
الإثم على هؤلاء، من رضي بالمنكر وتابع أهل المنكر فالإثم على هؤلاء،  أما من أنكر فقد برئ، ومن كره فقد سلم، هكذا يقول نبينا عليه الصلاة والسلام، وإن من جملة المنكرات التي حصلت بالناس في هذه الأيام القريبة ما حصل منهم من الرمي الكثير والكثيف الذي أدى إلى حصول قتلى وجرحى في أوساط المسلمين، فإن هذا الفعل من الأمور المنكرة التي  لا يقرها الإسلام لما فيها من سفك الدم الحرام، ولما فيها من أذية المسلمين، ولما في ذلك من إفزاع المسلمين وكل ذلك لا يجوز في شريعة الله عز وجل، كل ذلك لا يجوز، وكل ذلك من الأمور المهلكة، ومن الأمور الموبقة، رمي أدى إلى هلاك الأنفس التي حرمها رب العالمين سبحانه وتعالى، أنفس المسلمين معظمة، أنفس المسلمين محرمة، أعظم من الدنيا وما فيها، أعظم من البيت الحرام، دم العبد المسلم أعظم عند الله عز وجل من البيت الحرام، في حديث عبدالله ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام لما كان عند الكعبة قال:" ما أعظمك وأعظم حُرْمَتك. والذي نفس محمَّد بيده، لحُرْمَة المؤمن أعظم عند الله حرْمَة منكِ، ماله ودمه، وأن نظنَّ به إلَّا خيرًا"،رواه ابن ماجه (785)
فبين النبي عليه الصلاة والسلام أن حرمة دم المسلم أعظم من حرمة البيت الحرام، أعظم من حرمة البيت الحرام، فهذه مسألة من المسائل العظيمة، ومن المسائل الكبيرة، ومن المسائل الخطيرة، ما يتعلق بدماء المسلمين، لا يستهين العبد بشأن الدماء، ولا يكون سبباً في سفك الدم الحرام، فإن ذلك الأمور الموبقة، من الأمور المهلكة،  في حديث عبدالله بن عمرو عند الترمذي، وعند النسائي من حديث بريدة، وجاء من حديث البراء بن عازب عند ابن ماجة، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:" لزوال الدنيا أهون عند الله من إراقة دم مسلم."
لابد لك يا عبد الله أن تعلم هذا الأمر العظيم، الدنيا وما فيها من الملك، الدنيا وما فيها من الكنوز، الدنيا وما فيها من الجبال والأنهار، الدنيا وما فيها من المتاع العظيم، ما فيها من الزينة، زوال الدنيا وما فيها أهون عند الله سبحانه وتعالى من إراقة دم امرئ مسلم، دماء المسلمين محرمة معظمة، في حديث أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة رضي الله عنهما عند الترمذي(1398)وعند غيره، قال الصلاة والسلام:" أنَّ أَهلَ السَّماءِ وأَهلَ الأرضِ اشترَكوا في دمِ مؤمنٍ لأَكبَّهمُ اللَّهُ في النَّارِ.
فالمسألة ما هي من المسألة اليسيرة التي يستهان بها، من الامور الموبقة المهلكة، قال عليه الصلاة والسلام:"اجتنبوا السبع الموبقات))، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: ((الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات.أخرجه البخاري (2766)، ومسلم (89) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
فهي من الأمور الموبقة، من الأمور المهلكة، يقول سبحانه وتعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} [سورة الإسراء :33}
وقال الله:{وَلَا تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}[سورة الأنعام:151].
وقال الله:{مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفْسًۢا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍۢ فِى ٱلْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحْيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعًا}[سورة المائدة:32].
فالأمر عظيم، وقال الله{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}[سورة النساء: 29]
أي  لا يقتل بعضكم بعضا فالمسلم مع المسلم كالنفس الواحدة،{{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}[سورة النساء: 29]
في حديث جرير، وفي حديث أبي بكرة الصحيحين، وجاء عن غيرهما، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:"لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضُكم رقاب بعضٍ"،الحديث أخرجه مسلم، حديث (65)،
وأخرجه البخاري في "كتاب العلم" "باب الإنصات للعلماء" حديث (121).
 وفي الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:"
أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ"،رواه البخاري برقم (6533)، رواه مسلم برقم (1678)
وذلك لعظم الدماء، قال الله :{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}[سورة النساء :93]
وكم من الآيات الكثيرة من كتاب الله عز وجل، والأحاديث المتعددة من صحيح سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام في تعظيم هذا الأمر، فكيف لا تخشى ربك سبحانه وتعالى حين تسمع مثل هذه الزواجر العظيمة من كتاب الله، ومن سنة النبي عليه الصلاة والسلام، وتكون سببا لإراقة الدم الحرام، فإن من يضرب مثل هذا الضرب سواء كان في هذه المناسبة أو في غيرها كالأفراح والأعراس كل ذلك من الأمور العظيمة المهلكة،  أترضى أن تعود تلك الرصاص على إبنك؟ أترضى أن تعود على أبيك؟ على أمك؟ على أختك?؟ على خالك؟ على خالتك؟ على بعض أقربائك؟ فكيف لا ترضى هذا لنفسك، ولاقربائك، وترضى هذا لأبناء المسلمين بحجة إظهار الفرح، تظهر الفرح وتدخل الحزن البالغ في صدور المسلمين بسفك الدماء الحرام بحجة إظهار الفرح، ما هكذا تظهر الأفراح بما فيه أذية بالغة للمسلمين، أذية للصغار والكبار، أقل ما في ذلك أن فيه ترويع للآمنين، والله سبحانه وتعالى جعل الليل سكنا ففيه ترويع للآمنين، تخويف للنساء في بيوتهن، وتخويف للأولاد وللصغار في منازلهم، وكل هذا لا يجوز في شريعة رب العالمين سبحانه وتعالى، لا يجوز لمسلم أن يروع مسلما، كما قال ذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، فيما رواه أبو داود في سننه(5004)، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن جماعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام،:"أنَّهم كانوا يسيرون مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فنام رجلٌ منهم فانطلق بعضُهم إلى حبلٍ معه فأخذه ففزِع فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يحِلُّ لمسلمٍ أن يُروِّعَ مسلمًا.
لا يحل لمسلم أن يروع مسلما ولو بهذا الفعل اليسير، فكيف بما هو أعظم من ذلك، وما هو أشد من ذلك فإن هذا لا يجوز، في مسلم(2616) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال عليه الصلاة والسلام:"
مَن أشارَ إلى أخِيهِ بحَدِيدَةٍ، فإنَّ المَلائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حتَّى يَدَعَهُ، وإنْ كانَ أخاهُ لأَبِيهِ وأُمِّهِ.
لما في هذا من الترويع والتخويف، مجرد إشارة بحديدة ولو لم تكن هذه الحديدة من السلاح الذي يقاتل به، لو أشار أحدنا لأخيه بحديدة دخل في هذا الوعيد،"مَن أشارَ إلى أخِيهِ بحَدِيدَةٍ، فإنَّ المَلائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حتَّى يَدَعَهُ، وإنْ كانَ أخاهُ لأَبِيهِ وأُمِّهِ.
أي أنه قد عرف في طبيعة الناس أنه لا يقتل الشخص أخاه لأبيه وأمه ولو لم يكن متهما بالقتل، ولو لم يكن متهما ولو كان مازحا، فإن الملائكة تلعنه حتى يضع تلك الحديدة من يده، ولو لم يكن متهما بالقتل، فلا يجوز هذا الفعل لما فيه من الترويع ولما فيه التخويف، لا يجوز لك أيها المسلم أن تخوف حيوانا، كأن تتخذ حيوانا عرضا ترمي إليه بما في ذلك من تخويفه وترويعه، فقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن اتخاذ ذوات الأرواح عرضا أي مقصدا للرمي تضعه؛ تضع الطائر في موضع ثم ترمي أنت وأخوك عليه وتنظر من يصيد ذلك الطائر مثلا، فإن هذا لا يجوز نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام لما فيه من تخويف الحيوان، جاء عند أبي داود(5268)، وعند غيره، من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال:"كنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في سفرٍ فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته فرأينا حمَّرةً معها فرخان فأخذْنا فرخَيها فجاءت الحُمَّرةُ فجعلت تفرشُ فجاء النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال من فجع هذه بولدِها ؟ رُدُّوا ولدَها إليها.
فنهى النبي عليه الصلاة والسلام عن إفزاع حتى الحيوان، فكيف تفزع النساء في بيوتهن، وكيف تفزع الأولاد الصغار في بيوتهم، فإن هذا لا يجوز، هذا الفعل من الأمور المنكرة التي ينبغي أن تنكر لما فيه المفاسد الشرعية التي لا يتيحها الإسلام ولا يجزيها الإسلام، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم.
 
 
*الخطبة الثانية:*
 
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ،ومن سيئات أعمالنا، من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
معاشر المسلمين، اعلموا أن الفوز وأن الفائز من فاز برضوان الله عز وجل، وليس الفائز بمن فاز بشيء من الدنيا، وإنما من فاز بمرضات الله سبحانه وتعالى، وفاز بجنة رب العالمين، ونجى من عذابه، قال الله:{كلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}[سورة آل عمران:185].
الذي ينجيه الله سبحانه وتعالى من نار جهنم ويفوز بالجنة هذا هو الفائز عند رب العالمين سبحانه وتعالى
{فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}.
وقال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :{ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)[سورة النساء:13].
من فاز بالجنة فهو الفائز عند رب العالمين سبحانه وتعالى، يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
[سورة المائدة 119].
من رضي الله ورضي عن ربه وكان من أهل الجنة فهذا هو الفائز الفوز العظيم عند رب العالمين سبحانه وتعالى، فهذا هو الفوز الذي يُفرح به أن يفوز الإنسان برضوان الله عز وجل، ويفوز العبد بجنات النعيم، قال سبحانه وتعالى:{هَٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(29)فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30)}[سورة الجاثية:30،29].
وقال الله:{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَهُمْ جَنَّٰتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ ۚ ذَٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْكَبِيرُ(11)}[سورة البروج:11].
ذلك هو الفوز الكبير، وذلك هو الفوز المبين، وذلك هو الفوز العظيم، أن يفوز الإنسان بالجنة وينجو من عذاب الله عز وجل، وهذا الذي يتسابق إليه المتسابقون، ويتنافس فيه المتنافسون، ويسارع فيه المسارعون، قال الله:{سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ}[سورة الحديد:21].
وقال الله:{وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26)}[سورة المطففين :26].
وقال الله:{أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ }[سورة الصافَّات:58،60].
كن من المسابقين في مرضات الله، من المسابقين في طاعة الله، من الجادين من المجتهدين في مرضات الله عز وجل، فإن هذا هو السبق المحمود، وهذا هو الفوز الذي هو أعظم الفوز هو الفوز العظيم، هو الفوز المبين، هو الفوز الكبير، كما أخبرنا بذلك ربنا سبحانه وتعالى، لا تفرح بالدنيا وما فيها فإنها لا تغن عنك من الله شيء، قال الله:{وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ}[سورة الرعد (26).
وقال الله:{إِذۡ قَالَ لَهُۥ قَوۡمُهُۥ لَا تَفۡرَحۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡفَرِحِینَ(76)}[سورة الرعد:76]
وقال الله:{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)}[سورة الحديد:23،22].
إنما يفرح العبد بما عند الله عز وجل، يفرح بفضل الله ورحمته، قال الله{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[سورة يونس:58].
افرح بطاعتك لربك، افرح بصلاتك وصيامك، جاء في البخاري(7492)
 ومسلم(1151)من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ.
هذا هو الفرح المحمود الذي تسعد فيه سعادة ليس بعدها شقاء، وسرور ليس فيه نوع من الشرور، هذا هو الفوز العظيم الذي ينبغي على العبد أن يحرص عليه، أما الدنيا وما فيها فهي زائلة، وهي حقيرة لا تعدل عند الله جناح بعوضه، اسأل الله سبحانه وتعالى أن يكفينا والمسلمين كل شر ومكروه، وأن يحفظ لنا ديننا، وأن يغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، اللهم أمنا في أوطاننا، اللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر لنا وارحمنا واهدنا واهد بنا، وجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم اغفر لموتى المسلمين، اللهم عافنا في الدنيا والآخرة، ربنا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.



جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي