الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /الهزة لقلوب أصحاب مهرجان الترفيه حتى يتألموا على إخوانهم في غزة ١٩ ربيع الآخر ١٤٤٥هـ
الهزة لقلوب أصحاب مهرجان الترفيه حتى يتألموا على إخوانهم في غزة ١٩ ربيع الآخر ١٤٤٥هـ 2023-11-03 22:23:35


خطبة جمعة بعنوان (الهزة لقلوب أصحاب مهرجان الترفيه حتى يتألموا على إخوانهم في غزة)


لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله


سجلت بتاريخ ١٩ ربيع الثاني ١٤٤٥ه‍


مسجد السنة الأكمة /مدينة القاعدة محافظة إب حفظها الله وسائر بلاد المسلمين




إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].

 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]

أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.


جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة، ومن حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَن لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ.

الجزاء من جنس العمل، فمن لم يرحم عباد الله عز وجل، من لم يرحم المؤمنين فإنه لا يرحم، من لم يرحم إخوانه المسلمين إذا ما نزلت بهم الشدائد والمحن، ونزلت عليهم الآلام والفتن، وتكالب عليهم الأعداء من كل مكان فإنه لا يرحم، والجزاء من جنس العمل، من لا يرحم لا يرحم، وفي المسند وعند أبي داود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تُنْزَعُ الرحمةُ إلا مِن شِقِيٍّ.


المؤمن مع المؤمن كالبنيان كما أخبرنا بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" المؤمن للمؤمن كالبنيان وشبك بين أصابعه.

ومعلوم أن الحجارة إذا انضم بعضها إلى بعض في البنيان قويت وتلاحمت واشتدت، وإذا كانت متفرقة ضعفت، وهكذا هو الواجب على المسلمين أن يكونوا كالبناء الواحد يتماسكوا فيما بينهم، ويتعاونوا فيما بينهم، ويتكاتفوا فيما بينهم، المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك النبي عليه الصلاة والسلام بين أصابعه، المؤمن مع أخيه المؤمن كالجسد الواحد، كما أخبرنا بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم ، وتَرَاحُمِهِم ، وتعاطُفِهِمْ . مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى.

هذا هو الواجب على المسلم مع أخيه المسلم، الواجب على المسلمين عموماً أن يكونوا كالجسد الواحد، إذا اشتكى عضو من أعضاء الجسد فإن الجسد يشتكي ويتألم، يتألم بأكمله فإذا اشتكى الجسد في إصبعه فيتألم سائر الجسد، وإذا تألم في أعلاه في رأسه فإن الجسد يتألم بأكمله، ويحصل للجسد جميعاً السهر والحمى كما أخبرنا بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، فالمسلم يشعر بأخيه المسلم. ويتألم بألمه، ويتوجع بوجعه، ويهتم بهمه، ويكرب بكربته، المؤمن للمؤمن كالبنيان، مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، مثل المؤمنين في توادهم أي في سعيهم في المحبة في أوساطهم، يتواد المؤمن مع أخيه المؤمن يحرص على المودة فيما بينه وبين أخيه المؤمن بالهدية والعطية، وبالزيارة وبالكلام الحسن، يسعى في جلب محبته ويتودد إليه لأنه مع أخيه كالجسد الواحد، مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم يرحم بعضهم بعضا، فهم كالشيء الواحد وكالجسد الواحد، وتعاطفهم أي تعاونهم كما ينعطف الثوب على الثوب إذا ما حصل خرق فيه، فإن الثوب ينعطف إلى الثوب ثم يخاط حتى يزول ذلك الخرق الذي في الثوب ويتماسك الثوب، وهكذا المسلم مع أخيه المسلم أن يعطف عليه.، وأن يتعاطف معه هذا هو الواجب الذي أمر به ربنا سبحانه وتعالى، وأمرنا به نبينا عليه الصلاة والسلام، لا يكن العبد بعيداً وكأن الأمر لا يعنيه، فإن هذا مما لا يجوز أن الشخص تبلغه أخبار إخوانه المسلمين وما يحصل لهم من الشدة والمحنة كما هو الحاصل في هذه الأيام في بلاد فلسطين في بلاد غزة، وما يحصل للمسلمين من الشدة والمحنة، وما يحصل لهم من القتل والقتال، وما يحصل لهم من التخويف والترويع، وما يحصل لهم من الشدة في مطعمهم وفي مشربهم وفي دوائهم وفي غير ذلك، كربات عليهم من كل جهة، وشدائد حلت بهم من كل جهة، وهنالك من الناس من هو غير مبال بذلك تقام في هذه الأيام المهرجانات الترفيهية، والمسلمون في شدة ومحنة، مهرجانات فيها الفسق والفجور، وفيها اللعب، وفيها الأغاني الماجنة، وفيها التمثيليات، وفيها الضحك، وفيها المرح، وفيها ما فيها والمسلمون في نكبات عظيمة، وفي شدائد عظيمة، المؤمن للمؤمن كالبنيان، مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، كيف لا تتألم بألم أخيك، أخوك في كربات وشدائد وأنت في ضحك وفي مرح وفي لعب وفي لهو وكأنك غير معني به، وبما هو فيه من الآلام والشدائد والمحن، أين التراحم في أوساط المسلمين، لا تنزع الرحمة إلا من شقي، من لا يرحم لا يرحم، هكذا قال عليه الصلاة والسلام، أين المواساة في أوساط المسلمين؟ أناس يقتلون، وأناس لا يجدون ما يأكلون وما يشربون وما يتداوون به، وأناس في ترف وفي لهو ومرح وفي غناء وفي رقص وفي لعب وإلى غير ذلك، أين هي المواساة؟ وأين هو التألم؟ يتألم المسلم على أخيه المسلم في مثل هذه الشدائد العظيمة والنكبات الكبيرة، فهذه حال بعض الناس من الغافلين ممن اتجهوا إلى الدنيا وإلى شهواتها، ممن لا يجدون في أنفسهم الحرقة على إخوانهم المسلمين، ولا يجدون التألم على المسلمين، كان بعض من مضى يسعى في المواساة لإخوانه وإن لم يجد شيئا واساهم في حالهم، كما ذكر عن إبراهيم بن أدهم رحمة الله عليه أنه كان في الأيام الباردة وفي الليالي الباردة يخرج إلى البرد يخرج الى الفلاة من الأرض وإلى البرد ويتألم بشدة البرد، فلما سئل عن ذلك قال: تذكرت المساكين الذين لا يجدون دفاء وليس عندي ما أعطيهم فأردت أن أواسيهم، أي يفعل كفعلهم حتى يواسيهم ويتألم بألمهم، هكذا كان رحمة الله عليه، وهكذا كان من مضى من أهل الخير من أهل القرون المفضلة كانوا يتألمون ويواسون إخوانهم إذا حصلت بهم الشدة والمحنة، ولا يقول القائل منهم نفسي نفسي، بل هو مع أخيه كالجسد الواحد، وكالبنيان الواحد، جاء في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عنه رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:"إنَّ الأشْعَرِيِّينَ إذا أرْمَلُوا في الغَزْوِ، أوْ قَلَّ طَعامُ عِيالِهِمْ بالمَدِينَةِ جَمَعُوا ما كانَ عِنْدَهُمْ في ثَوْبٍ واحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بيْنَهُمْ في إناءٍ واحِدٍ بالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وأنا منهمْ.

يواسي بعضهم بعضا بما عنده من الطعام اليسير إذا حصل لهم الحاجة إما في أسفارهم وإما في المدينة، حصلت لهم الحاجة، حصل لبعضهم الفاقة، حصل لبعضهم الفقر لم يجد بعضهم طعاما والآخر عنده شيء من الطعام كانوا يجمع بعضهم بعضا ما عندهم من الطعام، ويجعلون الطعام المجموع في ثوب واحد ثم يأتون بإناء واحد ما في إناء كبير للكبير وإناء صغير للصغير، وإنما يأتون بإناء واحد ويتقاسموا ما بينهم بالسوية، هكذا أخبر عنهم النبي عليه الصلاة والسلام وهم من أهل اليمن، الأشعريون من أهل اليمن، فقال النبي عليه الصلاة والسلام فهم مني وأنا منهم، فهكذا كانت المواساة في أوساطهم رضي الله عنهم أجمعين، جاء في مسند الإمام أحمد وعند الترمذي وعند غيرهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: 

لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه المهاجرون فقالوا يا رسول اللهِ ما رأينا قوما أبذل من كثير ولا أحسن مواساة من قليل من قوم نزلنا بين أظهرهم لقد كفونا المؤنة وأشركونا في المهنأ حتى خفنا أن يذهبوا بًالأجر كله فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا ! ما دعوتم الله لهم ، وأثنيتم بًالأجر عليهم.

فالمهاجرون قدموا من مكة تركوا ديارهم وتركوا أموالهم من أجل الله عز وجل، قدموا إلى أهل المدينة وهم فقراء قد تركوا أموالهم، وتركوا ديارهم، وتركوا ما يملكون من أجل الله عز وجل، ومن أجل رسوله عليه الصلاة والسلام، فهاجروا إلى مدينة رسول الله عليه الصلاة والسلام فتلقاهم أهل المدينة من الأنصار فواسوهم بما عندهم، فهم معهم كالجسد الواحد، تراحموا فيما بينهم،وتعاطفوا فيما بينهم، حتى أنهم كفوهم المؤنة وأشركوهم في الثمرة، وأعطوهم ما عندهم من الثمار وشاركوهم، فقال المهاجر للنبي عليه الصلاة والسلام ما رأينا مثل قوم نزلنا حللنا عليهم، أحسن مواساة في قليل، إن كان عندهم الشيء القليل فعندهم حسن المواساة، ولا أحسن بذلا في كثير وإن كان عندهم من المال الشيء الكثير فكانوا أحسن بذلا، ما رأينا مثل بذلهم حتى خشينا أن يذهبوا بالأجر كله، أي بجميع أجورنا وحسناتنا وهي حسنات الهجرة إلى المدينة، فقال النبي عليه الصلاة والسلام لهم : لا ما أثنيتم عليهم ودعوتم الله لهم، وقال الله سبحانه وتعالى فيهم :{وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)}[الحشر:9].

وجاء في البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال :قالتِ الأنْصارُ للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اقْسِمْ بيْنَنا وبيْنَ إخْوانِنا، أي المهاجرين، اقْسِمْ بيْنَنا وبيْنَ النَّخِيلَ، قالَ النبي عليه الصلاة والسلام : لا، فقالوا: تَكْفُونا المَؤُونَةَ، ونَشْرَكْكُمْ في الثَّمَرَةِ؟ قالوا: سَمِعْنا وأَطَعْنا.

فأرادوا أن يقسموا ما يملكون من النخيل فيما بينهم وبين المهاجرين أولئك قوم كالجسد الواحد، أولئك قوم بينهم التراحم، بينهم التعاطف، بينهم التواد، رباهم رسول الله عليه الصلاة والسلام على هذه الأخلاق الحسنة، ونحن في هذه الأزمان نسمع العجب الناس يقتلون،ويذبحون، ويدمرون، وفي خوف، وفي رعب شديد، لا طعام، ولا شراب، ولا أمن، وفيهم من الشدائد والمحن والأهوال العظام، وهنالك من هو في في الترفيه وفي اللعب وفي الخنا وفي معصية الله عز وجل، ألا تخشى أن يصيبك ما أصابهم، ألا تخشى أن ينزل الله سبحانه وتعالى عليك عقوبة من السماء، قال سبحانه وتعالى:{أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99)}[الأعراف:97،99].


هذا وأسأل الله عز وجل أن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية:


الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد يقول سبحانه وتعالى في كتابه:{وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (4)فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا إِلَّا أَن قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (5)}[الأعراف:4،5].

فالواجب على العبد أن يتقي ربه سبحانه وتعالى، وأن لا يجاهر رب العالمين وتعالى بالفسق والفجور، ولا سيما ونحن نمر بشدائد، كم من شدائد في هذه السنة مرت على المسلمين بسبب ذنوبهم ومعاصيهم، كم من زلازل دمرت، دمرت مدنا وهلك فيها من هلك، كم من فيضانات أغرق بها من أغرق، كم من اعاصير مهلكة ومدمرة، وكم من حروب وتسلط للأعداء، وهنالك من لا يعتبر، وهنالك من لا يتعظ بمثل هذه المواعظ، فهناك لا يتعظ إلا إذا حلت به العقوبة، ونزل به النكال من رب العالمين سبحانه وتعالى، وهذه الأمور من الخنا ومن الفسق والفجور، ومن الغنى وغير ذلك من أسباب عقوبة الله عز وجل، جاء في البخاري من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال:"لَيَكونَنَّ مِن أُمَّتي أقْوامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ والحَرِيرَ، والخَمْرَ والمَعازِفَ، ولَيَنْزِلَنَّ أقْوامٌ إلى جَنْبِ عَلَمٍ. أي إلى جنب جبل، أن يبقون في ذلك الموضع يشربون الخمور، وتغني لهم المغنيات، ويرقصون ويطبلون ويزمرون في لهو وفي لعب وفي معصية لله عز وجل، قال عليه الصلاة والسلام :"لَيَكونَنَّ مِن أُمَّتي أقْوامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ والحَرِيرَ، والخَمْرَ والمَعازِفَ، ولَيَنْزِلَنَّ أقْوامٌ إلى جَنْبِ عَلَمٍ، يَرُوحُ عليهم بسارِحَةٍ لهمْ، يَأْتِيهِمْ -يَعْنِي الفقِيرَ- لِحاجَةٍ، فيَقولونَ: ارْجِعْ إلَيْنا غَدًا، أي نحن مشغلون بما نحن فيه من الأغاني والرقص والمزامير والطبل، وشرب الخمور وما إلى ذلك، ارجع إلينا غدا تروح إليهم سارحة لهم، أي بماشية لهم يأتيهم لحاجة فيقولون: ارجع إلينا غدا، قال عليه الصلاة والسلام: فيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ، ويَضَعُ العَلَمَ، ويَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وخَنازِيرَ إلى يَومِ القِيامَةِ.

يضع الله سبحانه وتعالى عليهم العلم أي الجبل فيقع ذلك الجبل عليهم وهم في لهوهم، وفي بطرهم وأشرهم، وفي معصيتهم ومجاهرتهم لرب العالمين سبحانه وتعالى، ويمسخ آخرين ممن لم يقع عليهم ذلك الجبل ويمسح آخرين قردة وخنازير، فلا تجاهر الله عز وجل بالمعصية، هذه العقوبات هي نذير وانذار من رب العالمين سبحانه وتعالى، فالواجب علينا أن نتوب، وأن نرجع إلى ربنا سبحانه وتعالى، وأن نتكاتف فيما بيننا على أعدائنا، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم أي قوتكم، المؤمن للمؤمن كالبنيان، لا يتقوى البناء إلا إذا انضم بعضه إلى بعض، ولا يتقوى المسلمون على أعدائهم إلا إذا ما تكاتفوا فيما بينهم وصاروا أمة واحدة على أعدائهم، إن كانوا كذلك فلن يتمكن منهم الأعداء، وإن تخلى بعضهم عن بعض وقال نفسي نفسي سوف يأتي دورك وتهلك مع الهالكين، فإن أعداء الله عز وجل لا يريدون أن يبقى أحد من أهل الاسلام، يبدأون بدولة فإن تخاذل المسلمون تشجعوا على أخرى، وصار حال المسلمين كما قيل أكلت يوم أكل الثور الأبيض، وقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه بإسناد وإن كان فيه كلام عن علي رضي الله عنه أنه خطب في الناس فقاطعته الخوارج فنزل فدخل معه أناس فقال: إنما مثلي كمثل أسد وثلاثة أثوار كانوا في أجمة أبيض وأسود وأحمر، قال رضي الله عنه : فجاء فكان الأسد إذا أراد واحدا منهم اجتمعوا عليه فامتنعوا منه، فجاءهم الأسد فقال لهم ما يفضحنا في أجمتنا هذا إلا الثور الأبيض فإن لونه يخالف ألواننا، فدعوني حتى أقوم بأكله ثم ننفرد في هذه الأجمة فتركوه فأكل الثور الأبيض، ثم أراد أن يهجم في مرة أخرى على الثورين فاجتمع عليه فامتنع منه، فجاءهم مرة أخرى وقال جاء إلى الثور الأحمر وقال له: إن لوني كلونك ولونك كلوني وهذا الثور يفضحنا بلونه فلونه يخالف ألواننا فدعني أقوم بأكله ثم ننفرد أنا وأنت في هذه الأجمة، فوافقه على ذلك فأكل الثور الأحمر، وبعد فترة جاء إلى الثور الأسود فقال له أريد أن أأكلك ، قال : إن أردت أن تأكلني فدعني أصيح ثلاث صيحات قال أفعل ما شئت، فصاح وقال: إنما أكلت حين أكل الثور الأبيض، قال علي : وإنما هبت حين قتل عثمان رضي الله عنه، أي دخلته الهيبة ودخله الخوف حين قتل عثمان رضي الله عنه، فهكذا هو حال أعداء الله عز وجل مع أهل الإسلام، إن وجدوهم اجتمعوا وتكاتفوا وتعاونوا هابوهم ولم يتجرأوا عليهم، وإن تخاذلوا أخذوهم واحدا بعد الواحد وأهلكوا المسلمين وتسلطوا عليهم.


نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهلك من أراد بالإسلام والمسلمين سوءا، اللهم أهلك من أراد بالإسلام والمسلمين سوءا، اللهم عليك باليهود المعتدين الظالمين المجرمين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم دمرهم شر تدمير، اللهم دمرهم شر تدمير، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم واجعلهم عبرة للمعتبرين فإنك على كل شيء قدير، اللهم اسقط طيرانهم ودمر دباباتهم وأسلحتهم إنك على كل شيء قدير اللهم اجعلهم وما يملكون غنيمة للإسلام والمسلمين، اللهم عليك بمن تآمر معهم من الأمريكان ومن النصارى ومن سائر الكافرين والمنافقين ومن تعلم ممن لا نعلم فإنك على كل شيء قدير، اللهم احفظ إخواننا المستضعفين في بلاد فلسطين، اللهم احفظهم من بين أيديهم، ومن خلفهم، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم، ومن فوقهم، ونعوذ بعظمتك أن يغتالوا من تحتهم، اللهم احفظهم بحفظك، وكلأهم بكلآتك إنك على كل شيء قدير، اللهم أمنهم من خوفهم وأطعمهم من جوعهم واكس عاريهم، اللهم اكس عاريهم وداوي جرحاهم، اللهم فرج ما نزل بهم من البلاء والشدة والمحنة، اللهم فرج عنهم، اللهم فرج عنهم، اللهم اكشف كربتهم وما نزل بهم من الشدة والبلاء إنك على كل شيء قدير، والحمد لله رب العالمين.


فرغها : أبو عبدالله زياد المليكي



جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي