الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /المحاقّة في التحذير من بدع رجب وبيان ما في البدع من المشاقّة
المحاقّة في التحذير من بدع رجب وبيان ما في البدع من المشاقّة 2023-01-28 21:57:19


خطبة جمعة بعنوان (المحاقة في التحذير من بدع رجب وبيان ما في البدع من المشاقة)


لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله ورعاه

سجلت بتاريخ ٥ رجب ١٤٤٤ه‍

بمسجد السنة 🕌 خنوة 


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم.

 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].

 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]

أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة.

يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ}[المجادلة:5].

ومعنى كبتوا أي أصابهم الذل والخزي، وأصل الكبت السقوط على الوجه، والذين يحادون الله ورسوله هم الذين يكونون في حد أي في جانب، والله عز وجل ورسوله في جانب آخر، فلا يكون مع الله ومع رسوله عليه الصلاة والسلام، وإنما الله عز وجل ورسوله في حد وهم في حد آخر، أي في جانب آخر

 قال الله 

( إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين)، بين سبحانه وتعالى أن هذه هي منزلتهم فهم في الأذلين، فهم في ذل وخزي، وهم حقراء لا قيمة لهم ولا شأن لهم عند رب العالمين سبحانه وتعالى، وهكذا يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :{وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)}[النساء:115].

فبين سبحانه وتعالى عاقبة من يشاقق رسول الله عليه الصلاة والسلام، بمعنى أنه يكون في شق أي في جانب، ورسول الله عليه الصلاة والسلام في شق أي في جانب آخر، فيخالف رسول الله عليه الصلاة والسلام، ويبتعد عن هديه،ويبتعد عن شرعه وعن سنته، ويخالف ذلك إلى غيره، فهذه هي المشاقة لرسول الله عليه الصلاة والسلام، وقال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ وَمَن يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13)}[الأنفال:13.

 فتوعدهم الله سبحانه وتعالى بالعقاب والعذاب الأليم بسبب المشاقة له ولرسوله عليه الصلاة والسلام، فالمشاقة لله ولرسوله والمحادة لله ولرسوله من الأمور العظيمة، ومن الذنوب الكبيرة، والناس في هذا الباب متفاوتون فأعظم المشاقة لله ولرسوله، وأعظم المحادة لله ولرسوله المشاقة والمحادة بالكفر والشرك، فإن هذا هو أعظم المحادة وأعظم المشاقة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، وفي المرتبة الثانية البدع والأهواء، فالذي يبتدع في دين الله عز وجل ولا يتابع رسول الله عليه الصلاة والسلام في دينه وشرعه ويتبع هواه فإنه مشاق لرسول الله عليه الصلاة والسلام، ومشاق أيضا لرب العالمين سبحانه وتعالى، فالبدع والأهواء مشاقة لله، ومشاقة لرسول الله عليه الصلاة والسلام، فإن ربنا سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ}[الشورى:21].

ومن ابتدع شيئا في دين الله عز وجل يخالف ربه ويشاق ربه في ذلك فإن المبتدع قد شرع شرعا من عند نفسه، وجعل نفسه شريكاً مع رب العالمين سبحانه وتعالى في حكمه، فإن الحكم لله عز وجل والأمر لله سبحانه وتعالى، والدين الذي شرعه هو رب العالمين وتعالى، فمن جاء بدين وبعمل وبعبادة لم يأمر الله بها ولم تأتي بها سنة سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام فإنه في شق وربه سبحانه وتعالى في شق آخر، وهو في شق ورسول الله عليه الصلاة والسلام في شق آخر، {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ}

وهكذا يقول سبحانه وتعالى كتابه الكريم:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ}[المائدة:3].

ومن ابتدع شيئاً في دين الله عز وجل فإنه يقول لا يا رب بقى العمل الفلاني وبقت العبادة الفلانية وبقاء الأمر الفلاني فدينك يا رب لم يكمل بعد، فهذه مشاقة لرب العالمين سبحانه وتعالى، فأخبرنا ربنا سبحانه وتعالى أن الدين قد كمل، والدين هو العمل، وهو العبادة لله عز وجل، فقد أكمل الله سبحانه وتعالى دينه، فكل عبادة مذكورة في كتاب الله، وفي سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، أي العبادة التي يحبها الله وشرعها رب العالمين سبحانه، وما كان من العبادة لم تذكر في كتاب الله ولا في سنة النبي عليه الصلاة والسلام فهي البدع وهي المشاقة لله والمشاقة لرسول الله عليه الصلاة والسلام، أكمل الله لنا الدين فما علينا إلا أن ننظر في دين الله عز وجل، ننظر في كتاب الله ، وننظر في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا نتجاوز الكتاب والسنة، فلا نعمل إلا على وفق كتاب الله، وعلى وفق سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا نحدث عبادات من جهة أنفسنا، فالدين قد أكلمه رب العالمين سبحانه،{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ

فمن أحدث عبادة فهو مشاق لله عز وجل، ومشاق لرسول الله عليه الصلاة والسلام، وهكذا نبينا عليه الصلاة والسلام يقول كما في الصحيحين من حديث عائشة:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.

وفي مسلم :" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.

وعند أبي داود وغيره من:" صنع أمرا على غير أمرنا فهو رد.

فهو رد: أي مردود، ومن أحدث عبادة من جهة نفسه فإنه يشاق رسول الله عليه الصلاة والسلام ويقول: ليست مردودة، هذه عبادة مستحبة ومستحسنة لم يأتي بها النبي عليه الصلاة والسلام، ويستحسنها ويستحبها ويقول :ليست مردودة بل هي مقبولة عند الله عز وجل، فيكون بذلك قد شاق رسول الله الصلاة والسلام، فإن نبينا عليه الصلاة والسلام يقول: فهو رد، من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد، وأمرنا الذي أشار إليه النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: من أحدث في أمرنا هذا هو أمر الدين، فهو الأمر الذي أشار إليه النبي عليه الصلاة والسلام بقوله هذا، أما أمور الدنيا فيفعل الناس ويحدثون ما شاءوا مما ليس فيه مفسدة شرعية ولا محذور شرعي، أما أمر الدين فلا يفعل الإنسان عبادة إلا قد دل عليها كتاب الله، ودلت عليها سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فالدين هو الامتثال والتعبد لله عز وجل بما شرع، فلا يتعبد الإنسان ربه بهواه كما عليه النصارى، فإنهم أحدثوا عبادات من جهة أنفسهم وغيروا وبدلوا وزادوا في دينهم وانقصوا وهم من الضلال الذين أمرنا أن نستعيذ منهم في صلاتنا في كل ركعة من ركعاتها، فيقول المصلي داعيا ربه: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، والمغضوب عليهم هم اليهود، والضالون هم النصارى الذين ضلوا عن الطريق، وأحدثوا وابتدعوا في دينهم ما لم ينزل الله سبحانه وتعالى به سلطانا، فلا نكن كأمثالهم، وعلينا أن نقتدي بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وألا نتجاوز كتاب الله وسنة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، وإلا كنا من المشاقين لله عز وجل، ومن المشاقين لرسول الله عليه الصلاة والسلام، وهكذا جاء في مسلم من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه كان يقول في خطبه:" أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وعند النسائي وكل ضلالة في النار، فأخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام أن البدع هي شرار الأمور، وهي أشر الأمور، فهي أعظم من سائر المعاصي التي هي دون الكفر والشرك، فالبدع هي شرار الأمور بنص حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن ابتدع شيئاً فإنه يشاق رسول الله عليه الصلاة والسلام، ويقول لرسول الله عليه الصلاة والسلام ليست البدعة من شرار الأمور بل هي عبادة وقربة، فيشاق رسول الله عليه الصلاة والسلام في خبره، وفي الحديث قال النبي عليه الصلاة والسلام:" وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، فأخبرنا النبي الصلاة والسلام أن جميع البدع من الضلال، والمبتدع يشاق رسول الله عليه الصلاة والسلام ويقول بل هي هدى وخير وليست من الضلال، ويخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام أن كل بدعة في النار، والمبتدع يشاق رسول الله رسول الله عليه الصلاة والسلام في خبره ويرى أنها من أسباب الفوز والفلاح، فمن ابتدع شيئاً في دين الله عز وجل فقد شاق الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، اعلموا معشر المسلمين أن نبينا عليه الصلاة والسلام لم يمت إلا وقد أكمل الله به الدين، وبلغ البلاغ المبين، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، قال سبحانه وتعالى :{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}[المائدة:67].

فقد بلغ نبينا عليه الصلاة والسلام الرسالة، فكل خير دلنا عليه، وكل ما يقربنا إلى ربنا سبحانه وتعالى فقد دلنا عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام، فما لم يأتي في كتاب الله ولا في سنة النبي عليه الصلاة والسلام من أنواع العبادات فالواجب على العبد أن يبتعد وألا يبتدع، وألا يكن مشاقا لله ولرسول الله عليه الصلاة والسلام، ونحن في هذا الشهر رجب شهر العجب أحدث الناس فيه البدع الكثيرة، وجاءوا بعبادات متنوعة مختلفة لا أساس لها ولا أصل لها في كتاب الله ولا في سنة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، وما عرفها من مضى من الصحابة الكرام، ولا من جاء بعدهم من التابعين، ولا من أتباع التابعين، ولا عرفها أحد من الأئمة الأربعة، وإنما هي أشياء أحدثها الناس بأهوائهم من أنواع الصيام، ومن أنواع الصلاة، وغير ذلك من أنواع العبادات، وتعظيم هذا الشهر أعظم من غيره من أمور الجاهلية، روى ابن أبي شيبة في مصنفه، عن خرشة بن الحر رحمة الله عليه قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب على أيدي الصائمين في رجب ويقول حتى يضعوا أيديهم في الجفان، أي في الطعام، ويقول : كلوا هذا شهر كان يعظمه أهل الجاهلية.

فتعظيم هذا الشهر من أمر أهل الجاهلية أعني أن يعظم بأنواع العبادات.وما إلى ذلك، فإن هذا من أمر أهل الجاهلية، شأن هذا الشهر كشأن غيره من الأشهر الحرم، لا يجوز للعبد أن يظلم نفسه، فلا تظلموا فيهن أنفسكم، ومن الظلم أن يقع العبد في البدع والأهواء في شهر من الأشهر الحرم، فهذا الشهر كغيره أحدث الناس أمورا مختلفة ومتنوعة لا أساس لها ولا أصل لها في كتاب أو في سنة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، فاحذر يا عبد الله من ذلك غاية الحذر والدين هو الاتباع وليس الدين هو الهوى والابتداع.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: اعلموا معاشر المسلمين أن كثيرا من الناس ممن اتبعوا أهوائهم أحدثوا أشياء كثيرة في هذا الشهر من أنواع الصلوات ومن الصيام ومن غير ذلك، فمن الصلوات التي أحدثها الناس ما يسمى بصلاة الرغائب، فأحدثوا صلوات في أول الشهر، وصلوات في وسط الشهر، وصلوات في آخر الشهر، لا أساس لها من سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فصلاة الرغائب في ليلة أول جمعة من رجب لا أساس لها ولا أصل لها، لا في كتاب الله، ولا في سنة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، وما جاء فيها من الأحاديث فهو من المكذوب على رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحدثوا في وسطه صلاة في بعض الأماكن والبلدان يسمونها صلاة أم داود، كذلك لا أصل لها ولا أساس لها، وقبل ذلك أحدثوا أيضا صلاة الألفية في أول رجب وهي عبارة عن مائة ركعة في كل ركعة يقرأون سورة الإخلاص مائة مرة، يسمونها صلاة الألفية لا أساس لها ولا أصل لها لا في كتاب الله ولا في سنة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، وأحدثوا في آخر الشهر صلاة المعراج ولا أصل لهذه الصلاة في كتاب الله ولا في سنة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، وهذه الصلوات التي تسمى صلاة الألفية، أو صلاة الرغائب، أو صلاة أم داود، أو صلاة المعراج، لا أساس لها، ولا أصل لها لا في الكتاب ولا في السنة، ولا في آثار الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين، ولم يستحب ذلك أحد من التابعين، ولا من أتباعهم، ولا من جاء بعدهم، ولا أحد من الأئمة الأربعة، إنما أحدثها الناس بأهوائهم، الصلوات التي افترضها رب العالمين سبحانه وتعالى صلوات معلومة في اليوم والليلة هي خمس صلوات، والصلوات المستحبة التي استحبها النبي عليه الصلاة والسلام صلوات كثيرة معلومة في سنته في اليوم والليلة، أو في غير ذلك، وهنالك صلوات وجبت لسبب من الأسباب، وصلوات تجب في العام مرة كصلاة العيدين، وهناك صلوات تجب على الكفاية كصلاة الجنازة، وهنالك صلوات لها أسباب كصلاة الكسوف للشمس أو القمر، وكذلك صلاة الوتر، وصلاة الضحى، ورواتب الصلوات القبلية والبعدية، هذه الصلوات التي جاءت في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام وهي من هديه وهي من سنته، وأما سائر تلك الصلوات فإنها من المشاقة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، وهكذا صيام أول خميس من رجب لا أساس له، ولا أصل له في كتاب الله ولا في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإنما المستحب من ذلك أن يصوم الإنسان في كل أسبوع يوم الخميس والإثنين في كل أسبوع من جميع الأشهر، لا يخص شهرا من الأشهر ولا خميسا في شهر من الأشهر فإن هذا من المحدثات ولا أساس لها، لا اساس لهذا الصيام في سنة رسول الله الصلاة والسلام، وهكذا ما يعتقده كثير من جهال الناس أن شد الرحال إلى مسجد الجند لإقامة أول جمعة أن هذا من الحج الأصغر، وأنه حج الفقراء والمساكين كل هذا كذب وافتراء على رب العالمين سبحانه، وعلى رسوله عليه الصلاة والسلام، فأين في كتاب الله الحج إلى غير بيت الله الحرام؟ وربنا سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ}[البقرة:158].

فالحج والعمرة إنما هي للبيت الحرام، هذا الذي أمر الله به، وهذا الذي شرعه رب العالمين سبحانه وتعالى، وشرعه نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام، وقال سبحانه :{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[آل عمران:97].

فهذا الحج المشروع في كتاب الله، والمشروع في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذي أجمع عليه المسلمون، أما الحج إلى مسجد الجند فلا أساس له في كتاب الله، ولا أساس له في رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من المشاقة لرسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن المشاقة قبل ذلك لكتاب الله عز وجل، فتمسكوا معشر المسلمين بكتاب الله، وتمسكوا بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإياكم وما أحدث الناس فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، والبدع هي شرار الأمور كما أخبرنا بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام. 

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وأن يرحمنا برحمته إنه الغفور الرحيم، اللهم نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، اللهم اهدي قلوبنا لطاعتك، وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر لموتى المسلمين أجمعين، اللهم اغفر لموتى المسلمين أجمعين، اللهم اغفر لموتى المسلمين أجمعين، وارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه، إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم يسر على المعسرين واقض الدين عن المدينين وعافي موتى المسلمين واشف مرضاهم وارحم موتاهم إنك أنت الغفور الرحيم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.



جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي