الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /تحذير الأصاغر والأكابر من التعدي على المقابر
تحذير الأصاغر والأكابر من التعدي على المقابر 2023-01-01 15:39:09


*خطبة جمعة بعنوان:( تحذير الأصاغر والأكابر من التعدي على المقابر)*
 
*لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله*
 
*سجلت بتأريخ ١١/ ذو القعدة /١٤٤٣ هجرية*
 
*مسجد المغيرة بن شعبة مدينة القاعدة محافظة إب حرسها الله وسائر بلاد المسلمين*
 
 
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]
أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)}[المائدة:30،31].
قص علينا ربنا سبحانه وتعالى هذه القصة التي كانت بين رجلين وبين أخوين من ذرية آدم عليه الصلاة والسلام، وكيف أن الشيطان دخل بينهما فزرع في قلب الظالم منهما الحسد، فحسد أخاه فأوقعه الحسد إلى أن سفك الدم الحرام، وكان أول دم سفك في الأرض، ولهذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:"لا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا، إلَّا كانَ علَى ابْنِ آدَمَ الأوَّلِ كِفْلٌ مِن دَمِها، لأنَّهُ كانَ أوَّلَ مَن سَنَّ القَتْلَ.البخاري(3335) ومسلم(1677)
فكان ذلك الرجل هو أول من سن القتل، ولم تقتل الأنفس قبل ذلك،  فتحمل أوزار جميع الأنفس التي تقتل ظلما، ومن قتل نفسا ظلماً فإنه يتحمل وزرها، لكن لمن قتل أولاً ولأول من سن القتل أولاً مثل وزره لأنه أول من سن القتل، كما أخبرنا بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، ثم بين ربنا سبحانه وتعالى في هذه القصة أن ذلك الرجل الذي قتل أخاه لم يدري ما يصنع بجثة أخيه، لأنه لم يحصل قتل قبل ذلك، بل ولم يحصل موت في الأرض قبل ذلك، فهذا أول موت حصل في الأرض، إذ لو حصل موت قبل ذلك ولو من غير قتل لكان الدفن من الأمور المعلومة، لكن هذا يدل على أنه لم يحصل موت قبل ذلك، فلم يحصل القتل قبل ذلك، ولم يحصل الموت قبل ذلك، ولم يعرف هذا الرجل ما يصنع بجثة أخيه بعد أن قتله ظلماً وبغياً وحسداً، فبقى ما شاء الله سبحانه وتعالى حاملا لجسد أخيه الميت لا يهتدي إلى سبيل، ما يصنع بها، ما يفعل بها، فأنزل الله سبحانه وبعث الله سبحانه وتعالى غرابين تقاتلا فيما بينهما فقتل الغراب الغراب الآخر، فلما قتله حفر بمنقاره الأرض ووضع حفيرة ثم وضع من قتله من الغراب في تلك الحفيرة ورد عليه التراب، وذلك الرجل من بني آدم ينظر إلى هذا الأمر، قصة كقصته حصلت مع غرابين، غير أن ذلك الغراب اهتدى كيف يصنع بجثة من قتله، فحفر حفيرة ووضع ذلك الغراب في الأرض ورد عليه التراب، ندم هذا الرجل بني آدم كيف أنه لن يهتدي لهذا الأمر، وبقى حاملا لأخيه هذه الفترة الزمنية، فندم على جهله وعلى ما حصل منه من حمله لأخيه هذه فترة الزمنية وأنه لم يهتدي إلى ما اهتدى إليه الغراب، ثم صنع بأخيه ما صنع الغراب بذلك الغراب الذي قتله، فصار بعد ذلك الناس يتدافنون في الأرض إذا ما حصل الموت أو حصل القتل إلى هذه الأزمان وإلى ما شاء الله سبحانه وتعالى، وربنا سبحانه وتعالى امتن على الإنسان بذلك، وأكرم الله سبحانه وتعالى الإنسان بذلك، قال سبحانه وتعالى:{ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21)}[عبس:21].
بعكس بقية الحيوان، بقية الحيوان إذا مات الحيوان فإنه يموت على وجه الأرض، وتأتي السباع تأكله، أو تأكله الدود، وأما الإنسان فأكرمه الله سبحانه وتعالى بهذا الأمر، ثم أماته فأقبره، جعل له الأرض يستتر في جوفها، قال الله:{ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (26)}[المرسلات:25،26].
أي أن الله سبحانه وتعالى جمع الناس على ظهرها وجمع الناس في بطنها بعد موتهم، والكفت بمعنى الظم والجمع، فالأرض تجمع الناس على ظهرها وإذا ما حصل الموت فإنها تجمع الناس في بطنها، ألم نجعل الأرض كفاتاً أحياءً وأمواتاً، فهذه مكرمة من الله سبحانه وتعالى، قال الله:{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ (55)}[طه:55].
فخلقنا الله عز وجل من الأرض، فأصل أبينا آدم عليه الصلاة والسلام من التراب، ثم نرجع إلى التراب، يعيدنا سبحانه وتعالى إلى التراب، ثم نخرج من التراب إلى أرض المحشر ويكون حينئذ الحساب على الأعمال، قال الله:{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}[الزلزلة:7،8].
وقال الله :{قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25)}[الأعراف:25].
هذا قضاء قضاه الله سبحانه وتعالى على بني آدم، فالناس يعيشون على ظهر هذه الأرض ما شاء الله سبحانه وتعالى من الزمن، في هذه الدار ثم ينتقلون إلى دار أخرى وهي الدار البرزخية، وبقاؤهم في البرزخ أعكر من بقائهم في الأرض، فالذي مات في أول الأزمان كآدم عليه الصلاة والسلام وذريته من صلبه، كم لهم من السنين الكثيرة والقرون المتطاولة وهم في الحياة البرزخية، وهكذا من جاء بعدهم فبقاء الناس على ظهر الأرض شيء يسير، وبقاء الناس في جوف الأرض أطول وأطول بكثير،  فالدار البرزخية دار طويلة، واعلموا معاشر المسلمين أن الدار البرزخية هي الحاجز بين الدنيا وبين الآخرة، بين يوم الحساب والعقاب، بين الحشر والنشر، كما قال سبحانه وتعالى :{حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)}[المؤمنون:99،100]
والبرزخ الحاجز بين الشيئين، فالحياة البرزخية وحياة القبور هي الحاجز بين الدنيا وبين البعث والنشور، فترة زمنية فاصلة بين الدنيا وبين البعث والنشور وهي فترة طويلة، لا يبقى الإنسان فيها أبدا الآبدين، لابد من يوم يخرج فيه الناس من قبورهم ويقفون بين يدي ربهم سبحانه وتعالى، والعبد في الحياة البرزخية كالزائر الذي لا يستقر، وكالمسافر الذي لا بد أن ينتقل، قال سبحانه وتعالى :{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)}[التكاثر:1،4].
فسماها رب العالمين سبحانه وتعالى زيارة، فإن الإنسان لا يبقى لا بد من البعث والنشور، حتى زرتم المقابر، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يميتنا على الإسلام، وأن يغفر لنا ذنوبنا إنه هو الغفور الرحيم.
 
 
*الخطبة الثانية:*
 
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد : يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (58)}[الأحزاب:58]
فحرم ربنا وتعالى أذية المسلم، فلا يجوز للمسلم أن يؤذي أخاه المسلم، ولا يجوز له ذلك لا في الحياة الدنيوية ولا في الحياة البرزخية، بمعنى لا تؤذي حيا ولا تؤذي ميتا، والآية وإن وردت في حرمة أذية المسلمين فيما يتعلق بالدنيا فكذلك ما يتعلق بالحياة البرزخية، لا تؤذه، لا تؤذي مسلما يمشي على الأرض بغير ذنب، ولا تؤذي مسلما قد انتقل من هذه الدار إلى الدار الآخرة، وكم من أذية تحصل للموتى من جهة الأحياء، ومآله إلى أن تموت، وأن تصير من جملة هؤلاء والجزاء من جنس العمل،
فقد يجازيك الله سبحانه وتعالى بنظير ما فعلت، بنظير ما صنعت، فاتق الله سبحانه وتعالى ولا تؤذي الموتى، كم يحصل من ظلم، ومن تعدي على الموتى في قبورهم بأنواع من الأذى وكل ذلك لا يجوز في شرع الله، ومن أعظم ما يحصل من جهة الظالمين من الناس في حق الموتى الإعتداء على دورهم الإعتداء على منازلهم، الإعتداء على أماكنهم، ودور الموتى هي القبور، تلك بيوتهم، وتلك دورهم، وتلك منازلهم، فكما أنك لا تحب من يعتدي عليك في بيتك ويأخذ بيتك ظلما وبغيا فهكذا الميت في قبره لا يجوز لك أن تعتدي على منزله، أن تعتدي على مسكنه، أن تعتدي على بيته وعلى داره، فهذا لا يجوز لك ومحرم في شرع الله عز وجل، وهي أذية محرمة، فكم يحصل من الناس من البغي والظلم في هذا الباب، ولا سيما في المقابر التي لم تحاط بالأسوار يحصل ما يحصل فيها من الظلم والبغي من جهة الأحياء، لا يراعون حرمة الموتى، كم من مقابر كنا نشاهدها فيما مضى ثم انتهت وزالت وصارت أماكن سكنية، زالت بالكلية، أخذ الناس تلك المقابر وبنوا فيها المنازل، وبنوا فيها مساكنهم، واعتدوا على حقوق الموتى، وحصل منهم ما حصل من الظلم والبغي على الموتى، والواجب هو أن يكف الإنسان أذاه عن الحي وعن الميت، بهذا جاءت شريعة الإسلام، نبينا عليه الصلاة والسلام كان يراعي حقوق الموتى مراعاة بالغة، ويحذر من أذاهم التحذير البالغ، حتى أن النبي عليه الصلاة والسلام كان ينهى أن يتكئ الشخص على قبر، لا يجوز لك أن تتكئ على قبر، جاء في المسند(39/475)عن عمرِو بن حزمٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((رآني رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنا مُتَّكئٌ على قَبرٍ، فقال: لا تُؤذِ صاحِبَ القبرِ))
لا تؤذي صاحب القبر بالاتكاء عليه فكيف بأن تبني على قبره مسكناً، وربما في بعض الأماكن مكان البيارة في القبور، يحفرون بيارة في منازلهم ويخرج قبر في ذلك الموضع ولا يبالون، تبنى المساكن على القبور وتحفر البيارات على القبور ونبينا الصلاة والسلام ينهى عن الإتكاء على القبور، ويقول : لا تؤذي صاحب القبر، وينهى نبينا عليه الصلاة والسلام عن الجلوس على القبر مجرد جلوس وهو جلوس طارئ، فكيف ببناء المنازل والمساكن على القبور، في مسلم(972) من حديث أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تَجْلِسُوا علَى القُبُورِ، ولا تُصَلُّوا إلَيْها.
وفي مسلم(971)من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام:"لأَنْ يَجْلِسَ أحَدُكُمْ علَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيابَهُ، فَتَخْلُصَ إلى جِلْدِهِ، خَيْرٌ له مِن أنْ يَجْلِسَ علَى قَبْرٍ.
نبينا عليه الصلاة والسلام راعى حرمة الموتى حتى في المشي بين القبور، المشي بالنعال بين القبور، المشي بالأحذية بين القبور، ثبت عند أبي داود (3230)، والنسائي (2048)، وابن ماجه (1568)، وأحمد (20806)، من حديث بشير بن الخصاصية رضي رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام :"رأى رجلًا يمشي بين القُبورِ في نَعْلَيهِ، فقال: يا صاحِبَ السِّبتيَّتينِ أَلْقِهِما.
لا يؤذي الموت حتى بهذا الأمر بالمشي بـ النعال في أماكنهم، في منازلهم، على مساكنهم في دورهم، فهكذا جاء شريعة الإسلام ببيان حرمة الميت، جاء في المسند(24783)وعند أبي داود
(3207) وابن ماجة(1616) من حديث عائشة رضي الله عنها، عن رسول الله عليه الصلاة أنه قال:"كَسْرُ عَظْمِ المَيِّت ككَسْرِه حيًّا.
كما أنه لا يجوز لك أن تتعدى على حي فتكسر عظمه فكذلك لا يجوز لك أن تتعدى على ميت فتكسر عظمه، وهناك في كثير من الأماكن تأتي الشيولات والحررارت وتحر وتكسر عظام الموتى وتزال تلك المقابر ظلما وبغيا من جهة الظالمين والعياذ بالله، وكل هذا جرائم سيعلم العبد إن لم يتب إلى ربه سبحانه وتعالى عظيم هذا الجرم، وعظيم هذا البغي، وربما تجازى بنظير ما فعلت، فإن من سنة الله عز وجل في خلقه أن الجزاء من جنس العمل، فاتق الله يا عبد الله واعرف حرمة الموتى، فإن مآلك إلى أن تكون منهم، مآلك إلى أن تكون واحد من الموتى، فاتق الله سبحانه وتعالى ولا تتعدى على الموتى، فهذا من الظلم المنتشر في كثير من الأماكن، وكما عرفنا وخاصة في المقابر التي لم تسور، تتمدد المساكن شيئا فشيئا وشيئا فشيئا حتى تزول المقبرة بالكلية ويحصل ما يحصل من  الأذية، وهناك في بعض الأماكن يجعلون المقابر هي الأسواق، موضع البيع والشراء، واللغط والصياح، يبيعون ويشترون على القبور، ويدوسون القبور بأقدامهم، وتأتي المواشي ويجعلونها على القبور، ويبيعون ويشترون على القبور، يجعلون المقبرة سوقا لهم، وهنا في بعض الأماكن يجعلون المقبرة هي موضع لعب الكرة، يجعلونها ميدانا يلعبون الكرة على قبور الموتى، وكل هذا من الظلم، وكل هذا مما لا يجوز، وكل هذا من الأذى الذي حرمه رب العالمين سبحانه، وحرمه نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام، وفي بعض الأماكن يجعلونها طرقا، كل يبخل بأرضه، ما يريد أن يجعل أرضه طريقا لمرور الناس، ويأتون إلى المقابر ويستهينون بها، ويجعلونها طرقا للسيارات، تمر السيارات على القبور، فكم فكم من ظلم، وكم من بغي، وكم من عدوان على منازل الموتى ومساكن الموتى، فعلى العبد أن يتقي ربه سبحانه وتعالى، يتقي ربه وليعلم حرمة الموتى، الميت له حرمة كما أن الحي له حرمة، بهذا جاءت شريعة الإسلام، وكما قلنا مآلنا إلى أن نكن منهم، فإذا اتقينا الله سبحانه وتعالى فيهم حفظنا الله بعد موتنا، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم، اللهم اغفر لنا وارحمنا واهدنا واهد بنا، واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم اغفر لموتى المسلمين أجمعين، وارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، اللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.



جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي