الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /وابل الغمامة في بيان ما للصلاة من كرامة
وابل الغمامة في بيان ما للصلاة من كرامة 2023-01-02 14:32:47


*خطبة جمعة بعنوان:(وابل الغمامة في بيان ما للصلاة من كرامة)*
 
*لشيخنا المبارك/أبي بكر بن عبده بن عبدالله الحمادي حفظه الله*
 
*سجلت بتأريخ ١٩/محرم/١٤٤٣ هجرية*
 
*مسجد مركز دار التوحيد المعاين محافظة إب حرسها الله*
 
 
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]
أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
معاشر المسلمين يقول ربنا سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)}[البقرة:238]
أمرنا ربنا سبحانه وتعالى بالمحافظة على الصلوات، وخص بالذكر الصلاة الوسطى، وأمرنا ربنا سبحانه وتعالى أن نقوم له قانتين، ويقول سبحانه وتعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)}[البقرة:43].
وفي حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:"بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ"رواه البخاري (8)، ومسلم (16).
وشاهدنا من ذلك أن من أركان الإسلام العظام الصلاة المكتوبة؛  الصلاة المكتوبة ركن عظيم من أركان الإسلام، وهي أعظم ركن بعد الشهادتين، هذه الصلاة المفروضة المكتوبة كريمة عند الله عز وجل، وهي رفيعة القدر عند رب العالمين سبحانه وتعالى، ولكرامة هذه العبادة عند الله سبحانه وتعالى فرضها في  السماء على نبيه عليه الصلاة والسلام في ليلة الإسراء والمعراج، وسائر الفرائض إنما نزل الوحي على رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو في الأرض، وأما هذه العبادة العظيمة فلكرامتها على الله عز وجل ولعلو منزلتها أمر الله سبحانه وتعالى بها نبيه عليه الصلاة والسلام وهو في ذلك المقام الرفيع في ليلة الإسراء والمعراج، فالصلاة كريمة عند الله عز وجل، ولها المنزلة العالية عند رب العالمين سبحانه وتعالى، ولهذا يأمرنا ربنا سبحانه وتعالى أن نأخذ زينتنا عند ذهابنا إلى بيت من بيوته، قال الله:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)}[الأعراف:31]
أمرنا ربنا سبحانه وتعالى أن نأخذ زينتنا إذا ذهبنا إلى بيت من بيوته، وهذا مما يدل على كرامة هذه العبادة عند الله عز وجل، ولكرامة هذه العبادة عند الله سبحانه وتعالى، أمرنا ربنا سبحانه وتعالى أن نتطهر قبل أدائها، وقبل فعلها، قال سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}[المائدة:6]
فأمرنا الله سبحانه وتعالى بالطهارة قبل أن ندخل في هذه العبادة الكريمة عند رب العالمين سبحانه وتعالى، ولشرف هذه العبادة عند الله عز وجل، فإن الله سبحانه وتعالى أمر العباد أن يقيموا هذه العبادة في أحب البلاد إليه وهي المساجد، في صحيح الإمام مسلم(671) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:"أَحَبُّ البِلَادِ إلى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ البِلَادِ إلى اللهِ أَسْوَاقُهَا.
فهي عبادة كريمة شريفة عند الله سبحانه وتعالى، فالواجب علينا أن نعظم ما عظمه الله، وأن نرفع ما رفعه الله سبحانه وتعالى، وأن نحافظ على هذه العبادة كما أمرنا بها ربنا سبحانه وتعالى، لشرف هذه العبادة فإن نبينا عليه الصلاة والسلام نهانا فيها عن أمور مخلة بكرامتها،   ومخلة بشرفها، فمن ذلك ألا يكون المصلي في صلاته سارقا، فأنت في عبادة عظيمة، في عبادة كريمة على الله عز وجل،جاء في حديث أبي قتادة رضي الله عنه في المسند، وجاء أيضا في حديث أبي هريرة،  وفي حديث أبي سعيد الخدري، وفي حديث عبدالله بن مغفل، وغير ذلك من الأحاديث الواردة في الباب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أسوَأُ النَّاسِ سَرِقةً الذي يَسرِقُ مِن صَلاتِه، قالوا: يا رسولَ اللهِ، وكيف يَسرِقُ مِن صَلاتِه؟ قال: لا يُتِمُّ رُكوعَها ولا سُجودَها -أو قال: لا يُقيمُ صُلبَه في الرُّكوعِ والسُّجودِ.
فهذا أسوأ من يوصف بالسرقة الذي يسرق من صلاته لا يتم الركوع ولا السجود، لا يطمئن لا في ركوعه ولا في سجوده، أو قال لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، وهذا حال أكثر الناس إلا من رحم الله عز وجل، لا يطمئنون في صلاتهم، لا يطمئنون في ركوعهم، ولا في سجودهم، وهكذا لا يقيمون صلبهم عند رفعهم من الرجوع وعند رفعهم من السجود، والواجب هو إقامة الصلب وأن يعتدل العبد، يعتدل المصلي بعد رفعه من الركوع ويستقر حتى تحصل له الطمأنينة باعتداله، ثم يخر ساجدا، وإذا رفع رأسه من السجود لا ينحط إلى السجدة الأخرى مباشرة وإنما الواجب عليه أن يعتدل من سجوده وأن يطمئن في اعتداله ثم ينتقل إلى السجدة الأخرى، فإن لم يفعل ذلك فإن صلاته باطلة، وهو ممن يسرق في صلاته، أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته، قالوا يا رسول الله وكيف يسرق المرء من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها، أو قال لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، جاء في السنن من حديث أبي مسعود رضي الله عنه قال عليه والسلام:"لا تجزئ صَلاةٌ لا يُقيمُ فيها الرجلُ يعني صُلْبَه في الركوع السجودِ‏"سنن الترمذي (265)،سنن أبي داود (855).
فالصلاة لا تجزئ، والصلاة إذا كانت لا تجزئ فهي صلاة باطلة غير مقبولة عند رب العالمين سبحانه وتعالى،  فإياك وهذا الخلق والسيء الدنيء خلق السارقين، فأنت في عبادة كريمة عند الله عز وجل فلا تتخلق فيها بالأخلاق السافلة، اطمئن في صلاتك، واطمئن في اعتدالك من ركوعه، وفي رفعك من سجودك، واجلس بين السجدتين مطمئنا، وإياك أن تتخلق بهذا الخلق السيء أسوء الناس سرقة، فالصلاة عبادة عظيمة كريمة عند الله عز وجل،وهكذا لا تكن حيوانياً في صلاتك، أي لا تتخلف بأخلاق الحيوان فإن الصلاة عظيمة عند الله عز وجل،
الصلاة لها الشأن العظيم عند الله سبحانه وتعالى، ولها المكانة الرفيعة عند رب العالمين سبحانه وتعالى، فلا تتخلق بأخلاق الحيوان وأنت في عبادة عظيمة وفي قربة عظيمة تتقرب بها إلى رب العالمين سبحانه وتعالى، في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"اعْتَدِلُوا في السُّجُودِ ولا يَبْسُطْ أحَدُكُمْ ذِراعَيْهِ انْبِساطَ الكَلْبِ.البخاري (822)، ومسلم (493)
اعتدلوا في السجود والاعتدال في السجود بمعنى أن الإنسان لا يغلو في تمدده في سجوده، ولا يغلو أيضا في انكماشه بحيث أن جسده يلتصق بعضه ببعض،وإنما يسجد سجوداً معتدلاً، سجودا معتدلا يحصل بهذا السجود انفصال الأعضاء بعضها من بعض،لا يتلاصق في سجوده ولا يتمدد تمددا زائدا ويسجد سجودا معتدلا، قال عليه الصلاة والسلام ولا ينبسط انبساط الكلب، أي لا يضع ذراعيه في الأرض كحال كثير من الساجدين إذا سجد إذا به يضع ذراعيه في الأرض فهذا انبساط الكلب، وهذا من التشبه بالكلاب، وقد نهى عن ذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، فلا ينبسط أحدنا انبساط الكلب، وإنما يضع كفيه على الأرض فقط، ولا يضع ذراعيه على الأرض يرفع ذراعيه ويضع كفيه على الأرض،  فإن وضع ذراعيه على الأرض فقد تشبه بالكلب، وقد نهانا عن ذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، فالصلاة عظيمة وكريمة، الصلاة عظيمة ولها الشأن الرفيع عند الله سبحانه وتعالى، وهي كريمة على الله عز وجل، فلا يتشبه الإنسان فيها بالحيوان، جاء في المسند(8106)وفي غيره من حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: أَمَرَني رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ، ونَهَانِي عن ثَلاَثٍ: «أَمَرَنِي بِرَكْعَتَيِ الضُّحَى كُلَّ يَوْم، وَالوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ، وصِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، ونَهَانِي عَنْ نَقْرَةٍ كَنَقْرَةِ الدِّيكِ، وإِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ الكَلْبِ، والْتِفَاتٍ كَالْتِفَاتِ الثَّعْلَبِ.
فنهى النبي عليه الصلاة والسلام عن التشبه بهذه الحيوانات في هذه العبادة العظيمة، نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن نقرة كنقرة الديك بمعنى أن الإنسان لا يطمئن في صلاته، والديك إذا نقر الحب فإنه ينقر الحب بسرعة وبحركات متتابعة سريعة، فلا يكن هكذا العبد في صلاته مستعجلا غير مطمئن في صلاته فيتشبه بالديك، يتشبه بالحيوان، وهكذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن إقعاء كإقعاء الكلب أي لا تتشبه بالكلاب في صلاتك فتقعي كإقعاء الكلاب بأن تنصب ركبتيك وتدخل يديك بين الركبتين كهيئة الكلب عند جلوسه، فإن هذا مما نهى عنه نبينا عليه الصلاة السلام، وهكذا لا يلتفت أحدنا كالتفات الثعلب، لا يلتفت كالتفات الثعلب بمعنى يكثر الالتفات يمنة ويسرة وهو في صلاته في عبادته لربه سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى مقبل عليه بوجهه وإذا به يلتفت عن ربه سبحانه وتعالى يمنة أو يسرة، ومن التفت عن ربه سبحانه وتعالى أعرض الله عنه، مع ما في هذا الفعل من سوء الأدب مع رب العالمين سبحانه وتعالى، وهو من اختلاس الشيطان كما جاء في البخاري(3291)من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:"سألتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن التِفاتِ الرَّجُلِ في الصَّلاةِ، فقال: هو اختلاسٌ يَختلِسُه الشَّيطانُ مِن صلاةِ أَحدِكم.
اختلاس يختسله الشيطان: أي أن الشيطان يسرق شيئا من صلاة العبد بهذا الفعل يوسوس للعبد بأن يصرف وجهه يمنة أو يسرة من أجل أن يأخذ شيئاً من صلاته، وأن يختلس شيئاً من صلاته، وفي المسند(15532)
وعند أبي داوود(862)،والنسائي(1429)،
وابن ماجة(1429)من حديث عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ شِبْلٍ رضي الله عنه، قَالَ: نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ ثَلاَثٍ: «عَنْ نَقْرَةِ الغُرَابِ، وعَنْ فَرْشَةِ السَّبُعِ، وأَنْ يُوطِنَ الرَّجُلُ المكَانَ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ كَمَا يُوطِنُ البَعِيرُ.
فهذا أيضا مما نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام أن ينقر العبد في صلاته كنقر الغراب وهو شبيه بنقر الديك في الحديث الأول، وأن يفترش كافتراش السبع وهو شبيه
 بافتراش الكلب الذي نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام وهو وضع الذراعين في الأرض، ونهى النبي عليه الصلاة والسلام أن يوطن الرجل المكان كما يوطن البعير بمعنى أنه لا يصلي إلا في موضع معين لا يتجاوز ذلك الموضع، لا يصلي إلا في ذلك المكان الذي حدده فلا ينتقل عنه لا يمنة ولا يسرة، فإن هذا من التشبه بالبعير، من التشبه بالحيوان، وهنالك كثير من الناس من يفعل ذلك يجعل له موطناً في المسجد معيناً لا يتجاوز ذلك المكان، وربما من صلى فيه أزاحه عنه ويقول بعضهم لي في الموضع لي عشرون سنة،ولي ثلاثون سنة، ولي أربعون سنة في هذا الموضع، وكل هذا مما نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام، فلا يوطن الرجل المقام في المسجد كما يفعل البعير فإن هذا من شأن البعير يعتاد مكانا معينا فيبرك فيه باستمرار، وليس هذا فعل صحيح، ويخرج من ذلك الإمام فإن له الموضع المحدد له، وإنما الكلام في المؤتمين، وفيمن صلى منفردا لا يجعل له موطنا لا يصلى إلا فيه، لا يتقدم عنه يمنة ولا يسرة فإن هذا من التشبه بالبعير وقد نهانا من ذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، اسأل الله عز وجل أن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم.
 
 
*الخطبة الثانية:*
الحمد لله، نحمده تعالى ونستغفره،  ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهديه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
معاشر المسلمين كذلك لا يجوز ولا ينبغي للمسلم أن يتشبه في صلاته بالمغضوب عليهم، ولا بالضالين، ولا بالكافرين في عبادتهم، لا يتشبه بأعداء الله سبحانه وتعالى، لا يتشبه باليهود ولا بالنصارى، ولا بغيرهم من الكافرين في صلاته، فقد جاء عند أبي داود(874)من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال :"نَهَى رسولُ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ - أن يجلِسَ الرَّجلُ في الصَّلاةِ وَهوَ مُعتَمدٌ علَى يدَيهِ.
وفي مسند الإمام أحمد "على يديه"
وعند الحاكم في المستدرك وغيره"أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهَى رجُلًا وهُوَ جالِسٌ مُعْتَمِدٌ علَى يَدِهِ اليُسْرَى في الصلَاةِ ، فقال : إِنَّها صلاةُ اليهودِ ، وفي روايةٍ : لا تَجْلِسْ هكذا ، إِنَّما هذِهِ جِلْسَةُ الذينَ يُعَذَّبونَ.
فنهى النبي عليه الصلاة والسلام التشبه بهم في جلوسهم، فإذا جلس الإنسان في صلاته لا يعتمد على يديه في جلوسه وإنما يضع يده كما وضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم على جسده، ولا يضعها على الأرض فإن هذا من التشبه باليهود،وهكذا جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:"قالَ: نَهَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا"البخاري(1220) ومسلم(545).
ولفظ مسلم" نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل مختصرا".
ومعنى الصلاة مختصرا: أي يضع الإنسان كفيه على خاصرتيه.
وفي البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تكره أن يضع الرجل يديه على خاصرته وقالت رضي الله عنها تفعله اليهود.
لايضع الإنسان يديه على خاصرته في أثناء صلاته فإن هذا من فعل اليهود وقد نهانا نبينا عليه الصلاة والسلام عن التشبه بهم، وقال عليه الصلاة والسلام:"من تشبَّهَ بقومٍ فهوَ منهم"أخرجه أبو داود (4031) واللفظ له، وأحمد (5114) مطولاً،من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.
فهذا مما نهى عنه نبينا عليه الصلاة والسلام، وهكذا لا يتشبه العبد بالمنافقين في صلاته، فإن ربنا سبحانه وتعالى يقول:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ}[النساء:142]. وهذه الصفة الأولى من  صفاتهم أنهم لا يقومون في نشاط إلى الصلاة وإنما في غاية الكسل، ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى،ولا ينفقون إلا وهم كارهون،{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)}
لا يخلصون في عبادتهم لربهم سبحانه وتعالى، وإنما يراءون الناس، وإذا صلوا لا يذكرون الله عز وجل في صلاتهم إلا قليلا، فهذه ثلاث صفات من صفات المنافقين في صلاتهم، الكسل عند القيام للصلاة، الرياء عند أدائها، قلة ذكر الله عز وجل في صلاتهم، وجاء في مسلم(622) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تلْكَ صلاةُ المنافقِ تلْكَ صلاةُ المنافقِ يرقبُ الشَّمسَ حتى إذاكانت بينَ قرني شيطانٍ قامَ فنقرَ أربعًا لا يذْكرُ اللَّهَ فيها إلَّا قليلا، فمن صفات المنافقين في صلاتهم أنهم يؤخرون صلاة العصر إلى قرب الغروب، فإذا ما شاهدوا الشمس قد اتجهت الغروب قاموا فنقروا الصلاة نقرا، أي أنهم لا يطمئنون فيها، فمن صفاتهم تأخير الصلاة عن وقتها، ومن صفاتهم أنهم ينقرونها ولا يطمئنون فيها، ومن صفاتهم أنهم لا يذكرون الله عز وجل في صلاتهم إلا قليلا، ومن صفات المنافقين في صلاتهم أنهم لا يحافظون على الصلوات في بيت الله عز وجل، والله سبحانه وتعالى يقول:{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ}[التوبة:18].
وهكذا يقول سبحانه وتعالى:{وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)}[البقرة:43]
وجاء في مسلم(654) من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال:"لقَدْ رَأَيْتُنَا وَما يَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلَاةِ إلَّا مُنَافِقٌ قدْ عُلِمَ نِفَاقُهُ"
وقال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما:"كنَّا إذا فقدنا الرَّجلَ في الفجرِ والعشاءِ أسأنا بهِ الظَّنَّ"،مجموع الزوائد(2/43).
أي من أن يكون من المنافقين والعياذ بالله،  ولا سيما في صلاة العشاء، وصلاة الفجر،في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أثقلُ الصلاةِ على المنافقين صلاةُ العشاءِ وصلاةُ الفجرِ ولو يعلمونَ ما فيهما لأتوهُما ولو حبوًا"
البخاري (657)، ومسلم (651).
اسأل الله سبحانه وتعالى أن يكرمنا بكرامته، وأن يغفر لنا ذنوبنا، وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم،  اللهم اغفر لنا ذنوبنا كله دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، اللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل،ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، ربنا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.



جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي