الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /الإسفار عن بعض فوائد الاستغفار
الإسفار عن بعض فوائد الاستغفار 2022-12-29 04:07:29


 الإسفار عن بعض فوائد الاستغفار

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]

أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة روى الإمام مسلم في صحيحه(2577)،
من حديث أبي ذر رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة، عن ربه عز وجل أنه قال:"إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ. الله غفار الذنوب فبين ربنا سبحانه وتعالى حال العباد، وأن العباد يخطئون في ليلهم، ويخطئون في نهارهم، فخطايا العباد كثيرة في جميع الأوقات، وفي جميع ساعات من ليل ومن نهار، وربنا سبحانه وتعالى يغفر جميع الذنوب في حق من استغفره، من تاب إليه سبحانه وتعالى، من رجع إليه وأناب إليه، قال الله:{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ (82)}[طه:82].
فالله عز وجل هو الغفار، هو كثير المغفرة، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستفروني أغفر لكم.
المطلوب من العباد أن يستغفروا ربه سبحانه وتعالى وهو الغفور الرحيم، من استغفره غفر له، من تاب إليه ورجع إليه قبله سبحانه وتعالى، مهما كثرت الذنوب وعظمت،
قال الله:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)}[الزمر:53].
فلا تقنط من رحمة الله عز وجل مهما أسرفت مهما كثرت ذنوبك وعظمت خطاياك، فإن رجعت إلى ربك سبحانه وتعالى لن تجد باباً مغلقاً،
بل إن الله سبحانه وتعالى قد فتح التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها،فباب التوبة مفتوح فتحه رب العالمين سبحانه وتعالى، مهما كثرت الذنوب ومهما عظمت
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)}
وقال الله:{وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (90)}[هود:90].
هكذا يقول نبي الله شعيب لقومه الكافرين الذين كفروا واشركوا وعصوا وبغوا وظلموا أنفسهم،
{وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (90)قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ۖ وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91)
قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا ۖ إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92)}[هود:91،92].
فبين لهم أنهم إن استنصروا ربهم سبحانه وتعالى وتابوا إليه عز وجل فإن ربهم رحيم ودود، الله عز وجل رحيم ودود، رحيم بالتائبين، رحيم بالمستغفرين، وهو ودود، يتحبب إلى عباده، فالله عز وجل هو الودود، من أسمائه الودود، بمعنى أنه يتحبب إلى عباده؛ يتحبب إليهم بنعمه، بفضله وإحسانه وآلاءه عز وجل، فالله سبحانه وتعالى أرحم بنا من أنفسنا، وأرحم بنا من أبائنا، وأرحم بنا من أمهاتنا، وإنما نحن الذين نظلم أنفسنا، وندخل على أنفسنا الضرر، وندخل على أنفسنا المشقة والعنت، وإلا فإن الله سبحانه وتعالى رحيم بعباده، فمهما كثرت الذنوب ومهما عظمت فالله سبحانه وتعالى يغفر لمن تاب إليه، يغفر للمستغفرين التائبين الراجعين إليه سبحانه وتعالى، قل يا عبادي الذين أسرف على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً، من غير استثناء، ولو كان هذا الذنب هو الكفر بالله عز وجل، ولو كان هذا الذنب هو الشرك بالله سبحانه وتعالى، فإن من تاب إليه وأناب تاب الله سبحانه وتعالى عليه، عند الترمذي(3540) وغيره من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، عن الله عز وجل أنه قال:"يا ابنَ آدمَ ! لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لكَ ولا أُبالِي يا ابنَ آدمَ ! لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرضِ خطَايا ثُمَّ لَقِيْتَني لاتُشْرِكْ بِيْ شَيْئًَا لأتيْتُكَ بِقِرَابِها مَغْفِرَةً. وعنان السماء المراد بذلك إذا كثرت الذنوب منك وتراكب بعضها فوق بعض وعلى بعضها على بعض حتى بلغت تلك الذنوب إلى عنان السماء إلى السحاب ثم استغفرت ربك سبحانه وتعالى ثم تبت إلى الله عز وجل ورجعت إليه وندمت عما حصل منك وعزمت ألا تعود إلى ذلك الذنب غفر الله سبحانه وتعالى لك فالله سبحانه وتعالى غفور رحيم، وهذا من رحمة الله عز وجل، المصائب والشدائد سببها الذنوب فإنما ينزل على العباد من النقم هو بسبب ذنوبهم، وما يفوتهم من النعم هو بسبب ذنوبهم، لكن جعل الله سبحانه وتعالى لهم المخرج بالتوبة إليه والاستغفار، فإن النعم إن قلت فبسبب ذنوبنا، والعلاج هو الإستغفار والتوبة إلى الله عز وجل، المصائب إن نزلت بنا فهي بسبب ذنوبنا، والعلاج هو الإستغفار والتوبة إلى الله عز وجل، لم يغلق الله سبحانه وتعالى علينا باب التوبة، بل هو التواب الرحيم سبحانه وتعالى الذي فتح التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها، كما بين ذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم عن نبيه هود عليه الصلاة والسلام أنه قال لقوم:{وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52)}[هود:52] فبين لهم نبيهم عليه الصلاة والسلام أنهم إن استغفروا ربهم وتابوا إليه أرسل السماء عليهم مدرارا، وزادهم قوة إلى قوتهم، وقد كانوا مُنعوا من المطر فترة طويلة، فبين لهم أن هذه النعمة التي ارتفعت عنكم هي بسبب ذنوبكم، وإن أردتم رجوع هذه النعمة عليكم فتوبوا إلى ربكم، فالسبب الذنب، والعلاج التوبة، قال سبحانه وتعالى عن هود عليه الصلاة والسلام {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا} أي يرسل الأمطار عليكم متتابعة، متتابعة أمطار تأتي متتابعة ليست نادرة النزول، بل أمطار متتابعة إن تبتم إلى ربكم سبحانه وتعالى، وهكذا في قوم نوح عليه صلاة والسلام، قال سبحانه وتعالى عنه أنه قال:{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12) مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13)}[نوح:10،13]. يرسل السماء عليكم مدرارا: يرسل المطر عليكم متتابعا، الناس في هذه الأوقات يقولون الأمطار تنزل في أوقات نادرة، على خلاف ما كان عليه الحال فيما مضى من السنين، الأمطار تأتي في أوقات نادرة على خلاف المعهود، والسبب هي ذنوب العباد، قال الله:{وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ (30)}[الشورى:30] فإن استغفرنا ربنا سبحانه وتعالى وتبنا إليه أرسل الله علينا الأمطار المتتابعة كما كان يرسلها في السنين الماضية،{وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ} وكانوا قوما أشداء؛ عاد كانوا قوما أشداء، قال الله:{فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ۖ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15)فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ (16)}[فصلت:15]. فجعل الله سبحانه وتعالى لهم القوة ،فبين لهم نبيهم عليه الصلاة والسلام أنكم إن استغفرتم ربكم وتبتم إليه زادكم قوة إلى قوتكم، قال بعض العلماء كالعلامة ابن القيم رحمة الله عليه في كتابه التبيان المراد بذلك القوة الخارجية، فلهم قوة في باطنهم، قوة في أجسادهم، فإن استغفروا ربهم وتابوا إليه جعل لهم قوة خارج بمعنى قوة من جهة الله عز وجل، فيكون الناصر لهم والحافظ لهم والمعين لهم هو رب العالمين سبحانه وتعالى، ومن حفظه الله فإنه لا يضيع، ومن كان الله مولاه فالغلبة له، ومن كان الله ناصره فمن ذا الذي يغلبه، فهذه القوة الحقيقية القوة من جهة الله عز وجل، قوة على الأعداء من الجن ومن الانس، ويزدكم قوة إلى قوتكم، هذا إن تابوا واستغفروا، ومن تاب إلى ربه واستغفر فإن الله سبحانه وتعالى يزيده قوة إلى قوته، فإن الله سبحانه وتعالى معه، وهو ناصره، وهو مؤيده، وهو المحفوظ بحفظ الله عز وجل، فإن الأعداء لم يتسلطوا علينا إلا بسبب ذنوبنا، فلم ينصرنا الله سبحانه وتعالى عليهم، ولم يعطنا قوة من عنده بسبب ذنوبنا، والله سبحانه وتعالى يقول:{فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10)}[الطارق:10]. لا قوة باطنية يدفع بها الضرر، ولا قوة خارجية من جهة الله عز وجل وهي النصرة وهذا في حق الكافر، الذي عاد إلى ربه سبحانه وتعالى وحشر إليه.وصار بين يدي ربي سبحانه وتعالى في موقف الحساب فإنه لا قوة له ، يبتعد بها عن عذاب الله ويصد عذاب الله سبحانه وتعالى عنه ولا ناصر له، يدفع عنه عذاب الله عز وجل، فذكر الله عز وجل القوة الباطنة والقوة الخارجة، وأنها منفية عن هذا العبد الذي كان من الظالمين لأنفسهم، فهكذا في الحياة الدنيا من كان بعيدا عن الله عز وجل فإنه لا نصر له من جهة الله عز وجل، ولا حفظ له من جهة بالله عز وجل، ولا ولاية له من جهة الله سبحانه وتعالى، إن كان من الكافرين، وإن كان من المشركين، وإن كان من المسلمين العاصين فإن ذلك ينقص في حقه على قدر ذنوبه ومعاصيه، فينقص في حقه حفظ الله ونصرته ومعونته على حسب وقوعه في الذنوب والمعاصي وابتعاده عن طاعة الله عز وجل،{وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52)} هذا واستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم. *الخطبة الثانية:* الحمد لله، نحمده تعالى ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهديه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ذكر لنا ربنا سبحانه وتعالى ما قاله نوح عليه الصلاة والسلام لقومه{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا(11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12)}[نوح:10،11]. كل هذه النعم سببها الإستغفار والتوبة، وعكس ذلك حرمان هذه النعم سببه الذنوب من فعل المعاصي أو ترك الواجبات، فإذا أردنا نعم الله عز وجل الظاهرة والباطنة فعلينا بالرجوع إليه، وإذا أردنا أن ننال الخير في الدنيا والآخرة فعلينا أن نرجع إليه، وأن نستغفر ربنا سبحانه وتعالى من ذنوبنا، فكل شر يأتي للعبد بسبب ذنبه، وتسلط الأعداء كما قلنا بسبب الذنوب والمعاصي، كما قال الله عز وجل:{وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129)}[الأنعام:129]. أي بسبب ذنوبهم، وقال الله:{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)}[آل عمران:165]. فكله من جهة أنفسنا، وإذا أردنا العلاج فالعلاج بالاستغفار والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى من ذنوبنا ومن معاصينا، كان خير الخلق نبينا عليه الصلاة والسلام كثير الإستغفار وكثير التوبة، فكان يقول كما في البخاري(6307) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:"واللَّهِ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ في اليَومِ أكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً. يقسم النبي عليه الصلاة والسلام على ذلك، وأنه يستغفر ربه ويتوب إليه في اليوم الواحد أكثر من سبعين مرة، ربما لا يفعل هذا أحدنا في الشهر، ربما لا يفعل هذا أحدنا في السنة، ونبينا عليه الصلاة والسلام الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يستغفر ربه ويتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة، وفي حديث آخر في مسلم قال :" مائة مرة، يفعل هذا في يوميه مائة مرة عليه الصلاة والسلام وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ما تنزل علينا من نقمة فإنما هي بسبب ذنوبنا، وما ترفع عنا من نعمة فإنما هي بسبب ذنوبنا، والعلاج بأيدنا لكن كثير منا يأبى هذا العلاج، العلاج في أيدينا أن نتوب إلى الله عز وجل وأن نرجع إليه، ونستغفر ربنا من ذنوبنا ونتوب توبة صادقة لا توبة الكذابين، وإنما توبة صادقة ورجوع صادق إلى رب العالمين سبحانه وتعالى، أسأل الله عز وجل أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، اللهم اغفر لنا ذنوبنا أجمعين، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا، وأمددنا بأموال وبنين، واجعل لنا جنات واجعل لنا أنهارا، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وارحمنا برحمتك يا رب العالمين، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، ربنا إننا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.


جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي