السبائك الحمراء في بعض أحكام المحرم وعاشوراء
2022-12-31 15:40:00
*خطبة جمعة بعنوان:(السبائك الحمراء في بعض أحكام
المحرم وعاشوراء)*
*لشيخنا المبارك:أبي بكر بن عبده بن عبدالله الحمادي حفظه الله*
*سجلت بتأريخ ٥/محرم/١٤٤٣ هجرية*
*مسجد المغيرة بن شعبة*
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره،
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل
فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده
ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ
تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا
وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ
كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا
سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ
فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]
أما بعد: اعلموا أن خير الحديث كتاب الله،
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة
بدعة.
يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{إِنَّ
عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ
يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ
الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ}[التوبة:36].
وها نحن في هذا الشهر في شهر الله المحرم وهو
من الأشهر الحرم وهو أول السنة الهجرية،فأول السنة الهجرية هو هذا الشهر شهر الله
المحرم،وهو كما قلنا من جملة الأشهر الحرم،التي حرم الله سبحانه وتعالى فيها
الظلم،أي وكد الله عزوجل فيها تحريم الظلم،وإلا فإن ظلم الأنفس وظلم الغير محرم في
سائر أشهر السنة،غير أن الأشهر الحرم أمرها أعظم،والظلم فيها أشد،فلا تظلموا فيهن
أنفسكم،هذا الشهر الذي هو مبدأ التاريخ الهجري،ندب النبي الصلاة والسلام وحث على
صيامه،جاء في مسلم(1163) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم أنه
قال:"أَفْضَلُ الصِّيامِ، بَعْدَ رَمَضانَ، شَهْرُ اللهِ
المُحَرَّمُ، وأَفْضَلُ الصَّلاةِ، بَعْدَ الفَرِيضَةِ، صَلاةُ اللَّيْلِ".
أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم أضافه
الله سبحانه وتعالى إلى نفسه إضافة تشريف إضافة تكريم،كما يُقال بيت الله،ناقة
الله وسقياها،فأضيفت البيت وهي الكعبة إلى الله عزوجل إضافة تشريف وتكريم،وهكذا
أضاف الله سبحانه الناقة إليه إضافة تشريف
وتكريم، فربنا سبحانه وتعالى شرف هذا
الشهر،وكرم هذا الشهر،وهو شهر الله المحرم،وبين نبينا عليه الصلاة والسلام أن
صيامه أفضل الصيام بعد شهر رمضان،وقد استشكل من استشكل عدم صيام رسول الله صلى
الله عليه وسلم لهذا الشهر،مع ندبه على صيامه وإنما كان النبي عليه الصلاة والسلام
يحرص على صيام أكثر شعبان،فقال بعض العلماء: السبب في ذلك لعله لم يبلغ النبي عليه
الصلاة والسلام فضل هذا الشهر،ولم يوحى إليه بفضل صيام هذا الشهر في آخر الأمر،ولم
يدرك النبي عليه الصلاة والسلام صيامه،وقال آخرون:لعل النبي عليه الصلاة والسلام
كان ينشغل بما هو أوكد وأعظم وأفضل من صيام شهر الله المحرم،وقال بعض العلماء: كان
النبي عليه الصلاة والسلام يحرص على صيام شعبان لأنه كالراتبة لرمضان، فكان أمره أوكد،فحرص عليه النبي عليه الصلاة
والسلام،ولأنه شهر يغفل عنه الناس كما أخبرنا بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام،فعلى
كل بين نبينا عليه الصلاة والسلام أن أفضل الصيام بعد رمضان هو صيام شهر الله
المحرم،هنالك من الناس من يصوم شهر رجب،وإذا جاء شهر المحرم ترك الصيام، وهذا فعل خاطئ،فإن نبينا صلى الله عليه وسلم لم
يصم شهر رجب من الأشهر الحرم،وإنما حث على صيام شهر المحرم،لم يصم النبي عليه
الصلاة والسلام شهر رجب ولم يحث على صيامه،وإنما حث نبينا عليه الصلاة والسلام على
صيام شهر الله المحرم،وهذا الشهر الذي نحن فيه الذي يستحب صيامه فيه يوم الصيام
فيه أوكد وأعظم في الأجر،وهو يوم عاشوراء،ويوم عاشوراء هو يوم العاشر من هذا
الشهر،وعلى سبيل التحديد في يوم الخميس القادم،في يوم الخميس القادم يكون
عاشوراء،ويوم التاسع يكون يوم الأربعاء،فحث نبينا عليه الصلاة والسلام على صيامه
وكان نبينا عليه الصلاة والسلام قد أوجب صيامه قبل أن يفرض رمضان،كما في الصحيحين
من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:"كانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ
قُرَيْشٌ في الجَاهِلِيَّةِ، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَصُومُهُ،
فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ وأَمَرَ بصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ
رَمَضَانُ كانَ رَمَضَانُ الفَرِيضَةَ، وتُرِكَ عَاشُورَاءُ، فَكانَ مَن شَاءَ
صَامَهُ، ومَن شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ"أخرجه البخاري (4504)، ومسلم (1125)
فكان صيام يوم عاشوراء في أول الأمر من
الواجبات،فلما شرع وفرض صيام شهر رمضان انتقل الوجوب إليه،وصار صيام يوم عاشوراء
من الأمور المستحبة المؤكدة،في الصحيحين من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال:"قدم
النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما
هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجّى الله بني إسرائيل من عدوّهم، فصامه موسى -
عند مسلم شكراً - فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فأنا أحقّ بموسى منكم،
فصامه وأمر بصيامه"البخاري(2004)ومسلم(1130).
فقدم النبي عليه الصلاة المدينة واليهود
يصومون يوم عاشوراء، أخبروه عن السبب في صيامه،وأن هذا اليوم هو اليوم الذي نجى
الله سبحانه وتعالى فيه موسى وأغرق الله عزوجل فرعون ومن معه من آله وجنده،فصامه
موسى عليه الصلاة والسلام شكراً لله عزوجل،فقال النبي عليه الصلاة والسلام فأنا
أولى بموسى منهم فصامه وأمر الناس بصيامه،وفي البخاري من حديث عبدالله بن عمر رضي
الله عنهما قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم عاشوراء ويأمر
بصيامه". وبنحوه جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها،وفي الصحيحين
من حديث الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت:"أَرْسَلَ النَّبيُّ صَلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إلى قُرَى الأنْصَارِ: مَن أصْبَحَ
مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَومِهِ، ومَن أصْبَحَ صَائِمًا، فَليَصُمْ.
قالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، ونُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، ونَجْعَلُ لهمُ
اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أحَدُهُمْ علَى الطَّعَامِ،
أعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حتَّى يَكونَ عِنْدَ الإفْطَارِ"،أخرجه البخاري (1960)،
ومسلم (1136).
فهكذا حرص نبينا عليه الصلاة والسلام على يوم
عاشوراء،وأرسل إلى قرى الأنصار من يأمرهم بصيامه،وأن من أصبح مفطراً فعليه أن يتم
بقية يوميه من الصيام،ومن أصبح صائما فليستمر في صيامه، وكان من حرص الصحابة
الكرام رضي الله عنهم أجمعين في صيام يوم عاشوراء أنهم كانوا يصومون حتي
صبيانهم،الصبيان الصغار،ويجعلون لهم اللعب من العهن ،فإذا بكى الطفل على الطعام أو
الشراب اعطوه تلك اللعبة يتشاغل بها حتى يكون عند الإفطار فيأكل مع الصائمين،يفطر
مع الصائمين،فهكذا كان الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين،يحرصون على صيام يوم
عاشوراء،وكثير من الناس من هو في حال
الكبر وفي سن الشباب أو فوق ذلك في قوته وصحته وإذا به لا يصم هذا اليوم
المبارك،لا يصوم هذا اليوم العظيم الذي حرص النبي عليه الصلاة والسلام على
صيامه،وحرص على صيامه الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين،في مسلم(1132) من حديث
عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال:"سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ
عنْهمَا، وَسُئِلَ عن صِيَامِ يَومِ عَاشُورَاءَ فَقالَ: ما عَلِمْتُ أنَّ رَسولَ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَامَ يَوْمًا يَطْلُبُ فَضْلَهُ علَى
الأيَّامِ إلَّا هذا اليومَ وَلَا شَهْرًا إلَّا هذا الشَّهْرَ. يَعْنِي
رَمَضَانَ".
كان النبي عليه الصلاة والسلام يحرص على صيام
يوم عاشوراء حرصاً بالغا،وصيام يوم عاشوراء من أسباب كفارة الذنوب،جاء في
مسلم(1162) من حديث أبي قتادة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
قال:"وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ
السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ".
أن يكفر الله عزوجل به ذنوب سنة ماضية،وهذا
فضل عظيم،وتكفير ذنوب السنة الماضية مشروط بأداء الفرائض مع ترك الكبائر،فإنه جاء
في مسلم(233) من حديث أبي هريرة
رضي الله عنه عن رسول الله عليه الصلاة
والسلام أنه قال:"الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ،
وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ
الكَبَائِرَ"
والله عزوجل يقول:{إِن تَجْتَنِبُوا
كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم
مُّدْخَلًا كَرِيمًا (31)}[النساء:31].
فإذا أبدأ العبد الفرائض واجتنب الكبائر فإن
نوافل العبادات يكفر الله سبحانه وتعالى عنه بها الذنوب،ويغفر الله سبحانه وتعالى
بها الذنوب،وليس المعنى أن العبد يقع في كبائر الذنوب ويترك الفرائض ثم يأتيه
الشيطان ويزين له بأن يصوم يوماً في السنة وهو يوم عاشوراء ويكفر الله سبحانه
وتعالى عنه الذنوب الماضية،فلا بد من أداء الفرائض،ولا بد من اجتناب
المحرمات،اجتناب الكبائر التي حرمها رب العالمين سبحانه وتعالى.
معشر المسلمين هذا يوم عاشوراء صامه نبينا
عليه الصلاة والسلام، وصامه المسلمون،وصيام النبي عليه الصلاة والسلام وصيام
المسلمين لهذا اليوم ليس كما يقول من يقول أنه من قبيل الفرح والسرور بمقتل الحسين
رضي الله عنه،فإن من كان مؤمناً لا يفرح بمقتله،لا يفرح بمقتل الحسين، ولا بمقتل
أبيه علي رضي الله عنه،ولا لمقتل عمر رضي الله عنه،ولا بمقتل أحد من الصحابة الكرام
رضي الله عنهم أجمعين،وإنما صام المسلمون ذلك فرحا بهلاك فرعون،وشكرا لله عزوجل حيث أن الله سبحانه وتعالى أهلك ذلك
الكافر الذي أدعى الألوهية والربوبية،وصيام يوم عاشوراء كان في الأمة السابقة،صامه
موسى عليه الصلاة والسلام،وصامه ومن معه من اليهود،وكان الناس في الجاهلية
يصومونه،وصامه بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم،وصامه الصحابة الكرام رضي
الله عنهم أجمعين شكراً لله عزوجل على النعمة التي حصلت لبني اسرائيل،حيث نجى الله
سبحانه وتعالى موسى عليه الصلاة والسلام كليم الرحمن،وأهلك فرعون الذي أدعى
الألوهية والربوبية،والذي حصل ما حصل منه من الكفر العظيم ومن الظلم العظيم ،هذا
واستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم.
*الخطبة الثانية:*
الحمد لله نحمده تعالى
ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا،من يهده الله فلا
مضل له،ومن يضلل فلا هادي له،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:في الصحيحين من حديث
أبي موسى واللفظ لمسلم(1131) قال رضي الله
عنه:"كانَ أَهْلُ خَيْبَرَ يَصُومُونَ يَومَ عَاشُورَاءَ، يَتَّخِذُونَهُ
عِيدًا وَيُلْبِسُونَ نِسَاءَهُمْ فيه حُلِيَّهُمْ وَشَارَتَهُمْ، فَقالَ رَسولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: فَصُومُوهُ أَنْتُمْ".
فكان اليهود يجمعون في هذا اليوم بين أمرين:
بين صيامه ويتخذونه عيداً من حيث اللباس والزينة، فيلبسون نسائهم الحلي،ويلبسون
نساءهم الألبسة الجميلة الحسنة في هذا اليوم،فخالفهم النبي عليه الصلاة والسلام
فيما أحدثوه وأمر بصيامه دون ما أحدثوه،فقال النبي عليه الصلاة والسلام:"
فصوموه أنتم".أي ولا تتخذونه عيدا كما اتخذه اليهود، فما يعتقده بعض الناس من
استحباب التوسعة على الأهل والأولاد في يوم عاشوراء،وأن من وسع على أهله في يوم
عاشوراء وسع الله عزوجل عليه في سائر سنته،فإن هذا حديث مكذوب على رسول الله عليه
الصلاة والسلام،لم يقله النبي عليه الصلاة والسلام قط،ولم يأتي في الحديث استحباب
الاكتحال ،ولا الإغتسال،ولا التزين،ولا لبس الألبسة الجميلة في يوم عاشوراء،بل هذا
من فعل اليهود، من فعل اليهود كانوا يفعلون ذلك، وإنما الذي حث عليه نبينا عليه
الصلاة والسلام هو صيام يوم عاشوراء فقط،وقد عزم النبي عليه الصلاة والسلام على
مخالفة اليهود في هذا اليوم بأن يصوم التاسع،لكنه مات عليه الصلاة والسلام قبل أن
يدرك يوم عاشوراء من العام المقبل، وقد
كان عازماً على أن يصوم التاسع والعاشر،كما جاء في مسلم(1916)
من حديث عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا قال : حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ
إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ
اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ
حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
أي لأصومن التاسع مع العاشر من أجل مخالفة
اليهود والنصارى،فصيام التاسع العاشر من الأمر المستحب من أجل مخالفة اليهود
والنصارى،وإذا صام الإنسان يوم عاشوراء فقط فإن ذلك يجوز أن يصوم يوم عاشوراء
فقط،لكن الأكمل أن يصوم التاسع مع العاشر،وإن صيام التاسع والعاشر والحادي عشر فإن
هذا لم يثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام،وما جاء في المسند من حديث عبدالله
بن عباس لله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:"صوم يوم عاشوراء
وخالفوا اليهود صوموا يوما قبله ويوما بعده".فإنه حديث لا يثبت عن رسول الله
عليه الصلاة والسلام،وهو من طريق محمد بن أبي ليلى وهو من جملة الضعفاء،فلا يثبت
هذا الحديث، والذي ثبت في صحيح الإمام مسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام
قال:" إذا كان العام المقبل إن شاء الله لأصومن التاسع".أي التاسع
العاشر، وصوم يوم عاشوراء يصام في الحضر
والسفر لأنه ليس له عدة من أيام أخر، وكان الزهري رحمة الله يصوم يوم عاشوراء في
السفر ويقول رمضان له عدة من أيام أخر،وأما عاشوراء فليس له عدة من أيام أخر،وكان
ابن عباس رضي الله عنهما يصوم يوم عاشوراء حتى في السفر،وذهب إلى صيامه في السفر
جماعة من أهل العلم،اسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين،وأن يرحمنا
برحمته إنه هو الغفور الرحيم،اللهم اهدنا وهدي بنا واجعلنا هداة مهتدين غير ولا
مضلين، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها،ربنا
إننا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لنا مغفرة من
عندك وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم،اللهم يسر على المعسرين واقض الدين عن
المدينين وعافي موتى المسلمين واشف مرضاهم وارحم موتاهم إنك أنت الغفور
الرحيم،اللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين،اللهم عافنا في الدنيا والآخرة،اللهم
من أراد ببلادنا سوءا ومكرا ومكيدة فاجعل كيده في نحره واجعل تدميره في تدبيره
واكف المسلمين شره إنك على كل شيء قدير،ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة
وقنا عذاب النار والحمد لله رب العالمين.