الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /الوابل الصيب في بيان أن الجنة لا يدخلها إلا الطيب خطبة ١٥ شوال ١٤٤٤
الوابل الصيب في بيان أن الجنة لا يدخلها إلا الطيب خطبة ١٥ شوال ١٤٤٤ 2023-05-06 18:23:11


خطبة جمعة بعنوان (الوابل الصيب في بيان أن الجنة لا يدخلها إلا الطيب)

لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله ورعاه

سجلت بتاريخ ١٥شوال١٤٤٤ه‍
مسجد المغيرة بن شعبة/مدينة القاعدة محافظة إب حفظها الله وسائر بلاد المسلمين

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم.
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]
أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.

يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (32)}[النحل:32].
فبين ربنا سبحانه وتعالى أن الجنة يدخلها من كان طيبا، فالذين تتوفاهم الملائكة على هذا الوصف الذي ذكره رب العالمين سبحانه وتعالى طيبين، فهؤلاء هم أصحاب الجنة، فالجنة طيبة لا يدخلها إلا من كان طيبا، والطيب هو الذي نقاه الله عز وجل وهذبه وصفاه من أنواع الذنوب والمعاصي، ومن أرجاس الشرك والكفر، ومن سائر الذنوب، فالجنة طيبة لا يدخلها إلا من كان طيبا، ومن رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده المؤمنين أنه جعل لهم ما يهذبهم وما يطهرهم حتى يكون مآلهم إلى الجنة، فإن الجنة طيبة لا يدخلها إلا من كان طيبا، فالعبد المسلم إن وقع في شيء من الذنوب فالذنوب تدنس من قلبه فلا يدخل الجنة وفيه ذلك الدنس وفيه ذلك الوسخ أعني دنس الذنوب المعاصي، لابد من تطهير فالجنة طيبة لا يدخلها إلا من كان طيبا.
فمن رحمة الله عز وجل لعبده المؤمن أن جعل له مطهرات وممحصات حتى يطيب فيكون من أهل الجنة بإذن الله عز وجل، وهذه المطهرات والممحصات تكون في الدنيا، وتكون في البرزخ، وتكون في يوم القيامة، فتكون في الدنيا، وهي أنواع متعددة، فمنها التوبة والاستغفار، والأعمال الصالحة، والمصائب والشدائد، فهذه مطهرات وممحصات في الدنيا، قد تفي وقد لا تفي، فإن حصل بها الكفاية فإن العبد ينتقل إلى الدار البرزخية وهو طيب، ثم ينتقل إلى أرض المحشر وهو طيب، ثم يكون مآله إلى الجنة، وإن لم تفي هذه المطهرات والممحصات طهر ومحص في قبره، هذه المطهرات في الدنيا والممحصات ينبغي على العبد أن يحرص عليها في هذه الدار في دار التكليف، التوبة النصوح يتوب إلى الله عز وجل من جميع الذنوب والخطايا، وليس هنالك ذنب لا يغفره الله عز وجل لمن تاب، من تاب تاب الله عليه ولو كان كافرا، ولو كان مشركا،{قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال:38].
وقال الله عز وجل في شأن النصارى الذين إذا وقعوا في الشرك الأعظم:{أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (74)}[المائدة:74].
 
وقال الله:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)}[الزمر:53].
مهما أسرفت وتجاوزت الحدود في معصية الله عز وجل لا تقنط من رحمة الله تب فإن تبت توبة نصوحة تاب الله سبحانه وتعالى عليك،{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا}[التحريم:8].
يأمر الله سبحانه وتعالى بذلك أن نتوب إلى الله عز وجل التوبة الناصحة:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
وهكذا الاستغفار وهو أن تدعو الله سبحانه وتعالى أن يغفر لك ذنبك
من أسباب التطهير والتمحيص في هذه الحياة:{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10)يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11)}[نوح:10،11].
قال :{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (199)}[البقرة:199].
فمن التجأ إلى الله عز وجل وطلب المغفرة فإن الله سبحانه وتعالى كريم يغفر لمن استغفر ويغفر لمن تاب إليه وأناب إليه ورجع إليه سبحانه وتعالى. 
وهكذا الأعمال الصالحة، أكثر من العمل الصالح في دار التكليف فإن الحسنات مطهرات ومهذبات ومنقيات، قال سبحانه وتعالى:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ (114)}[هود:114].
الحسنات يذهب الله سبحانه وتعالى بها السيئات، فيطهرك الله سبحانه وتعالى من ذنوبك ومن معاصيك، إن الحسنات يذهبن السيئات هكذا يقول ربنا سبحانه وتعالى، وفي حديث أبي هريرة الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه قال النبي عليه الصلاة والسلام:"الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ.
والأدلة في الباب متكاثرة، فهذه ثلاث مطهرات في الدنيا فإن لم تحصل لا هذه ولا هذه ولا هذه فإن من رحمة الله سبحانه وتعالى بالعبد أن ينزل عليه المصائب والشدائد والمحن والفتن،{وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)}[البقرة:155،156].
ينزل الله سبحانه وتعالى عليك المصائب والشدائد والمحن والفتن حتى يكفر الله سبحانه وتعالى عنك السيئات، وهذه من رحمته سبحانه وتعالى بك، جاء عند الترمذي وعند غيره من حديث سعد رضي الله عنه أنه سأل النبي عليه الصلاة والسلام
أيُّ الناسِ أشدُّ بلاءً ؟ قال : الأنبياءُ ، ثم الصالحون ، ثم الأمثلُ فالأمثلُ ، يُبتلى الرجلُ على حسبِ دِينِه ، فإن كان في دِينِه صلابةٌ ، زِيدَ في بلائِه ، وإن كان في دِينِه رِقَّةٌ ، خُفِّفَ عنه ولا يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ حتى يمشي على الأرضِ وليس عليه خطيئةٌ.
هكذا يقول نبينا عليه الصلاة والسلام، فهذه مطهرات جعلها الله سبحانه وتعالى في الدنيا حتى ينتقل العبد إليه وهو طيب فيكن من أهل الجنة فإن الجنة طيبة لا يدخلها إلا من كان طيبا، فإن لم يحصل المقصود بهذه المطهرات بأن تكون هذه المطهرات ضعيفة يأتي بعمل صالح قليل أو ضعيف، ويأتي بتوبة ضعيفة، وهكذا قد تكون الذنوب أكثر وأعظم من هذه المطهرات فلا تفي هذه المطهرات لتطهيرها، فإذا انتقل العبد إلى الحياة البرزخية ومات جاءته مطهرات أخرى رحمة من رب العالمين سبحانه وتعالى حتى يطيب فيكون من أهل الجنة، فإذا مات العبد فإن من أولى المطهرات والممحصات له من ذنوبه ومعاصيه صلاة الجنازة ودعاء المسلمين للميت بعد موته، فقد جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث عائشة رضي الله عنه رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ما مِن مَيِّتٍ تُصَلِّي عليه أُمَّةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً، كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ له؛ إلَّا شُفِّعُوا فِيهِ.
كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه، فإذا صلى على الرجل مئة من المسلمين فشفعوا له عند الله عز وجل أي بالدعاء دعوا الله سبحانه وتعالى أن يغفر له وهم في صلاة الجنازة اللهم اغفر له اللهم ارحمه إلى غير ذلك من الدعوات المباركات فيشفعون له فيغفر الله سبحانه وتعالى له فيطيب فيكون من أهل الجنة بإذن الله عز وجل.
وفي مسلم من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:"ما من رجلٍ مسلمٍ يموتُ ، فيقومُ على جنازتِه أربعون رجلًا ، لا يشركون باللهِ شيئًا ، إلا شفَّعَهم اللهُ فيه.
أربعون لكن بهذا الشرط الذي ذكره النبي عليه الصلاة والسلام لا يشركون بالله شيئا، لا شركاً أكبرا ولا أيضا من قبيل الشرك الأصغر، تركوا جميع الشرك، أناس طهر الله سبحانه وتعالى قلوبهم بالتوحيد، فإذا بلغوا هذا العدد وهم أربعون ودعوا للميت فيقبل الله سبحانه وتعالى دعاءهم ويغفر الله سبحانه وتعالى للميت كما أخبرنا بذلك نبينا عليه والسلام.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم.


*الخطبة الثانية:*

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: إذا انتقل العبد من هذه الدار إلى الدار الآخرة فهذا أول المطهرات والممحصات وهي صلاة الجنازة، أو فهذه أول المطهرات والممحصات وهي صلاة الجنازة إن حصل بها المقصود فالحمد لله عز وجل، فإن العبد يطيب، وإن لم يحصل بها المقصود فهنالك في القبور بعض الشدائد والمحن يصاب بها العبد من رحمة الله عز وجل حتى يطيب فيكون من أهل الجنة، فمن أولى ذلك فتنة القبر، وسؤال الملكين عن رب العبد وعن دينه وعن رسوله وهي فتنة عظيمة، فتنة عظيمة قال فيها النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين من حديث عائشة إنه أوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم مثلا أو قريبا من فتنة المسيح الدجال.
فهي فتنة عظيمة وهي من جملة الممحصات، وهكذا أهوال القبور، وهكذا قد يصاب العبد بشيء من العذاب قبره من رحمة الله عز وجل به حتى يطيب، وربنا سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم :{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}[إبراهيم:27].
قال العلماء المراد بذلك سؤال الملكين، يثبت الله المؤمن حين يسأله الملكان من ربك؟ فيقول : ربي الله، وما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقال له : من نبيك؟ فيقول: محمد صلى الله عليه وسلم، فيثبته الله سبحانه وتعالى بالقول الثابت إذا انتقل إلى الحياة البرزخية، وإن لم يفي ذلك بتمحيصه وتطهيره فهنالك عذاب في القبر كما أخبرنا بذلك ربنا سبحانه وتعالى، وأخبرنا بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، يقول سبحانه وتعالى في شأن فرعون ومن معهم من الكافرين:{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ } أي في قبورهم ،ولهذا قال:{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)}[غافر:46].
فهذا عذاب ليس من قبيل التطهير لهم فإنهم لا يتطهرون، فإن المشرك والكافر لا يطهر من شركه ومن كفره.
وهكذا يقول الله عز وجل حين قبض أرواحهم أرواح الكافرين :{اليوم تجزون عذاب الهون} أي يوم موتكم تجزون عذاب الهون أي العذاب الذي يهينكم في قبوركم، وأدلة القرآن في ذلك متكاثرة، وأدلة السنة في ذلك متواترة وهي كثيرة جدا في الصحيحين وفي خارج الصحيحين، قد بلغ إلى حد التواترة وقد آمن بذلك المؤمنون، وسلم لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمنون من أمته، وآمنوا بعذاب القبر كما أخبرنا بذلك ربنا سبحانه، وأخبرنا بذلك الصادق المصدوق نبينا عليه الصلاة والسلام، فإن لم يحصل المقصود ولم يطهر العبد في قبره وبقت أدران الذنوب والمعاصي أو بعض ذلك، فإذا انتقل العبد إلى أرض المحشر فتأتي مطهرات له في أرض المحشر من أهوال ذلك اليوم ومن شدائده، فالأهوال في ذلك اليوم الشدائد من المطهرات والممحصات، وذلك اليوم يوم شديد، :{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7)}أي منتشرا،{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11)}[الإنسان:8،11].
قال :{إِنَّ هَٰؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27)}[الإنسان:27].
والساعة أدهى وأمر كما قال ربنا سبحانه وتعالى.
وهكذا تدنو الشمس من رؤوس الخلائق مقدار ميل فيعرق الناس على قدر أعمالهم كما جاء ذلك من حديث المقداد في مسلم، منهم من يبلغ العرق إلى كعبيه، ومنهم من يبلغ إلى ركبتيه، ومنهم من يبلغ إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما، وشدائد ذلك اليوم كثيرة جدا مبينة في كتاب الله عز وجل، وفي صحيح سنة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، فإن لم تفي هذه المطهرات فلابد للعبد من دخول نار جهنم والعياذ بالله، وهكذا قبل ذلك شفاعة الشافعين من الأنبياء والرسل، ومن الملائكة، ومن المؤمنين، فيشفع من يشفع بإذن الله عز وجل ورضاه، كما قال سبحانه وتعالى:{وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ}[الأنبياء:28].
وقال سبحانه:{مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}[البقرة:255].
فيأذن الله عز وجل لمن يشاء ويرضى، فيشفع الأنبياء والرسل، ويشفع الملائكة، ويشفع المؤمنون، فإذا دخل العبد في شفاعة هؤلاء نجاه الله سبحانه وتعالى من عذابه، وطهره من ذنوبه ومعاصيه، فإن لم يحصل لا هذا ولا هذا قد يدخل في عفو الله عز وجل، وفي كرمه وفضله، قال سبحانه وتعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ}[النساء:116].
فقد يدخل فيمن شاءه الله عز وجل، فيعفو الله عنه ويتجاوز عنه، فإن لم يحصل هذا ولا هذا فلا بد من تطهير العبد في نار جهنم، فإن الجنة طيبة لا يدخلها إلا من كان طيبا، يمكث الموحد فيها ما شاء الله عز وجل أن يمكث حتى يطهر من ذنوبه ومعاصيه ثم يُخرج بعد أن طاب ويغمس في ماء الحياة ثم يدخل الجنة كما دلت على ذلك الأدلة من حديث سعيد الخدري الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه، قال عليه الصلاة والسلام يقول الله عز وجل:فيَقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: شَفَعَتِ المَلائِكَةُ، وشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وشَفَعَ المُؤْمِنُونَ، ولَمْ يَبْقَ إلَّا أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ سبحانه وتعالى قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فيُخْرِجُ مِنْها قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قدْ عادُوا حُمَمًا، فيُلْقِيهِمْ في نَهَرٍ في أفْواهِ الجَنَّةِ يُقالُ له: نَهَرُ الحَياةِ، فَيَخْرُجُونَ كما تَخْرُجُ الحِبَّةُ في حَمِيلِ السَّيْلِ، ثم يدخلون الجنة وقد طابوا.
فالجنة طيبة لا يدخلها إلا من كان طيبا، طيب نفسك في الدنيا قبل أن تنتقل إلى الدار الآخرة، فإن المطيبات والممحصات والمنظفات في الدنيا أهون وأهون وأهون مما بعد ذلك.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، ربنا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم ارحمنا يا أرحم الراحمين، اللهم ارحمنا يا أرحم الراحمين، اللهم تجاوز عن سيئاتنا، اللهم تجاوز عن سيئاتنا، اللهم تجاوز عن سيئاتنا، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين. 


جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي