الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /إيضاح المكارم في حديث اتق المحارم
إيضاح المكارم في حديث اتق المحارم 2023-01-13 00:50:21


خطبة جمعة بعنوان (إيضاح المكارم في حديث اتق المحارم)
لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله ورعاه
سجلت بتأريخ ١٣جماد الثاني ١٤٤٤ه‍
مسجد المغيرة بن شعبة 
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا  من له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم 
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]
أما بعد: اعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
روى الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من أخذُ عنِّي هؤلاءِ الكلماتِ فيعملُ بِهنَّ أو يعلِّمُ من يعملُ بِهنَّ قال أبو هريرة رضي الله عنه أنا يا رسولَ اللَّهِ فأخذَ بيدي فعدَّ خمسًا فقالَ اتَّقِ المحارمَ تَكن أعبدَ النَّاسِ وارضَ بما قسمَ اللَّهُ لَك تَكن أغنى النَّاسِ وأحسِن إلى جارِك تَكن مؤمنًا وأحبَّ للنَّاسِ ما تحبُّ لنفسِك تَكن مسلِمًا ولا تُكثرِ الضَّحِك فإنَّ كثرةَ الضَّحِك تُميتُ القلبَ.
فالنبي عليه الصلاة والسلام حث على هذه الكلمات وقال عليه الصلاة والسلام: من أخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهنّ، إما أن يعمل بهنّ وإما أن يبلغ هؤلاء الكلمات لمن يعمل بهنّ، لما فيهن من الخير العظيم، فقال أبو هريرة رضي الله عنه : أنا يا رسول الله فأخذ النبي عليه الصلاة والسلام بيد أبي هريرة، ثم عد خمسا فقال عليه الصلاة والسلام: اتق المحارم تكن أعبد الناس، إذا أردت أن تكون من أعبد الناس فاتقي محارم الله عز وجل، اتقي ما نهاك الله وتعالى عنه، ابتعد بعداً بالغاً  عن جميع سخط الله سبحانه وتعالى، والنبي عليه الصلاة والسلام قال اتق المحارم ولم يقل عليه والسلام اترك المحارم، والإتقاء أبلغ من الترك، فإن الاتقاء أن تجعل بينك وبين محارم الله عز وجل وقاية، فيدل ذلك على الإبتعاد من محارم الله عز وجل، فلا تقع في المحارم ولا تقرب منها، فاجعل بينك وبين محارم الله عز وجل وقاية، ومن جملة ذلك أن تتقي الشبهات، فإنك إن اتقيت الشبهات فقد جعلت بينك وبين الحرام وقاية، وفي حديث النعمان بن بشير في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام :"إنَّ الحلالَ بيِّنٌ وإنَّ الحرامَ بيِّنٌ وبينهما أمورٌ مُشتبِهاتٌ لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس فمنِ اتَّقى الشُّبُهاتِ استبرأ لدِينِه وعِرضِه ، ومن وقع في الشُّبهاتِ وقع في الحرامِ ، كالراعي يرعى حول الحِمى يوشكُ أن يرتعَ فيه ، ألا وإنَّ لكلِّ ملكٍ حمًى ، ألا وإنَّ حمى اللهِ محارمُه...
فالشبهات إذا اتقيتها فقد جعلت بينك وبين الحرام وقاية، وابتعدت عن الحرام، ومن الشبهات ما اتشبه عليك حله وحرمته فلم تدري هل هو من الحلال أو هو من الحرام، فما اشتبه عليك فابتعد عنه ولا تقع فيه، فإن من وقع في الشبهات وقع في الحرام كما أخبرنا بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، إما على معنى التدرج يتدرج العبد من الشبهات إلى أن يقع في الحرام البين، أو على معنى أن العبد قد يكون صادف الحرام حقيقة وهو لا يدري أهو حلال أم هو حرام فإذا ما وقع العبد في ذلك الأمر الذي اشتبه عليه ربما كان ذلك من الحرام عند رب العالمين سبحانه وتعالى، فمن وقع في الشبهات وقع في الحرام، فإذا أردت أن تكون من أعبد الناس فاتقي محارم الله عز وجل،  ومحارم الله سبحانه وتعالى يدخل فيها ترك الواجبات، فإن مما حرمه الله سبحانه وتعالى علينا أن نترك ما أوجبه من فرائضه، فترك المحارم يدخل في ذلك هذا الأمر، وليس المعنى أن الإنسان يترك السيئات من الكذب ومن الغيبة ومن النميمة ومن أنواع الفواحش ثم لا يبالي بترك فرائض الله عز وجل، فإن ترك الفرائض من أعظم المحرمات، فإذا أردت أن تكون أعبد الناس فاستقم على أمر الله عز وجل، استقم على طاعة الله سبحانه وتعالى، واجتنب محارمه، فحينئذ فأنت من أعبد الناس، اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، كثير من الناس يطلب الغنى ويسعى في ليله ونهاره إلى الغنى يريد أن يزيل عن نفسه الفقر ويظن على أن الغنى بكثرة المال وهذا ظن خاطئ، فليس الغنى بكثرة المال وإنما الغنى غنى النفس، الغنى غنى القلب، أن ترضى بما قسمه الله لك فأنت الغني، وإن لم ترضى بما قسمه الله لك فأنت الفقير وإن كثر مالك، إن رضيت بما قسم الله لك فأنت الغني وإن قل مالك، وإن لم ترضى بما قسم الله فأنت الفقير وإن كثر مالك، هذا هو الغنى وذلك هو الفقر، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، هكذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:" ليس الغنى عن كثرة العرض أي من الأموال والمتاع، فليس من كثر ماله وكثر متاعه هو الغني، ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس، وهو الرضا بما قسم الله سبحانه وتعالى لك، فإن رضيت فأنت الغني، وإن لم يوجد في قلبك الرضا فأنت الفقير، وإن ملكت الدنيا، فالفقر في قلبك، في حديث أنس في الصحيحين، قال عليه الصلاة والسلام:"لوْ كانَ لاِبْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِن ذهب لَابْتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا، وَلَا يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلَّا التُّرَابُ،ويَتُوبُ اللَّهُ علَى مَن تابَ.
إلى هذا الحد لو أعطاك الله سبحانه وتعالى واديا من ذهب ما هو من فضة، ولا من أوراق كالأوراق الموجودة في هذه الأزمان، وإنما واد من ذهب من ذهب خالص، إذا أعطاك الله وتعالى هذا المقدار من المال فإنك إن لم يكن في قلبك الغنى والرضا بما قسم الله لك فأنت فقير، قال عليه الصلاة والسلام لو كان لابن آدم واد من ذهب لأحب واديا آخر، أن يكون له ذلك، قال ولا يملأ فاه إلا التراب ويتوب الله على من تاب، لا يملأ فاه ابن آدم إلا التراب إذا صار من الموتى، وصار من أهل القبور، فحينئذ يزهد في الدنيا وما فيها وإن لم يكن صالحا قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت، ولم يقل لعلي انشغل بتجارتي وبمالي وبأهلي وبولدي وإنما لعلي أعمل صالحا فيما تركت، فإذا صار من أهل القبور فإنه يزهد في الدنيا ويعلم أنه كان مغبونا، حين ضيع آخرته من أجل الدنيا، الغنى غنى النفس، هكذا أخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس، فمن كان كثير المال وهو فقير القلب فإنه يلهث وراء الدنيا ويظن به حاجة ويكد فيها ويكد ويجتهد مع أن ما عنده يكفيه ويكفي من يعول ومن يأتي بعده إلى أزمان كثيرة لكن في قلبه الفقر، إن الإنسان خلق هلوعا، أي عنده الشره الكبير على الدنيا وعلى المال،{ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22)}[19،22].
الذين اقبلوا على ربهم سبحانه وتعالى وأرادوا الدار الآخرة، فقد استثناهم الله سبحانه وتعالى من الهلع، وإلا فإن هذا حال الإنسان عنده الشره الكبير على جمع الدنيا من حلها ومن حرامها ولا يشبع، لا يشبع منها، فإن لم يعطى منها جزع وإن أعطي منها المال الكثير منع، ولم يؤدي ما افترض الله سبحانه وتعالى عليه في ماله، إلا من كان مصليا تقيا لربه سبحانه وتعالى، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتأمر العبد بكل خير، ولهذا قال سبحانه وتعالى إلا المصلين. وعند الترمذي من حديث أنس بن مالك رضي الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من كانت الدُّنيا همَّه ، فرَّق اللهُ عليه أمرَه ، وجعل فقرَه بين عينَيْه ، ولم يأْتِه من الدُّنيا إلَّا ما كُتِب له ، ومن كانت الآخرةُ نيَّتَه ، جمع اللهُ له أمرَه ، وجعل غناه في قلبِه ، وأتته الدُّنيا وهي راغمةٌ.
فإذا أردت أن تكون من أغنى الناس فارضى بما قسم الله لك، ولا تنظر إلى من هو فوقك، وانظر إلى من هو دونك حتى تشكر ربك سبحانه وتعالى، في مسلم حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:"انظروا إلى من هو أسفلَ منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقَكم ، فإنه أجدَرُ أن لا تزدَروا نعمةَ اللهِ عليكم.
فلا تنظر إلى من كثر ماله وانظر إلى من هو دونك في المال وفي غير ذلك. حتى تحمد ربك سبحانه وتعالى على ما منّ عليك ، وتشكر ربك سبحانه وتعالى.
عباد الله : العيش الهنيئ هو عيش الرضا بالقضاء، أن ترضى بما قسمه الله لك، وهذا هو الفلاح أن ترضى بذلك وإن قل مالك، في مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"قد أفلح من أسلَم و رُزِقَ كفافًا ، و قَنَّعَه اللهُ بما آتاه.
فهذا هو المفلح الذي رزق الكفاف لا غنا مطغ ولا أصابه الفقر الشديد بحيث أنه يحتاج إلى الناس ويتكفف الناس في المسألة، وإنما يعطى العبد الكفاف ما يكفي مع غنى النفس، قال عليه الصلاة والسلام وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم. 
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: قال نبينا عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا، إذا أردت أن تكون مؤمنا فأحسن إلى جارك بكل ما تستطيع، وكف أذاك عنه، فهذا أقل ما تفعله مع جارك، وفي الصحيحين من حديث أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره.
وهكذا قال عليه الصلاة والسلام كما في البخاري من حديثه:" والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قالوا من يا رسول الله؟ قال من لا
يأمن جاره بوائقه.
فأقسم النبي عليه الصلاة والسلام أن من كان كذلك لا يؤمن، والبوائق هي العظائم والشرور، فإذا كنت لا تأمن من جارك الظلم والشر والكيد والمكر فهذا جار سيء، نفى النبي عليه الصلاة والسلام عنه الإيمان،  فقال والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن ثم قال من لا يأمن جاره بوائقه.
وفي مسلم من حديث أبي هريرة قال عليه الصلاة والسلام:" لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه.
فالإحسان إلى الجار من صفات أهل الإيمان، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:"لا يزال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
أي من شدة وصية جبريل لنبينا عليه الصلاة والسلام بالجار وبحقوقه ظن النبي عليه الصلاة والسلام أن رب العالمين سوف يوحي إليه بأن يجعل الجار وارثا ، من جملة الورثة يرث الجار من جاره، وهذه من شدة وصية رب العالمين سبحانه وتعالى لنبينا عليه الصلاة والسلام بالجار وبحقوقه، ثم قال عليه الصلاة والسلام : وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما، أحب للناس ما تحب لنفسك، وفي مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال عليه الصلاة والسلام:" من أحب أن يزحزح عن النار وأن يدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأتي إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، عامل الناس واجعل نفسك ميزانا لهم، فما أحببت أن يعاملك به الناس فعامل به الناس، فأنت لا تحب أن يأخذ الناس أموالك ظلما فلا تفعل ذلك بغيرك، لا تحب أن يكذب عليك الناس فلا تكذب عليهم، لا تحب أن يغشك الناس فلا تغش الناس، لا تحب أن يظلمك الناس فلا تظلم الناس، عامل الناس بالذي تحب أن يعاملك الناس به، إذا كنت كذلك فأنت من أهل الإسلام، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما، هكذا يقول نبينا عليه الصلاة والسلام، وختم الحديث بقوله عليه الصلاة والسلام :" وإياك وكثرة الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب، لا تكثر من الضحك فتكون غافلا عن الآخرة فإن كثرة الضحك يميت القلب، أي يميت إيمان القلب، ويميت الخوف، ويميت أعمال القلب الصالحة، وليس المراد بالموت الموت الحسي وإنما الموت المعنوي، فإنك كثرة الضحك تنسي الآخرة، وإنما يضحك الإنسان في أوقات ولا يكثر من الضحك، وإلا فإن الضحك في بعض الأوقات مما لا بأس به، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يمازح أصحابه ويضحك، والضحك صفة كمال اتصف بها رب العالمين سبحانه وتعالى، وإنما الذي ذمه نبينا عليه الصلاة والسلام كثرة الضحك بحيث يكون العبد غافلا في جميع أوقاته عن الدار الآخرة، في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه ومن حديث عائشة وجاء عن غيرهما عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال :" لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، لو تعلمون ما أعلم مما بين أيدينا من أهوال القبور ومن أهوال الحشر وما بعد ذلك من الأمور العظام لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا. وفي حديث أبي ذر عند أحمد والترمذي وعند غيرهما عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:"إنِّي أرَى ما لا ترَونَ وأسمعُ ما لا تسمَعون ، أَطَتْ السماءُ وحق لها أن تَئِطَّ ؛ ما فيها موضِعُ أربعِ أصابِعَ إلا ومَلَكٌ واضِعٌ جبهَتَهُ لله ساجدًا . واللهِ لو تَعلمونَ ما أعْلَمُ لضَحِكْتُمْ قليلًا ولبَكَيتُمْ كثيرًا ، وما تَلَذَّذْتُمْ بالنساءِ على الفُرُشِ ، ولخَرَجْتُمْ إلى الصَّعُدَاتِ.
أي إلى الأراضي الواسعة، إلى فيحاء من الأرض، ولا خرجتم إلى الصعدات تجأرون أي تصيحون وتدعون ربكم سبحانه وتعالى، هذا لو علمنا ما يعلمه عليه الصلاة والسلام من ما بين أيدينا من الأمور العظام،  فالواجب على العبد أن يسارع في مرضاة الله، وإن يتقي ربه في الدنيا حتى إذا انتقل منها ينتقل إلى أمن لا ينتقل إلى مخاوف وإلى شدائد، فإن من استقام على دين الله عز وجل أمنه الله في الدنيا وفي الآخرة{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30)}[فصلت:30].
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحمنا برحمته إنه الغفور الرحيم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، اللهم اهدنا إلى الصراط المستقيم واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم ارحمنا برحمتك، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.



جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي