الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /الحلل على أثر مسروق وشُتير بن شَكَل ٢٩ شوال ١٤٤٤
الحلل على أثر مسروق وشُتير بن شَكَل ٢٩ شوال ١٤٤٤ 2023-06-02 23:51:16


خطبة جمعة بعنوان (الحلل على أثر مسروق وشُتير بن شَكَل)


لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله ورعاه


سجلت بتاريخ ٢٩ شوال ١٤٤٤ه‍

بمسجد 🕌 النور 🕌 الزرعان مدينة القاعدة محافظة إب حفظها الله وسائر بلاد المسلمين



إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم.

 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].

 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]

أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

روى الحاكم في مستدركه، والبيهقي في الشعب، وغيرهما عن الشعبي رحمة الله عليه، أن مسروقا وشُتير بن شَكَل رحمة الله عليهما جلسا واجتمعا في المسجد الأعظم فرآهم الناس فاتجه الناس إليهما، وكانا رضي الله عنهما من أصحاب عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه، ومن العلماء الأفاضل رحمة الله عليهما، فاجتمع الناس إليهما فقال شتير بن شكل لمسروق إن الناس اتجهوا إلينا لنحدثهم، فإما أن تحدثهم وأصدق أي وأصدق خبرك، وإما أن أحدثهم وتصدق أي تصدق خبري، قال بل حدث، قال مسروق لشتير بن شكل بل حدث، فقال شتير رحمة الله عليه حدثنا عبد الله بن مسعود أن أعظم آية في كتاب الله عز وجل{اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)}

قال وحدثنا أن أكبر أو أكثر آية فرحا هي قول الله عز وجل:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) }[الزمر:53].

فقال مسروق : صدقت، قال وهكذا في المرة الأولى قال :مسروق صدقت، قال شتير رحمة الله عليه: وحدثنا يريد عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، وحدثنا أن أشد آية تفويضا قول الله عز وجل :{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}الطلاق:2،3]

فقال مسروق : صدقت، قال وأخبرنا أن أجمع آية في كتاب عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)}[النحل:90].قال مسروق : صدقت.

فعبدالله بن مسعود رضي الله عنه في هذه الأثر الذي رواه عنه شتير وصدق شتيرا مسروق رحمة الله عليهما، يحدث ويخبر بأن أعظم آية في كتاب الله عز وجل هي آية الكرسي، وهذا أيضا مأخوذ من كلام رسول الله عليه الصلاة والسلام، كما روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي بن كعب رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام سأله فقال أي آية عندك أو معك في كتاب الله أعظم ؟ قال فقلت : الله ورسوله أعلم، فقال أي آية عندك في كتاب الله أعظم، كرر النبي عليه الصلاة والسلام له السؤال، فقال أبي بن كعب: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، فضرب النبي عليه الصلاة والسلام على صدره وقال والله ليهنك العلم أبا المنذر.

فآية الكرسي هي أعظم آية في كتاب الله عز وجل لما فيها من الأمور العظيمة، لما فيها من وصف الله عز وجل بالصفات العظيمة، وأن الله سبحانه وتعالى هو الحي الموصوف بالحياة الكاملة التي لا نقص فيها بوجه من الوجوه، وحياة الله عز وجل مستلزمة لكمال صفاته، لكمال صفات الذاتية وهو القيوم القائم بنفسه وجميع الخلق لا يقومون إلا به، فهو قيوم السماوات والأرض، وهو كامل في ذلك وكمال القيومية لكمال أفعاله سبحانه وتعالى، وأنه سبحانه لكماله ولكمال حياته لا تأخذه سنة وهي مقدمات النوم، وهكذا من باب أولى لا يأخذه النوم كما أخبرنا بذلك ربنا سبحانه وتعالى في هذه الآية، وأن كرسيه سبحانه وتعالى قد وسع السماوات والأرض، وأنه لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه وحده لا شريك له، وأنه هو العلي وهو العظيم سبحانه وتعالى، وهذه الآية فيها ما فيها من المعاني العظيمة في وصف رب العالمين سبحانه وتعالى، فكانت هذه الآية هي أعظم آية في كتاب الله عز وجل، ثم أخبر عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه أن أكبر أو أكثر آية فرحا أي يفرح بها المؤمنون، ويستبشر بها المؤمنون خيراً هي قول الله عز وجل :{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) }[الزمر:53].

فهذه الآية من أعظم الآيات التي يفرح بها المؤمنون ويستبشرون الخير من ربهم سبحانه وتعالى، ويستبشرون المغفرة من الله عز وجل، ويستبشرون بالرحمة العظيمة من رب العالمين سبحانه وتعالى، يخاطب الله سبحانه وتعالى عباده ويناديهم بلفظ العبودية فيقول :{قل يا عبادي} يناديهم بلفظ العبودية له وحده لا شريك له، قل يا عبادي الذين أسرفوا، ولم يقل سبحانه وتعالى أذنبوا، وإنما قال أسرفوا، والإسراف هو مجاوز الحد في الذنوب والمعاصي، بمعنى أنهم أكثروا من الذنوب، ربما قتلوا وأكثروا من القتل، وربما وقعوا في الفواحش وأكثروا من ذلك، وربما وقعوا في أكل الربا وأكثروا من ذلك، ربما شربوا الخمور وأكثروا من ذلك، ربما قطعوا الطرق وأكثروا من ذلك، ربما حصل لهم ما حصل لهم مما سوى ذلك من الذنوب الكثيرة وأكثروا من ذلك بلغوا إلى حد الإسراف في الذنوب والمعاصي مع هذا ما قنطهم رب العالمين سبحانه وتعالى، قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، مهما أذنبت لا تقنط من رحمة الله عز وجل، المهم أن ترجع، لا تستمر في غيك، لا تستمر في معصيتك، لا تستمر في بعدك عن ربك سبحانه وتعالى، كلما ابتعدت عن الله كلما وقعت في الوحشة، كلما وقعت في الوحشة وفي الضنك في عيشك في حياتك ضاق صدرك كثرت همومك وغمومك، وكلما اقتربت من الله عزوجل أمنت وانشرح صدرك وهدأ بالك وتيسر أمرك، فلا غنى لك عن ربك سبحانه وتعالى ، اقرب من ربك وربك سبحانه وتعالى رحيم، غفور رحيم يحب التائبين إليه، ويفرح بذلك فرحا شديداً مهما كثرت ذنوبك وعظمت، قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعا، ما في ذنب لا يغفره الله عز وجل لمن تاب، حتى الكفر والشرك من تاب منهما تاب الله عليه، مهما وقع فيهما وتمادى فيهما:{قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال:38].

إن انتهوا من كفرهم غفر الله لهم،:{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَن تَابَ }

استثنى الله عز وجل التائبين وإن قتلوا، وإن زنوا، وإن وقعوا في الشرك، ذكر الله عز وجل عن النصارى الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم، وقالوا إن الله ثالث ثلاثة، قال في ختام ذلك :{أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (74)}[المائدة:74].

إن تابوا من هذا الكفر العظيم ومن الشرك العظيم واستغفروا ربهم فإن الله سبحانه وتعالى غفور الرحيم، قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا، أي لمن تاب، تب إلى الله عز وجل توبة صادقة وارجع إلى ربك رجوعا صحيحاً وابشر بالخير، وابشر برحمة الله عز وجل، وأبشر بمغفرة الله، فهذه أعظم الآيات في باب الرجا كما ذكر ذلك أهل العلم، وهي أكثر وأكبر آية يفرح بها المؤمنون كما جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في هذا الأثر الذي ذكرناه.

أسأل الله وجل أن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية:

الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد معاشر المسلمين: في هذا الأثر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذي يحدث عنه شتير بن شكل رحمة الله عليه قال: وحدثنا يريد عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن أشد آية تفويضا أي في كتاب الله عز وجل هي قول الله سبحانه وتعالى:{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚوَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)}

الذي يتقي ربه سبحانه وتعالى بفعل أوامره واجتناب نواهيه يجعل الله عز وجل له المخرج من كل ضيق، ومن كل شدة، تضيق الأمور بالناس فإن اتقيت الله عز وجل جعل لك المخرج في كل شيء، فإن أصابك الفقر والحاجة رزقك الله سبحانه وتعالى من حيث لا تحتسب، وإن تكالب عليك الأعداء جعل الله عز وجل لك المخرج من شرهم ومن كيدهم، يجعل الله لك المخرج من كل ضيق ومن كل كربة ومن كل بلاء ومن كل شدة، لكن بهذا الشرط أن تتقي ربك سبحانه وتعالى، حافظ على أوامر الله بالامتثال، وابتعد عن نواهي الله وانزجر، كن متقيا الله عز وجل فلا هذا الوعد من رب العالمين سبحانه وتعالى، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، يأتيك الرزق من موضع ليس لك في الحسبان، وهذا من كرم الله ومن جوده، ومن عظيم عطائه وأحسانه للمتقين، ومن يتوكل على الله فهو حسبه ،أي كافيه في كل شيء، فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا، بمعنى أن الأمر وأن الكفاية من الله عز وجل في الوقت الذي قدره الله عز وجل، فلا تكن مستعجلاً فإن بعض الناس يستعجل الأمور، فإذا نزلت به الشدائد والمحن استعجل الفرج، لابد أن يأتيك الفرج إن توكلت على الله عز وجل ،لكن لله عز وجل القدر المعلوم إلى وقت معلوم لابد أن يبلغ مراد الله عز وجل في الوقت المعلوم الذي أراده الله سبحانه وتعالى كما أخبرنا الله عز وجل في هذه الآية، إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا، في الوقت الذي قدره الله، فلا تكن من المستعجلين ولا تسيء الظن برب العالمين سبحانه وتعالى، وفي ختام هذه الأثر قال: حدثنا أن أجمع آية في كتاب الله عز وجل {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)}[النحل:90].

فهذه أجمع آية في كتاب الله عز وجل، أمر الله عز وجل فيها بكل خير ،ونهى الله سبحانه وتعالى فيها عن كل شر، إن الله يأمر بالعدل والإحسان، فإن أساء إليك شخص فجازيته بنفس إساءته فهذا العدل، وإن عفوت عنه فهو إحسان، {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}[الشورى:40]

إن جازيت المسيء بمثل إساءته فقد عدلت، وإن مننت عليه بالعفو فهذا هو الإحسان:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ (126)}[النحل:26].

فأباح الله عز وجل لنا العدل وندبنا إلى الإحسان وهو الصبر على من أساء، فالعدل أمر الله به وأجمل من ذلك الإحسان والله يأمر بهما، وهكذا من سلم عليك فرددت عليه بمثل تحيته فقال مثلا: السلام عليكم، وقلت وعليكم السلام فهذا هو العدل جازيته بمثل ماقال، فإن قلت ورحمة الله وبركاته فهذا إحسان زدته أفضل مما قال، فالله عز وجل يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى المراد بذلك صلة الرحم:{وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ} له حق القربى على قريبه، صلة الرحم واجبة أوجبها رب العالمين سبحانه وتعالى، فهذا الذي أمر الله به ويدخل فيه جميع الدين، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، ينهي عن الفحشاء قال بعض العلماء: المراد بذلك سائر الذنوب والمعاصي، داخلة في أسماء الفحشاء.

وقال آخرون: المراد بذلك الذنوب والمعاصي التي يتستر بها الإنسان الخفية، والمنكر ما ظهر من ذلك.

وقيل : المنكر ما ينكره الشرع ،كل ما ينكره الشرع فهو داخل في المنكر، فجيمع الذنوب والمعاصي داخلة بما نهى الله عز وجل به من الفحشاء والمنكر، والبغي الذي هو التعدي على الناس، والاستطالة بالناس، وظلم الناس، فكل هذا مما نهى عنه ربنا سبحانه وتعالى، فهذه الآية جمع الله سبحانه وتعالى فيها كل خير، ونهى الله سبحانه وتعالى فيها عن كل شر.


أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، اللهم عافنا في ديننا، وعافنا في دنيانا، وفي أبداننا، اللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أمنا في أوطاننا، وأزل عن بلادنا كل سوء ومكروه، وكل شر وفتنة وبلاء، إنك على كل شيء قدير، والحمد لله رب العالمين. 



جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي