إتحاف أهل الأقطار في أسباب وموانع نزول الأمطار 2022-12-28 15:57:00
بسم الله
الرحمن الرحيم
[إتحاف أهل الأقطار في أسباب وموانع نزول الأمطار]*
*وهي عبارة عن خطبة جمعة للشيخ الفاضل:أبي بكر بن عبده بن
عبدالله بن حامد الحمادي حفظه الله*
*سجلت بتاريخ ٢٣/شوال/١٤٤٢ هجرة*
*في مسجد المغيرة بن شعبة*
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ
بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا
هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرا
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا
تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا
وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ
اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا
سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ
فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب: 70، 71]
أما بعد :
اعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي
هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ بدعة.
يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم{وَمَا
بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}[النحل:53].
ويقول سبحانه وتعالى{وَإِن تَعُدُّوا
نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}[النحل:18].
ويقول سبحانه وتعالى{يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ
اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (83)}[النحل:83].
ويقول سبحانه وتعالى{فَبِأَيِّ آلَاءِ
رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)}[الرحمن:13].
والآلاء هي النعم،فنعم الله سبحانه وتعالى
علينا كثيرة،نعم ظاهرة،ونعم باطنة،ومن جملة نعم الله -سبحانه وتعالى- التي يتضرر
الناس بفقدانها نعمة الأمطار،نعمة الأمطار نعمة عظيمة،يتضرر الناس بفقدانها،ويتأذى
الناس عند قلتها أو عند انعدامها،وهي نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى العظيمة.
يقول سبحانه وتعالى كتابه الكريم
{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ
مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا
تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (22)}[البقرة:22].
فينزل الله سبحانه وتعالى الأمطار فيخرج
الثمرات لمنفعة الناس.
قال سبحانه وتعالى{إِنَّ فِي خَلْقِ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ
الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ
السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا
مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ
السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)}[البقرة:164].
يحي الله سبحانه وتعالى بالأمطار الأرض بعد
موتها،فالأرض ميتة فإذا ما أنزل الله سبحانه وتعالى عليها المطر اهتزت وربت وانبتت
من كل زوج بهيج،يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم{وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ
السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ
خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا
قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ
مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ۗ انظُرُوا إِلَىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ
وَيَنْعِهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكُمْ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
(99)}[الأنعام:99].
أي نزل الله سبحانه وتعالى من السماء
ماءً،فإذا أنزل الله سبحانه وتعالى الماء من السماء ينبت الله سبحانه وتعالى بهذا
الماء جميع الأشجار نبات كل شيء،فأخرجنا منه خضر الأشجار الخضراء،ومنها الزروع،
{فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا}وهي السنابل التي
كثر حبها وتراكم بعضه على بعض.
{وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ}
وهي العذوق أعذاق النخيل التي فيها البُسر،وفيها
التمر،يخرجها الله سبحانه وتعالى منها من الطلع وهي داني بعضها دان،وبعضها
مرتفع،وذكر الله سبحانه وتعالى في هذا الموضع ما كان دانياً منها.
{وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ}يخرج الله عزوجل
الجنات من الأعناب بالأمطار،ويخرج الله سبحانه وتعالى الزيتون،ويخرج الله عزوجل
الرمان مشتبهاً وغير متشابه، أشجار الزيتون والرمان فيها تشابه من حيث الأوراق
ونحو ذلك،وغير المتشابه من حيث الثمار فثمرة الزيتون غير ثمرة الرمان،فقال سبحانه
وتعالى{مشتبهاً} أي من حيث الأغصان والأوراق،{وغير متشابه} بإعتبار الثمار.
{انظُرُوا إِلَىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ}
أي نضجه،إذا ما نضجت تلك الثمار فكم لله
عزوجل في ذلك من آيات؟
{إِنَّ فِي ذَٰلِكُمْ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
لله عز وجل الآيات العظيمة،ولله عزوجل
الرحمات العظيمة عند نزول الأمطار.
قال الله{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ
بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا
سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن
كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۚ كَذَٰلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
(57)}[الأعراف:57].
يخرج الله عزوجل كل الثمرات، ويحيي الله
سبحانه وتعالى الأرض بعد موتها،رحمة عظيمة من رب العالمين سبحانه وتعالى،قليل
شاكرها، قليل من عباد الله عزوجل من يشكر هذه النعمة،إذا ما نزلت الأمطار انتفع
الناس بها في شربهم وفي سقي مواشيهم،قال سبحانه وتعالى{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ
لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ
لَهُ بِخَازِنِينَ (22)}[الحجر:22].
الذي يخزنه في الأرض هو رب العالمين سبحانه
وتعالى،فيخزن في الأرض ثم تخرج الينابيع من العيون رحمة من الله سبحانه وتعالى،
ويحفر الناس الآبار فينتفعون بمياه الأرض، وكل ذلك من رحمات الله سبحانه وتعالى
بالعباد،قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم{ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ}
الذي تولى خزن ماء المطر هو رب العالمين
سبحانه وتعالى،
وقال سبحانه وتعالى{هُوَ الَّذِي أَنزَلَ
مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ۖ لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ
(10)يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ
وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
(11)}[النحل:10].
يشرب الناس منه ويرعون مواشيهم يسيمون يرعون
مواشيهم في الجبال وفي الأودية في تلك الأشجار والأعشاب التي أنبتها رب العالمين
سبحانه وتعالى عند نزول الأمطار، ينتفع الناس بالأمطار في شربهم وفي سقي
بهائمهم،ينتفع الناس بهذه النعمة في طهورهم يتطهرون من أحداثهم، ويتطهرون من
الأقذار والأوساخ،نعمة عظيمة من رب العالمين سبحانه وتعالى،قال الله{وَأَنزَلْنَا
مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48)}[الفرقان:48].
يطهر الله سبحانه وتعالى به الأجسام من
الأحداث الكبرى،والأحداث الصغرى،وهكذا من الأوساخ والاقذار،قال الله{إِذْ
يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ
مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ
عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11)}[الأنفال:11].
فهذه نعمة من نعم الله عزوجل العظيمة،ومن سنة
الله عزوجل في خلقه أن هذه النعمة تأتي عند شدة حاجة الناس إليها،بعد أن يقنط من
يقنط من رحمة الله عزوجل،والقنوط من رحمة الله كبيرة من كبائر الذنوب،
{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ
رَحْمَتَهُ ۚ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28)}[الشورى:28].
فينزل الله سبحانه على الغيث وهو المطر بعد
أن يقنط الناس من رحمة الله عزوجل،أو يقنط كثير من الناس من رحمة الله عزوجل،فينشر
رب العالمين سبحانه وتعالى رحمته،قال الله{اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ
فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ
كِسَفًا}أي قطع في السماء، {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ}أي قطرات
المطر،تخرج من خلاله،{فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ
يَسْتَبْشِرُونَ (48)وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن
قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49)}أي لقانطين{فَانظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ
كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ
ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50)}
فهذه نعمة من نعم الله عزوجل العظيمة،لا غنى
للخلق عنها،وإذا ما نقصت أو قلت تضرر الناس من ذلك ضرراً بيناً،غير أن كثيراً من
الخلق لا يشكرون ربهم سبحانه تعالى على هذه النعمة،وإذا ما سلبت منهم أو قلت إذا
بهم يتألمون،ولو شكرنا ربنا سبحانه وتعالى لفتح الله علينا بركات من السماء،وبركات
من الأرض اسأل الله سبحانه وتعالى أن
يوفقنا والمسلمين إلى كل خير واستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم الحمد لله.
الخطبة الثانية :
إن الحمد لله،نحمده تعالى ونستعينه
ونستغفره،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا،ومن سيئات أعمالنا،من يهده الله فلا مضل
له،ومن يضلل فلا هادي له،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن
محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد،
اعلموا معشر المسلمين: أن هنالك أسباباً من
أسباب عدم نزول الأمطار،أو من أسباب قلتها،يجب على المسلم أن يبتعد عن ذلك،وأصل
ذلك معصية الله سبحانه وتعالى،الذنوب والمعاصي عموماً،فإن ربنا وتعالى
يقول{وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (48)لِّنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً
مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا
(49)وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ
إِلَّا كُفُورًا (50)}[الفرقان:48-50].
قال بعض أهل العلم في قوله سبحانه
وتعالى{وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا}أي أن ربنا سبحانه وتعالى
ينزل الأمطار على بلد دون بلد،وعلى قرية دون قرية،من أجل أن يتذكر الناس ويحاسب
الناس أنفسهم لما أنزل ربنا سبحانه وتعالى المطر على البلد الفلاني وما أنزله
علينا،لما نزل المطر على القرية الفلانية وما أنزله رب العالمين سبحانه وتعالى
علينا،يتذكر العبد وينظر في السبب،وإذا ما نظر في السبب علم أن السبب هي ذنوبه
ومعاصيه،{وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ
وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ (30)}وإن من جملة الأسباب المانعة لنزول الأمطار أو المقللة
من نزوله منع الزكاة الواجبة،وعدم إخراج الزكاة الواجبة لمستحقيها من الفقراء
والمساكين،وغير هؤلاء ممن ذكرهم رب العالمين سبحانه وتعالى في كتابه الكريم،فإذا
منع الناس زكاة أموالهم منعوا القطر من السماء كما جاء ذلك في حديث عبدالله بن عمر
عند ابن ماجة(4019)وجاء عند
الحاكم(8623)والبزار،وعند الطبراني في المعجم
الأوسط(4671)
وعند البيهقي في شعب الإيمان،عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ولم يَمْنَعُوا زكاةَ أموالِهم إلا مُنِعُوا
القَطْرَ من السماءِ ولولا البهائمُ لم يُمْطَرُوا"
لولا أن الله سبحانه وتعالى يرحم البهائم
التي لا ذنب لها لمنع الله سبحانه وتعالى القطر بالكلية،لكن الله سبحانه وتعالى
يرحم البهائم فينزل المطر من أجلها،لكنه قد يقل المطر ويأتي منه الشيء اليسير
عقوبة من برب العالمين سبحانه وتعالى،لعل العباد يرجعون إلى ربهم سبحانه
وتعالى،{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي
النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
(41)}[الروم:41].
وإن من أسباب نزول الأمطار التوبة والإستغفار
أن يتوب العباد من المظالم،وأن يستغفروا ربهم سبحانه وتعالى على ذنوبهم،قال الله
عزوجل عن نبيه نوح عليه الصلاة والسلام أنه قال لقومه{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا
رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ
مِدْرَارًا (11)}[نوح:10-11].
وقال نبي الله هود عليه الصلاة والسلام{وَيَا
قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ
عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا
تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52)}[هود:52].
فإذا ما تاب العباد واستغفروا ربهم سبحانه
وتعالى من ذنوبهم أنزل الله سبحانه وتعالى عليهم بركات السماء، إذا ما استقام العباد على كتاب الله، وعلى سنة
النبي عليه الصلاة والسلام، فتح الله عليهم بركات السماء،فتح الله عليهم بركات
السماء وبركات الأرض،قال سبحانه وتعالى{وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ
وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ
وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ۚ مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ ۖ وَكَثِيرٌ
مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66)}[المائدة:66].
{وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ}أي هو القرآن أي
أقاموا التوراة والإنجيل قبل مبعث رسول الله عليه الصلاة والسلام،فلما بعث النبي
عليه الصلاة والسلام بالقرآن أي آمنوا بالقرآن وامنوا برسول الله عليه الصلاة
والسلام قال{وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ
إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم}
يفتح الله سبحانه وتعالى عليهم البركات من
السماء والأرض{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا
عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا
فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)}[الأعراف:96].
وقال سبحانه وتعالى{وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا
عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا (16)}[الجن:16].
فعلينا أن نرجع ربنا سبحانه وتعالى، وأن نصلح الأعمال،نستغفر ربنا ونتوب إليه إن أردنا أن يرحمنا الله سبحانه وتعالى وأن يفتح علينا بركات من السماء وبركات من الأرض، وكان من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم عند قلة الأمطار أو عند عدم نزولها إما أن يخرج بالناس ويصلي بهم صلاة الإستسقاء،فيصلي ركعتين ويخطب بالناس وإذا كان في يوم الجمعة كان النبي عليه الصلاة والسلام يستسقي الناس في خطبة الجمعة،وتقوم صلاة الجمعة مقام صلاة الإستسقاء،ولم يكن النبي عليه الصلاة والسلام يصلي صلاة الإستسقاء بعد صلاة الجمعة،وإنما كان يدعو للناس ويستسقي للناس في خطبة الجمعة ويصلي بعد ذلك صلاة الجمعة،ويحصل بذلك الإستسقاء فنسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يغيثنا،اللهم أغثنا،اللهم أغثنا،اللهم أغثنا، اللهم أغثنا يا رب العالمين، اللهم أغث البلاد والعباد،اللهم اغث البلاد والعباد،اللهم اغث البلاد والعباد، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب،اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا ،اللهم اغفر لنا ذنوبنا أجمعين اللهم اغفر لنا ذنوبنا أجمعين اللهم اغفر لنا ذنوبنا أجمعين اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا،اللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، ربنا إننا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم،اللهم اغفر لموتى المسلمين أجمعين اللهم يسر على المعسرين واقض الدين عن المدينين وعاف مبتلى المسلمين واشفي مرضاهم يا أرحم الراحمين،ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار والحمد لله رب العالمين.