الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /بلوغ المرام في حسن الظن بذي الجلال والإكرام ٦ ذي القعدة ١٤٤٤
بلوغ المرام في حسن الظن بذي الجلال والإكرام ٦ ذي القعدة ١٤٤٤ 2023-06-02 23:53:06


خطبة جمعة بعنوان(بلوغ المرام في حسن الظن بذي الجلال و الإكرام )


لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي

حفظه الله ورعاه

سجلت بتاريخ ٦ ذي القعدة ١٤٤٤ه‍

بمسجد 🕌 السنة 🕌 الأكمة/مدينة القاعدة محافظة إب حفظها الله وسائر بلاد المسلمين


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم.


 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].

 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]

أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة .


جاء في الصحيحين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الله عز وجل أنه قال:"أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي،وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ.

في هذا الحديث العظيم يبين ربنا سبحانه وتعالى في أوله أنه مع ظن عبده به، أنا عند ظن عبدي بي، جاء في المسند بإسناد فيه كلام ومعناه صحيح أن الله سبحانه وتعالى قال:" إن ظن بي خيرا فله، وإن ظن بي شرا فله.

إن ظن بي خيراً فله : أي فله ذلك الخير الذي ظنه بربه سبحانه وتعالى.

وإن ظن شراً فله ذلك الشر الذي ظنه بربه سبحانه وتعالى.

فالله عز وجل عند ظن العبد به، فظن بربك سبحانه وتعالى خيراً حتى تنال ذلك الخير، ولا تظن بربك شراً، ولا تظن بربك خلاف أسمائه وصفاته، وخلاف حكمته عز وجل، فتنال من الشر الذي ظننته بربك سبحانه وتعالى.

الظن الحسن بالله عز وجل من الإيمان ، ومن الواجبات المتحتمة، والظن السيء من النفاق ومن علامات المنافقين ومن أخلاقهم والعياذ بالله، (يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية)

، (وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا)

فلا تتخلق بأخلاق المنافقين وتخلق بأخلاق المؤمنين، وأحسن الظن برب العالمين سبحانه وتعالى في كل أمورك، فلن تنال من ربك إلا الخير، أنا عند ظن عبدي بي هكذا يقول ربنا سبحانه وتعالى، أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، ومن حسن الظن بالله عز وجل حسن الظن بالله سبحانه وتعالى عند الدعاء، فإذا ما دعوت ربك سبحانه وتعالى فأحسن الظن بالإجابة، ولا تدعو ربك سبحانه وتعالى وقد أسأت الظن به، وأنه مهما دعوته فلن يجيبك فإن كنت كذلك فلك ما ظننت بربك سبحانه وتعالى، وإن دعوت الله عز وجل وأنت تظن بالله عز وجل الإجابة كما وعد ربنا سبحانه وتعالى في قوله :{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)}[غافر:60].

قال :{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)}[البقرة:186].

فإذا دعوت الله عز وجل وأنت تحسن الظن بالله سبحانه وتعالى أن يجيبك الدعاء كان الله سبحانه وتعالى عند ظنك به، لأن هذا وعد من الله عز وجل، أنا عند ظن عبدي بي، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا دَعا أحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ، ولا يَقُولَنَّ: اللَّهُمَّ إنْ شِئْتَ فأعْطِنِي؛ فإنَّه لا مُسْتَكْرِهَ له.

فإذا دعوت الله سبحانه وتعالى فلا تقل اللهم اغفر لي إن شئت، وكأن هنالك من هو مكره لله عز وجل يمنعه من إجابة الدعاء، ولا تقل اللهم ارحمني إن شئت، ولا تقل اللهم اعطني كذا إن شئت، فإن الله سبحانه وتعالى لا مكره له هو على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، قال: ليعزم المسألة، أي ادعو بجد واجتهاد، قال بعض العلماء: أي بحسن الظن، ادعو الله عز وجل وأنت تحسن الظن بالإجابة، فإنك إن دعوت الله سبحانه وتعالى مع حسن الظن بالإجابة فيحصل منك الجد والاجتهاد في دعاء الله عز وجل وشدة الإلحاح مع رب العالمين سبحانه وتعالى في الدعاء، فأحسن الظن بالله عز وجل إذا ما دعوته، وأحسن الظن أيضا بالله سبحانه وتعالى في جميع أمورك، أحسن الظن بالله عز وجل في جميع أمورك وفي جميع شؤونك، فإن توكلت على الله سبحانه وتعالى فأحسن الظن بالله سبحانه وتعالى، وإن اتقيت ربك فأحسن الظن بالله عز وجل مهما حلت بك الأمور والشدائد والمحن:{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)}[الطلاق2،3].


فأحسن الظن بالله سبحانه وتعالى في كل أمورك، وهكذا إذا ما عصيت ربك وكنت من المسرفين في الذنوب والمعاصي فأحسن الظن بالله عز وجل، وأنك إذا رجعت إليه وتبت من معاصيك ومن ذنوبك فإن الله سبحانه وتعالى سوف يغفر لك، فإنك إن لم تحسن الظن بالله عز وجل تماديت في عصيانه، وابتعدت عن طاعته، وكنت من الغاويين ،ومن الضالين، ومن المنحرفين عن الصراط المستقيم، فمهما أذنبت فأحسن الظن بالله عز وجل بأنك إن تبت قبلك الله عز وجل،وتاب الله سبحانه وتعالى عليك، وليس من إحسان الظن أن تستمر في المعصية وتحسن الظن بالمغفرة فإن هذا من الغرور، وإنما تب إلى الله عز وجل من ذنوبك وأحسن الظن بالله عز وجل أن يتقبل الله منك ذلك وأن يغفر الله لك:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)}[الزمر:53].

وهكذا إذا نزل بك الموت فأحسن الظن بالله عز وجل، وأن الله سبحانه وتعالى سوف يغفر لك ويرحمك سبحانه وتعالى، وقد جاء في مسلم من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:" لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهو يُحْسِنُ باللَّهِ الظَّنَّ.

أي إذا نزل بك الموت فأحسن الظن بالله عز وجل، فإن الله عز وجل يقول في الحديث القدسي الذي قرأناه وذكرناه : أنا عند ظن عبدي بي، فأحسن الظن بربك سبحانه وتعالى في كل أمورك.

وهكذا أحسن الظن بالله عز وجل إذا ما أردت أن تفعل الخير، وأن تتصدق بشيء من مالك للأقربين، وللأرحام، وللفقراء والمساكين، وغير ذلك من أفعال الخير فأحسن الظن بالله عز وجل أن الله يجازيك بذلك الجزاء الحسن في الدنيا وفي الآخرة، فإنك إن أسأت الظن بربك بخلت بمالك وما فعلت شيئا من الخير وهذا الذي يدعو إليه الشيطان، فإن ربنا سبحانه وتعالى يقول:{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) }[البقرة:268].

فسوء الظن من جهة الشيطان، يقول إن أنفقت شيئا في مرضات الله عز وجل فقرت وسألت الناس وصرت فقيرا كغيرك من الفقراء، واحتجت إلى الناس فاحفظ مالك و أسعَ في تنميته ولا تخرج منه شيئا حتى لا تفقر، وهذا هو سوء الظن من جهة الشيطان، وأما حسن الظن بالله عز وجل أن تؤمن بوعد الله، وأن الله سبحانه وتعالى يعطيك ما هو خير في الدنيا والآخرة، لأن الله سبحانه وتعالى يقول:{وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا} هذا هو وعد الله عز وجل وذلك هو وعد الشيطان، وعد الشيطان يعدكم الفقر، وعد الله عز وجل المغفرة والفضل، فإن أطعت الشيطان أسأت الظن بربك عز وجل، وإن أطعت الرحمن أحسنت الظن بالله عز وجل، والله عند ظن عبده به كما أخبرنا بذلك سبحانه وتعالى، {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)}[سبإ:39].

وهذا وعد من رب العالمين سبحانه وتعالى، فعلينا أن نحسن الظن برب العالمين سبحانه وتعالى في كل أمورنا ولا نسيء الظن بالله عز وجل في أي أمر من أمورنا، فإن أردت الخير وإن أردت السعادة في الدنيا والآخرة فلازم حسن الظن بالله عز وجل مع حسن العمل، اتق الله عز وجل في ظاهرك وفي باطنك، وحافظ على فرائض الله عز وجل، واستقم على شرع الله سبحانه وتعالى، وأحسن الظن بربك في كل شيء في كبار الأمور وفي صغارها فإنك لم تنال من ربك إلا الخير، أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، هكذا يقول رب العالمين سبحانه.

أسأل الله عز وجل أن يرحمنا برحمته، إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية:


الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: فإن من حسن الظن بالله عز وجل أن تحسن الظن بالله عز وجل في كل حكمه، وفي كل ما يقضيه سبحانه وتعالى، سواء كان من قبيل الأمور الشرعية أو من قبيل الأمور الكونية، وإن كان ذلك الأمر من المصائب والشدائد ومما تكرهه النفوس فأحسن الظن بالله عز وجل، فإن أحسنت الظن بالله وجل كان الله عند حسن ظنك به، وقد يأتي لك المحبوب من الأمر المكروه ويدخل الله عز وجل عليك السرور عند نزول الشرور، وقد تنعكس الأمور قد تأتيك المصائب والشدائد من الأمر الذي تظنه أنه من السرور ومن الرخاء ومن النعيم فالأمر لله من قبل ومن بعد، يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)}[البقرة:16].

فما أعظم هذه الآية من كتاب الله عز وجل، العبد قد يحب شيئا وهو لا يدري، وذلك الشيء هو شر له، وقد يحب شيئا وذلك الشيء شر له، وقد يكره شيئا وذلك الشيء خير له لقصر علمه، فإنك لا تعلم والله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم،{وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن ذتُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)}

إذا هذا هو الأمر أن الله عز وجل يعلم عواقب الأمور، وأنتم لا تعلمون، فإذا كان هذا حال العبد أنه لا يعلم ما ينفعه وما يضره فالواجب عليه أن يتجه إلى ربه سبحانه وتعالى الذي يعلم ونحن لا نعلم، الذي يعلم عاقبة الأمور، والعبد لا يعلم عاقبة الأمور، فإذا علم العبد هذه الآية واعتقدها وعمل بها فإن ذلك يدعوه إلى أن يكل أمره إلى ربه سبحانه وتعالى في كل شيء، فينقاد مع شرع الله عز وجل، فإذا أمرك الله بشيء فامتثله، وإن رأيته مما تكرهه نفسك مما فيه المشقة والشدة عليك فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وخذ بذلك الأمر الذي فيه شدة عليك ومشقة لأن الله يعلم عاقبة الأمور وانت لا تعلم، وإذا نهاك الله سبحانه وتعالى عن شيء فابتعد عن ذلك الشيء وإن كانت نفسك وهواك يميل إلى ذلك الشيء، فذلك الشيء ربما يدخل عليك المحن والشدائد والبلاء وأنت لا تعلم والله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم عاقبة الأمور، فإذا كان الله عز وجل هو الذي يعلم عاقبة الأمور وأنت لا تعلم فالواجب أن تسلم أمرك لمن يعلم ولا تسلم أمرك لهواك، لا تنظر إلى ما تهواه نفسك فتسارع في ذلك الشيء، ولا تبتعد عما لا تهوى فإن نفسك لا تدلك على الخير، فإنك لا تعلم عاقبة الأمور، والذي يعلم عاقبة الأمور هو الله عز وجل، إذاً الواجب عليك أن تسير مع من يعلم عاقبة الأمور، وأن تستقيم على أمره بالامتثال وعلى نهيه بالابتعاد ولن تنال إلا الخير بذلك، فإذا أطعت الله عز وجل فيما أمر فإن عاقبتك حميدة ولا شك، وإن ابتعدت عما نهى الله سبحانه وتعالى عنه وزجر فإن عاقبتك حميدة ولا شك، وإن اتبعت هواك في الأمر والنهي هلكت، فإن الله يعلم وأنت لا تعلم، وهذا في الأمور الشرعية، وأما في الأمور الكونية والقدرية فالتجأ إلى الله عز وجل لأنك لا تعلم ما يصلحك ما يفسدك، التجأ إلى الله عز وجل حتى في الأمور القدرية،وفوض أمرك إلى الله عز وجل، واستعن بالله، وتوكل على الله سبحانه وتعالى، وإذا هممت بأمر فالتجأ للاستخارة استخير من يعلم عاقبة الأمور وأنت لا تعلم، وقد جاء في البخاري من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال : كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعلِّمُنا الاستخارةَ كما يُعلِّمُنا السُّورةَ مِن القُرآنِ يقولُ : ( إذا هَمَّ أحَدُكم بالأمرِ فلْيركَعْ ركعتَيْنِ مِن غيرِ الفريضةِ ثمَّ لْيقُلِ : اللَّهمَّ إنِّي أستخيرُكَ بعِلْمِكَ وأستقدِرُكَ بقدرتِكَ وأسأَلُكَ مِن فضلِكَ العظيمِ فإنَّكَ تقدِرُ ولا أقدِرُ وتعلَمُ ولا أعلَمُ وأنتَ علَّامُ الغُيوبِ اللَّهمَّ فإنْ كُنْتَ تعلَمُ هذا الأمرَ - يُسمِّيه بعَينِه - خيرًا لي في دِيني ومَعاشي وعاقبةِ أمري فقدِّرْه لي ويسِّرْه لي وبارِكْ فيه وإنْ كان شرًّا لي في دِيني ومَعادي ومَعاشي وعاقبةِ أمري فاصرِفْه عنِّي واصرِفْني عنه وقدِّرْ لي الخيرَ حيثُ كان ورضِّني به.

تستخير ربك سبحانه وتعالى لأن الله يعلم، أنت ربما تهم بأمر من الأمور تنظر في ذلك الأمر تجده أمرا حسنا تتجه إليه نفسه، لكنك لا تعلم فإن الشر قد يأتيك من المحبوب الذي تتجه إليه نفسك، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، فأنت جاهل لا تعلم والله يعلم وأنتم لا تعلمون، ربما تتجه نفسك إلى أمر من الأمور وفيه هلاكك، وفيه خسارتك، فإذا استخرت ربك سبحانه وتعالى وصدقت في استخارتك وفوضت أمرك إلى من يعلم وأنت لا تعلم ودعوت الله عز وجل دعاء الصادقين اللهم إني استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك واسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، إن دعوت الله عز وجل بصدق بمثل هذه الدعوات المباركات وفوضت أمرك لله واستسلمت بين يدي الله عز وجل فلن تخيب في كل أمورك، لن تخيب وإن أصابتك المكاره والشدائد والمحن، فكم من منح تأتي من المحن، وكم من سرور يأتي من الشرور، والله يعلم وأنتم لا تعلمون.، إذاً نحن عباد ضعفاء فقراء إلى الله عز وجل.، لا غنى لنا عن ربنا سبحانه وتعالى، نتجه إلى ربنا سبحانه وتعالى في كل شيء أن أردنا الخير، وإن أردنا السعادة في الدنيا والآخرة.


أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وأن يرحمنا برحمته إنه الغفور الرحيم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها، دقها وجلها، وأولها وآخرها، وعلانيتها وسرها، اللهم اهدنا إلى الصراط المستقيم، واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم يسر على المعسرين واقض الدين عن المدينين وعافي مبتلى المسلمين واشفي مرضاهم وارحم موتاهم إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، ربنا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم. 



جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي