غاية المرام في الحث على حج بيت الله الحرامِ خطبة ٢٠ ذي القعدة ١٤٤٤ 2023-06-11 00:59:16
خطبة جمعة بعنوان (غاية المرام في الحث على حج بيت الله الحرام)
لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله ورعاه
سجلت بتاريخ ٢٠ ذي القعدة ١٤٤٤ه
بمسجد 🕌 السنة 🕌 خنوة مدينة القاعدة محافظة إب حفظها الله وسائر بلاد المسلمين
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]
أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :{إِنَّ أَوَّلَ بَیۡتࣲ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَكَّةَ مُبَارَكࣰا وَهُدࣰى لِّلۡعَـٰلَمِینَ(96)
فِیهِ ءَایَـٰتُۢ بَیِّنَـٰتࣱ مَّقَامُ إِبۡرَ ٰهِیمَۖ وَمَن دَخَلَهُۥ كَانَ ءَامِنࣰاۗ وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَیۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَیۡهِ سَبِیلࣰاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ ٱلۡعَـٰلَمِینَ(97)}[آل عمران:96،97].
يقول سبحانه وتعالى: إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا، فبين سبحانه وتعالى أن أول بيت وضع للناس أي وضع للعبادة، وضع للناس من أجل أن يعبدوا ربهم سبحانه وتعالى، للذي ببكة مباركا وهو البيت الحرام والكعبة المطهرة، هي أول بيت وضع للناس من أجل عبادة الله عز وجل، جاء في مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن أول بيت وضع للناس، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:" المسجد الحرام، قال ثم أي:قال المسجد الأقصى، فأول بيت وضعه الله عز وجل في الأرض لعبادته وحده لا شريك له هو المسجد الحرام والكعبة المطهرة المكرمة، إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا، وبكة قال بعض العلماء هي مكة، وقال آخرون بكة هي موضع الكعبة، وقيل موضع الكعبة والمسجد الحرام، وأما مكة فهي أوسع من ذلك يدخل فيها الأرض الواسعة التي فيها ديار الناس، وبكة سميت بذلك إما لزحام الناس، وإما لأن الله سبحانه وتعالى بكى فيها أعناق الجبابرة الذين أرادوا أن يفسدوا في الأرض، والمعنيان صحيحان، فالناس يزدحمون في ذلك الموضع، وقد قسم الله عز وجل من أراد بذلك الموضع شرا وسوء ومكرا، فقال سبحانه وتعالى:{إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا} وأما مكة فسميت بذلك على قول بعض العلماء لقلة مائها، فيقال مص الفصيل ثدي أمه بمعنى استخرج جميع ما في ثديها من اللبن، فذلك الموضع ليس فيه ماء الا ذلك الماء الذي من الله سبحانه وتعالى به على أهل مكة وهو زمزم، فذلك البلد بلد مبارك، وقبل أن يأمر الله سبحانه وتعالى عباده أن يحجوا إلى ذلك الموضع بين فضله، وبين شرفه تشويقا للنفوس ، إلى أداء ما افترض الله سبحانه وتعالى عليهم من النسك العظيم، من حج بيت الله الحرام، إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا، فبين الله عز وجل من شرفه أنه أول البيوت الذي وضع في الأرض من أجل عبادة الله عز وجل، فهلموا إلى ذلك البيت الذي هو أول البيوت وضع في الأرض من أجل عبادة الله عز وجل، إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا، فبين الله عز وجل أولوية ذلك البيت، فهو أولى البيوت بأن يسافر الناس إليه، وأن تقبل إليه الوفود من جميع الأمكنة، فهو أول بيت وضع في الأرض من أجل عبادة الله وجل، إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا، ثم وصفه الله عز وجل بالبركة، فهو بلد مبارك، مبارك باعتبار الحسنات، فإن الحسنات مضاعفة، وقد جاء في المسند، وعند ابن ماجة، وعند غيرهما، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:" وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه.
وهذه الصلاة الواحدة في المسجد الحرام فيها هذه البركة العظيمة، صلاة واحدة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد، لم يقل النبي عليه الصلاة والسلام مثل مائة ألف صلاة بل بين أن الأمر أفضل من مائة ألف صلاة مما سواه، وهذا فضل عظيم لو لم تكن إلا هذه البركة في ذلك الموضع لاشتقت النفوس إليه، وكيف والبركات عظيمة بركات في الصلوات وفي غيرها من الأعمال الصالحات، وبركات أيضا في الدنيا فإن الناس يتوافدون من كل مكان بأنواع التجارات والبضائع والأرزاق، تأتي إلى أهل مكة من كل مكان، تجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا، فتأتي الثمرات والأرزاق من كل مكان، ويتاجر الناس وينتفعون بالبيع والشراء، وبركة الأمن فهو بلد جعله الله سبحانه وتعالى آمنا، جعل الله سبحانه وتعالى فيه الأمن وغير ذلك من أنواع البركات الكثيرة التي جعلها الله سبحانه وتعالى في ذلك البلد، فتلك البيت هي أول بيت وضع للناس، وتلك البيت بيت جعل الله سبحانه وتعالى فيها البركة، إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين، جعله الله سبحانه وتعالى هدى، وذكر الله عز وجل المصدر من باب المبالغة فكأن الكعبة هي عين الهداية، وكل هذا من المبالغة في بيان عظيم الهداية الموجودة في ذلك البيت، وفي ذلك الموضع المبارك، وهدى للعالمين، فيه آيات بينات ثم ذكر الله عز وجل من فضائله ومن شرفه أن فيه الآيات البينات أي الدلائل الواضحات، وذكر من تلك الآيات البينات مقام إبراهيم، ، ذكر مقام إبراهيم، فيه آيات بينات مقام إبراهيم، فالذي رفع بنيان ذلك البيت المبارك هو خليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام:{وَإِذۡ یَرۡفَعُ إِبۡرَ ٰهِـۧمُ ٱلۡقَوَاعِدَ مِنَ ٱلۡبَیۡتِ وَإِسۡمَـٰعِیلُ رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّاۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ(127)] [البقرة:127]
فرفع بنيان ذلك البيت إبراهيم مع ولده إسماعيل عليهم الصلاة والسلام، وجعل الله عز وجل أثر القدمين على الحجر الذي كان يصعد عليه إبراهيم عليه الصلاة والسلام لبناء البيت ظاهرا بينا، وما زال الحجر إلى هذه الأيام وهو مقام إبراهيم، الحجر الذي قام عليه إبراهيم عليه الصلاة والسلام ما زال إلى هذه الأيام، وهذا من الآيات البينات على أن إبراهيم عليه الصلاة هو الذي بنى البيت، فمن شرف ذلك البيت أن الذي رفع قواعده هو إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، فيه آيات بينات مقام إبراهيم، ومن دخله كان آمنا، جعل الله سبحانه وتعالى من شرفه ومن فضله أن من دخل ذلك البيت فهو آمن يجب أن يؤمن، لا يسفك دمه، ولا يؤخذ ماله، ولا يتعرض لأي نوع من الأذى:{أَوَلَمۡ نُمَكِّن لَّهُمۡ حَرَمًا ءَامِنࣰا }[القصص:57].
وقال:{أَوَلَمۡ یَرَوۡا۟ أَنَّا جَعَلۡنَا حَرَمًا ءَامِنࣰا وَیُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنۡ حَوۡلِهِمۡۚ}[العنكبوت:67].
وقال سبحانه وتعالى :{لِإِیلَـٰفِ قُرَیۡشٍ(1) إِۦلَـٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَاۤءِ وَٱلصَّیۡفِ(2) فَلۡیَعۡبُدُوا۟ رَبَّ هَـٰذَا ٱلۡبَیۡتِ (3)ٱلَّذِیۤ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعࣲ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ(4)} [قريش:1،4]
فهو بيت مبارك ، {وَإِذۡ جَعَلۡنَا ٱلۡبَیۡتَ مَثَابَةࣰ لِّلنَّاسِ وَأَمۡنࣰا}
يثوب الناس إليه ويتجه الناس إليه من كل مكان، وكلما ذهب الإنسان منه ثاب إليه أي رجع إليه، وتعلق قلبه بالرجوع إليه مرة أخرى مهما لاقى الشدائد والمحن والصعوبات، وربما لاقى الأهوال في سفره، وأنواع المتاعب، فإذا ما رجع إلى وطنه فإذا بنفسه تراوده أن يثوب إليه أن يرجع إليه مرة أخرى، فهو بيت مبارك ذكر الله سبحانه وتعالى هذه الفضائل وهذه المكرمات من سمع لها بادر إلى ذلك البيت لأداء النسك ولو لم يوجب ذلك رب العالمين سبحانه وتعالى، فمجرد أن ينظر الإنسان إلى هذه المكارم وإلى هذه الفضائل وإلى هذه الأمور الشريفة المباركة التي جعلها الله سبحانه وتعالى لبيته، فإن النفوس المؤمنة تتجه لأداء النسك ولو لم يأمر به رب العالمين سبحانه وتعالى أمر إيجاب، بمجرد هذا الترغيب تتجه النفوس، فلما بين الله سبحانه وتعالى هذه الفضائل والمكرمات لبيته قال بعد ذلك :{وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَیۡتِ}
البيت الذي سبق أن بين الله عز وجل فضله وشرفه وماله من المكرمة، قال:{وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَیۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَیۡهِ سَبِیلࣰاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ ٱلۡعَـٰلَمِینَ(97)}[آل عمران:97]
فأمر الله سبحانه وتعالى العباد بحج البيت ووكد ذلك التوكيد البالغ فذكر فقال: ولله واللام تدل على الوجوب ولله على الناس، وعلى تدل على الوجوب، فاللام تدل على الوجوب، وعلى تدل على الوجوب، فيجب على الناس جميعا من كان مستطيعا أن يؤدي فريضة الله عز وجل التي افترضها عليه، ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، ثم وكد الأمر فقال: ومن كفر فإن الله غني عن العالمين.
ومن كفر فإن الله غني عن العالمين قال بعض العلماء : أي لترك الفريضة، كفر بترك الفريضة، وهذا على مذهب من يرى أن من ترك الحج مع القدرة مع الاستطاعة عليه يصير كافرا، وقال بعض العلماء : أي من كفر أي بفريضته، وبإيجاب الله سبحانه وتعالى له، فهذا توكيد بعد توكيد، وإيجاب بعد إيجاب ، على العباد أن يؤدوا فريضة الله سبحانه وتعالى التي افترضها عليهم وحده لا شريك له، وهي فريضة لمن كان مستطيعا قادرا ببدنه وماله، عنده القدرة ببدنه وماله، فمن كان عنده القدرة ببدنه وماله وجب أن يحج ببدنه، وأن ينفق شيئا من ماله في أداء الفريضة، ومن كان قادرا بماله عاجزا ببدنه وجب عليه أن ينيب من يحج عليه، ولا يسقط عليه الحج ما دام قادرا إما بماله وبدنه، وإما بماله دون بدنه، فهذه فريضة افترضها الله سبحانه وتعالى على العباد، فاحرصوا على أدائها، ولا تستهينوا بها.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: روى الدارمي في سننه، وهكذا البيهقي في سننه، ورواه غيرهما، عن أبي أمامة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم له قال:"مَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ عَنِ الْحَجِّ حَاجَةٌ ظَاهِرَةٌ ، أَوْ سُلْطَانٌ جَائِرٌ، أَوْ مَرَضٌ حَابِسٌ فَمَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ ، فَلْيَمُتْ إِنْ شَاءَ يَهُودِيًّا، وَإِنْ شَاءَ نَصْرَانِيًّا.
والحديث إن كان في إسناده كلام، لكن هناك من أهل العلم من يقويه بأثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي رواه ابن أبي شيبة في مصنفه بإسناد صحيح عنه رضي الله عنه أنه قال:" من مات ولم يحج من غير عذر فإن شاء مات يهوديا أو شاء مات نصرانيا، أو كما قال رضي الله عنه، فهذا وعيد شديد في حق من فرط في أداء الحج مع قدرته على ذلك، وليس له مانع يمنعه لا من حاجة ظاهرة كأن يكن فقيرا ما عنده المال الذي يؤدي به فريضة الله سبحانه وتعالى عليه، أو سلطان جائر ليس هنالك سلطان جائر منعه من الذهاب لأداء فريضة الحج، وهكذا ليس فيه مرض حابس حبسه عن أداء الحج فمات ولم يحج، مات ولم يحج من غير عذر شرعي، قال : فإن شاء مات يهوديا أو نصرانيا، وذلك أن اليهود لا يحجون، وأن النصارى يحجون، فمن ترك الحج مع القدرة عليه شابههم، شابههم في أمرهم، وشابهم في دينهم وملته التي حرفوها وبدلوها وغيروها، فاليهود لا يحجون بيت الله الحرام، وهكذا النصارى، فلا تكن كهؤلاء القوم، وأد ما افترض الله سبحانه وتعالى عليك إن كنت مستطيعا، وكثير من الناس عندهم الاستطاعة لكنهم يشحون بأموالهم، فمن كان مالكاً من المال فوق ما يحتاج إليه في نفقته على نفسه وعلى أهله وعلى أولاده فالواجب عليه أن يحج، كأن تكن عنده أرض من الأراضي فيشح بها وهو يستطيع أن يبيعها وأن يؤدي فريضة الله سبحانه وتعالى عليه، فالواجب عليه أن يبيعها، وأن يؤدي فريضة الله سبحانه وتعالى عليه، وليس له عذر شرعي بأن يشح بأرضه التي هي فوق حاجته، أما الأرض التي يستعملها للبناء وضعها من أجل أن يبني فيها منزلا يأوي إليه فهذه من حاجته، أو الأرض التي يزرع فيها ويقتات بها من الثمار الطيبة كأنواع الزروع والحبوب يتخذها قوتا له في سنته فله العذر في تركها وإبقائها، وما كان سوى ذلك مما يدخره من الأرض فالواجب عليه أن يبيع ذلك وأن يؤدي فريضة الله سبحانه وتعالى عليه، وهكذا إذا كان عنده غير ذلك من أنواع الأموال والعقارات الخارجة عن نفقته وعن نفقة أهله وولده فالواجب عليه أن يبيع ذلك وأن يؤدي فريضة الله عز وجل وهو مستطيع للحج شرعا وداخل في قوله سبحانه وتعالى :{وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَیۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَیۡهِ سَبِیلࣰاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ ٱلۡعَـٰلَمِینَ(97)} [آل عمران: 97].
فادوا فريضة الله عز وجل قبل أن يأتيكم الموت، أدوا ما افترض الله عليكم من هذا الركن العظيم، واحرصوا على ذلك ولا تبخلوا بأموالكم، والحج العمرة فيهما ما فيهما من البركة في الأموال والأرزاق،
كما جاء عند الترمذي والنسائي وأحمد من حديث عبد الله بن مسعود
قال عليه الصلاة والسلام :" تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ ، فإنَّهما ينفِيانِ الفقرَ والذُّنوبَ ، كما ينفي الْكيرُ خبثَ الحديدِ والذَّهبِ والفضَّةِ وليسَ للحجِّ المبرورِ ثوابٌ دونَ الجنَّةِ.
هكذا يقول نبينا عليه الصلاة والسلام، فالحج والعمرة من أسباب الغنى، من أسباب الرزق، من أسباب الخيرات في الدنيا وفي الآخرة، فلا تبخلوا في أداء ما افترض الله سبحانه وتعالى عليكم.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحمنا برحمته، وأن يغفر ذنوبنا أجمعين، اللهم اغفر لنا ذنوبنا أجمعين، اللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها، دقها وجلها، وأولها وآخرها، وعلانيتها وسرها، اللهم اهدنا إلى الصراط المستقيم، واجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، اللهم يسر على المعسرين، وقضي الدين عن المدينين، وعافي مبلتى المسلمين، واشف مرضاهم، وارحم موتاهم، إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، والحمد لله العالمين.