الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /البيان الجلي لمعنى حديث الولي
البيان الجلي لمعنى حديث الولي 2022-12-30 04:16:01


*خطبة جمعة بعنوان:البيان الجلي لمعنى حديث الولي*

 
*لشيخنا المبارك:أبي بكر بن عبده بن عبدالله بن حامد الحمادي حفظه الله*
 
*سجلت بتأريخ ٨/ذي القعدة/١٤٤٢ هجرية*
*في سجد المغيرة*
 
 
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرا
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب: 70، 71]
أما بعد:
اعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ بدعة.
روى البخاري في صحيحه(6502)
من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شَيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ، وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ.
هذا الحديث عظيم من الأحاديث القدسية التي يرويها نبينا عليه الصلاة والسلام عن ربه عزوجل،وهو أشرف حديث من أحاديث الأولياء كما ذكر ذلك أهل العلم،استفتحه ربنا عزوجل بقوله من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، فقد آذنته بالحرب: أي فقد أعلمته،وهذا يدل على أن رب العالمين سبحانه وتعالى يحارب من آذى أولياءه،ويحارب ربنا سبحانه وتعالى من عصى وطغى،كما قال سبحانه وتعالى في شأن آكل الربا{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278)فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}[البقرة:278-279].
فآكل الربا محارب والله يحاربه وقطاع الطرق من المحاربين{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)}[المائدة:33].
من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب وأولياء الله سبحانه وتعالى هم الطائعون له عزوجل،المتقربون إلى مرضاته سبحانه وتعالى،فإن الولي بمعنى القريب،والموالاة بمعنى القرب، وقوله عليه الصلاة والسلام فلأولى رجل ذكر أي فلأقرب،ألحِقوا الفرائضَ بأصحابِها، فما أبقَت الفرائضُ فلأَولَى رجُلٍ ذَكَرٍ" رواه البخاري(6732)
أي فلأقرب، فأصل الولاية القرب إلى رب العالمين سبحانه وتعالى،وأصل العداوة البعد،فإن العدو هو البعيد عن ربه سبحانه وتعالى،والولي هو القريب إلى رب العالمين سبحانه وتعالى،وقد بين ربنا سبحانه وتعالى أولياءه من هم؟ فقال سبحانه وتعالى{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)}[يونس:62-63].
فمن كان مؤمناً تقياً فهو لله ولياً، لا كما يفهمه كثير من جهال الناس بأن الولي من مات وبنيت عليه قبة من القبب وصار الناس يتجهون إلى قبره يتمسحون بأتربةِ قبره ويذبحون له ويدعونه من دون الله عزوجل ويستغيثون به من دون الله سبحانه وتعالى،ليست هذه الولاية،هذا هو عين الشرك برب العالمين سبحانه وتعالى الذي من أجل محاربته أرسل الله سبحانه وتعالى الرسل،وأنزل ربنا سبحانه على الكتب، فالولي هو المؤمن التقي،سواء كان حياً أو كان ميتاً،فمن حقق الإيمان برب العالمين سبحانه وتعالى وحقق التقوى فهذا هو الولي من أولياء الله عز وجل قال سبحانه وتعالى{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) }[المائدة:55].
فبين الله سبحانه وتعالى أولياءه، ووصفهم ربهم سبحانه وتعالى بهذه الصفات،فهم يقيمون الصلاة، يؤدون الفرائض التي افترضها الله سبحانه وتعالى عليهم،فيؤدون الصلوات الخمس، يؤدون هذا الركن العظيم من  أركان الإسلام،وأيضاً يؤدون الزكاة، والزكاة قرينة الصلاة وهي ركن عظيم من أركان الإسلام،وهم راكعون قال جماعة من أهل العلم المراد بذلك صلاة النافلة فهم يتقربون إلى ربهم سبحانه وتعالى بالفرائض وبالنوافل فيؤدون ما افترض الله سبحانه وتعالى عليهم من الصلوات،ويتنفلون مع ذلك بنوافل العبادات،كما في هذا الحديث ذكر ربنا سبحانه وتعالى التقرب إليه بالفرائض والنوافل،فهؤلاء هم أولياء الله سبحانه وتعالى،يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويركعون لرب العالمين سبحانه وتعالى،فمن حقق مثل هذه الولاية فكان مؤمناً تقياً، فإن الله سبحانه وتعالى يدافع عنه ويحارب من حاربه، قال سبحانه وتعالى{إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38)
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39)}[الحج:38].
فيدافع عنهم رب العالمين سبحانه وتعالى ويحارب من عاداهم من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب،أي أعلمته في الحرب،وإن من سنن الله عز وجل في أعداء رسله عليهم الصلاة والسلام أنهم إذا آذوا المرسلين فإن الله عز وجل ينتقم لأنبيائه ورسله، فيحارب ربنا سبحانه وتعالى من آذاهم قال سبحانه وتعالى عن نبيه نوح عليه الصلاة والسلام{فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ (10)فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ (14)}[القمر:10-14].
فأغرق الله سبحانه وتعالى الأرض ومن عليها،وأنجى الله سبحانه وتعالى نوحاً ومن معه من المؤمنين،فأمر الله سبحانه وتعالى أبواب السماء أن تتفتح وأن يخرج منها الماء المنهمر، وفجر ربنا سبحانه وتعالى الأرض عيوناً فالتقى ماء السماء بماء الأرض على أمر قد قدره رب العالمين سبحانه وتعالى،فأغرق الله سبحانه وتعالى الأرض،وكان الموج الواحد كأمثال الجبال أغرق الله سبحانه وتعالى الأرض ومن فيها من الكافرين، وانتصر رب العالمين سبحانه وتعالى لنبيه نوح عليه الصلاة والسلام حين دعا ربه فقال إني مغلوب فانتصر،  وقال سبحانه وتعالى عنه في كتابه الكريم{ قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26) فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ ۙ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ ۖ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۖ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ (27)}[المؤمنون:27].
أغرق الله عزوجل الأرض ونصر نبيه نوحاً عليه الصلاة والسلام{ قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (116) قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (117) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (118) فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (119) ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ (120) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ (121) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (122)}[الشعراء:116-122].
وقال سبحانه وتعالى عن نبي من أنبيائه،والظاهر أنه نبي الله صالح عليه الصلاة والسلام،ما سماه رب العالمين ،لكن سياق الآيات تدل على أنه صالح عليه الصلاة والسلام،{قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40)}[المؤمنون:39-40].
أهلكهم الله سبحانه وتعالى،فأرسل الله سبحانه وتعالى عليهم الصيحة، وأهلكهم رب العالمين سبحانه وتعالى بفترة يسيرة وزمن يسير،فانتصر الله سبحانه وتعالى لأنبيائه ورسله،فهم أئمة الأولياء عليهم الصلاة والسلام،  وربنا سبحانه وتعالى يقول:من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه.
فأولياء الله سبحانه وتعالى على قسمين،ذكرهم رب العالمين سبحانه وتعالى وقسمهم إلى قسمين،فمنهم المقتصدون أصحاب اليمين الأبرار الذين يتقربون إلى رب العالمين سبحانه وتعالى بالفرائض،فيؤدون ما افترض الله سبحانه وتعالى عليهم، ويترك ما حرم ربهم عليهم،فإن اجتناب المحرمات من الفرائض،  هؤلاء هم المقتصدون، وهؤلاء هم أصحاب اليمين،وهؤلاء هم الأبرار، وهنالك من هو أرفع منزلة من هؤلاء،  وهم الذين جاؤوا بالفرائض وسارعوا بنوافل العبادات،وسابقوا إلى مرضاة الله عزوجل بالنوافل،وهؤلاء هم السابقون، وهؤلاء هم المقربون،قال سبحانه وتعالى{ وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12)}[الواقعة:7-12].
فهؤلاء هم السابقون،والصنف الأول هم أصحاب الميمنة،هم أصحاب اليمين،{فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91)}[الواقعة:88-91].
وهؤلاء ذكر الله عزوجل حالهم عند موتهم،فمن كان من المقربين فهو أعلى منزلة ومن كان من أصحاب اليمين فهو دون ذلك،والكل مرحمون برحمة الله عزوجل والكل من السعداء،من كان من المقتصدين من الأبرار من أصحاب اليمين أو كان من المسابقين المسارعين في مرضاة الله عزوجل،من المقربين رب العالمين سبحانه وتعالى،فالكل في رضوان الله عزوجل،والكل في رحمة الله سبحانه وتعالى، قال ربنا سبحانه وتعالى وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه،فعلينا أن نحافظ على فرائض الله عزوجل،وأن نتقرب إلى رب العالمين سبحانه وتعالى بالفرائض،ونؤدي ما افترض الله سبحانه وتعالى علينا،هذا واجب علينا وجوباً عينياً،نتقي ربنا سبحانه وتعالى في فرائضه فنحافظ على الفرائض، ونترك ما حرم علينا ربنا سبحانه وتعالى حتى نكون من أوليائه سبحانه وتعالى.
هذا واستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم.
 
الخطبة الثانية:
 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: يقول سبحانه وتعالى في هذا الحديث القدسي وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه،  وأعظم الفرائض توحيد الله عزوجل، ثم بعد ذلك أداء الصلوات التي افترضها علينا ربنا سبحانه وتعالى، وربنا سبحانه وتعالى يقول لنبيه عليه الصلاة والسلام{واسجد واقترب} فالمصلي قريب من ربه سبحانه وتعالى ،والساجد في صلاته قريب من ربه سبحانه وتعالى،في مسلم(482)  عن أبي هريرة رضي الله عنه،قال عليه الصلاة والسلام:"أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ"
فإذا كان العبد ساجداً لله عزوجل فهو قريب من ربه سبحانه وتعالى،ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل أي بعد الفرائض حتى أحبه،فمن تقرب إلى ربه سبحانه وتعالى بنوافل العبادات بعد أداء الفرائض فإنه ينال محبة رب العالمين سبحانه وتعالى،ومن أحبه الله سبحانه وتعالى فهو السعيد في الدنيا والاخرة،يدافع الله سبحانه وتعالى عنه،ويكون ربه سبحانه وتعالى معه، فيؤيده وينصره على أعداءه،ويجعل له ربه سبحانه وتعالى في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ويقيه رب العالمين سبحانه وتعالى أنواع الشرور،  ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته نال هذه المرتبة،فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به،أي أن الله عزوجل يؤيده وينصره في سمعه ويسدده ويحفظه في سمعه فلا يسمع إلا ما يرضي رب العالمين سبحانه وتعالى، فيسمع ما يحبه الله عزوجل ويرضيه،وكنت بصره الذي يبصر به أي أنه يوفق ويسدد في بصره ويحفظ في بصره فلا يبصر إلا ما يرضي ربه سبحانه وتعالى،فيقيه الله عزوجل شر نظره، ويسدده رب العالمين سبحانه وتعالى في بصره، فإذا أبصر أبصر ما لا يعود عليه بالضرر،أبصر ما فيه الخير له في دنياه وأخراه،ويده التي يبطش بها أي أن الله عزوجل يحفظه أيضاً في يده فلا يتناول بها إلا ما يحبه سبحانه وتعالى،ورجله التي يمشي بها أي أن الله يحفظه ويوفقه ويسدده في ممشاه فلا يمشي بقدره إلى معصية الله،وإنما يمشي إلى ما يحب الله سبحانه وتعالى ويرضاه،يحفظه الله عزوجل في جوارحه ،إن كان العبد من المسارعين في مرضات الله،ومن المتقربين إلى رب العالمين بنوافل العبادات بعد أداء الفرائض،فالله يحفظه في سمعه وفي بصره،يحفظ في منطقه،يحفظ في يده،يحفظه في قدمه،يحفظه من بين يديه من خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته،فهو محفوظ بحفظ الله عزوجل، قال وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه، إذا أحبك الله عزوجل أجاب دعائك،ما تسأله من شيء إلا يعطيك،وما تستعيذ به من شر إلا أعاذك، إن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه،فينال العبد الخير العظيم إذا نال محبة الله عزوجل،ولا ينال العبد محبة الله عزوجل إلا إذا تقرب إليه بالنوافل بعد أداء الفرائض،  قال ربنا سبحانه وتعالى في ختام هذا الحديث:وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره مسائته،يبلغ بالعبد المؤمن بالولي من أولياء الله عزوجل بالمؤمن التقي إلى أن الله سبحانه وتعالى يتردد في قبض نفس هذا العبد،وتردد الله سبحانه وتعالى ليس عن جهل تعالى الله عن ذلك فإن الله سبحانه وتعالى قد قضى بالموت على الخلق كل نفس ذائقة الموت، لكن المراد من ذلك أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يقبض روح ذلك العبد المؤمن ويكره إساءة ذلك العبد المؤمن الذي قد أحبه سبحانه وتعالى،  فسم الله عزوجل ذلك تردداً،والله سبحانه وتعالى قد جزم بأن ذلك العبد لابد أن يموت،ولهذا جاء في بعض الحديث وأكره مسائته،ولابد له منه أي لابد له من الموت حتى ينتقل إلى مرضات الله عزوجل،وينتقل إلى نعيم مقيم،ينتقل إلى الدار الآخرة، إلى دار القرار،ينتقل إلى رضوان الله عزوجل،وينتقل إلى رحمة الله،  وللآخرة خير لك من الأولى، ينتقل إلى مرضاةالله عز وجل وإلى رضوانه،فيريد الله سبحانه وتعالى بعبده إلى الخير،لكن العبد يكره الموت لما فيه من الشدة ولما فيه من الألم،والله عزوجل يحب عبده المؤمن ويكره ما يكرهه عبده المؤمن  لكنه لا بد له أن يموت حتى ينتقل إلى ما هو خير له من هذه الحياة الدنيا،فقال الله عزوجل وما ترددت بشيء أنا فاعله،لابد أن يفعله رب العالمين ترددي في نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره مسائته، وفي بعض ألفاظ الحديث ولا بد له منه،فيا عبد الله إن فلاحك وفوزك أن تكن ولياً لله عزوجل،يحبك الله عزوجل وهذه الولاية تنال بالإيمان والتقوى،بالمحافظة على فرائض الله عزوجل،والمسارعة في مرضات الله سبحانه وتعالى،المسارعة بنوافل العبادات بعد أداء الفرائض التي افترضها رب العالمين سبحانه وتعالى،  اسأل الله عز وجل أن يغفر لنا ذنوبنا اجمعين اللهم اغفر لنا ذنوبنا اجمعين اللهم ارحمنا برحمتك يا ارحم الراحمين اللهم الطف بالعباد والبلاد اللهم الطف بالعباد والبلاد اللهم الطف بالبلاد والعباد اللهم اغثنا يا رب العالمين اللهم اغثنا يا رب العالمين اللهم اغثنا يا رب العالمين اللهم ارحمنا برحمتك يا ارحم الراحمين اللهم يسر على المعسرين واقضي الدين عن المدينين وعاف مبتلى المسلمين واشفي مرضاهم وارحم موتاهم إنك أنت الغفور الرحيم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار والحمد لله رب العالمين.



جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي