تحفة المجيب في بيان أن من لا يستجيب لربه فإنه لدعائه لا يستجيب 24 جمادى الأولى 1445هـ 2023-12-08 21:05:35
خطبة جمعة بعنوان (تحفة المجيب في بيان أن من لا يستجيب لربه فإنه لدعائه لا يستجيب)
لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله
سجلت بتاريخ ٢٤جماد الأول ١٤٤٥
مسجد السنة/الأكمة/مدينة القاعدة محافظة إب حفظها الله وسائر بلاد المسلمين
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]
أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)}[غافر:60].
فيأمرنا ربنا سبحانه وتعالى أن ندعوه وحده لا شريك له، وبين سبحانه وتعالى أن من أعرض عن الدعاء له سبحانه أنه من المستكبرين، {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)}
وتوعد الله سبحانه وتعالى المستكبرين عن دعائه، والدعاء هو العبادة بنار جهنم والعياذ بالله، والله سبحانه وتعالى يستجيب دعاء من دعاه إذا لم يوجد مانع من موانع الدعاء، وقال ربكم ادعوني استجب لكم،{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (62)}[النمل:62].
فالذي يجيب دعاء المضطر ويكشف السوء هو رب العالمين سبحانه وتعالى، والذي يكشف السوء هو رب العالمين سبحانه وحده لا شريك له، الذي يفرج كروب المكروبين هو رب العالمين، والذي يجيب دعاء السائلين هو رب العالمين وحده لا شريك له، فما على العبد إلا أن يتجه إلى ربه سبحانه وتعالى، ويخلص لربه سبحانه وتعالى بالدعاء، ويدعو ربه في الشدة والرخاء، ويلتجئ إلى ربه سبحانه في جميع الأوقات، والدعاء سلاح عظيم، وأخطأ كل الخطأ من قال أن الدعاء سلاح الضعفاء.
الدعاء هو : سلاح الصالحين.
الدعاء هو : سلاح عباد الله عز وجل المؤمنين.
الدعاء هو : سلاح الأنبياء والمرسلين، ذكر الله عز وجل في سورة الأنبياء جملة من أنبيائه ورسله وقال فيهم :{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)}[الأنبياء:90
فهو سلاح الأنبياء والرسل، وأثنى عليهم ربهم سبحانه وتعالى بذلك:{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)}
وكم ذكر لنا ربنا سبحانه وتعالى من قصص أنبيائه ورسله، وكيف أن الرسل اتجهوا إلى الله عز وجل بالدعاء، فنصرهم رب العالمين سبحانه وتعالى وهو القوي العزيز، القاهر الغلاب الذي لا يغلبه شيء في الأرض ولا في السماء،{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ (14)}[القمر:10،14].
فالتجأ إلى ربه سبحانه وتعالى وقد تكالب عليه الكافرون من كل مكان، فالتجأ إلى القوي المتين القاهر الغلاب وحده لا شريك له، ودعا ربه وقال إني مغلوب فانتصر، فاستجاب الله سبحانه وتعالى له مباشرة، فأغرق الله سبحانه وتعالى الأرض بمن فيها من الكافرين، ونجى الله سبحانه وتعالى نوحا ومن معه من المؤمنين، فالدعاء سلاح عظيم من أسلحة الأنبياء والمرسلين، ومن أسلحة عباد الله الصالحين.
وقال سبحانه وتعالى عن نبييه موسى وهارون عليهم الصلاة والسلام حين دعيا رب العالمين سبحانه وتعالى :{رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88)قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا}[يونس:88،89].
فدعيا ربهما سبحانه وتعالى أن يطمس على أموال فرعون فطمس سبحانه وتعالى على أموالهم، قال بعض العلماء : صار الذهب حجرا وهكذا الفضة، وما معهم من الأموال مسخها الله عز وجل وغير من صورها، واستجاب الله سبحانه وتعالى لرسوليه الكريمين، واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم وحصل ذلك، فإنه لما أدركه الغلق شهد أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل، ولم يقبل الله سبحانه وتعالى ذلك منه فاستجاب الله سبحانه وتعالى لنبييه الكريمين موسى وهارون عليهم الصلاة والسلام قد أجيبت دعوتكما، فدعيا الله عز وجل فأجاب الله سبحانه وتعالى لهما.
وهكذا يقول سبحانه وتعالى عن نبيه هود عليه الصلاة والسلام أنه دعا ربه سبحانه وتعالى بالنصرة بعد أن تكالب عليه الأعداء، فقال الله عز وجل:{عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40)فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً ۚ فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41)}[المؤمنون:40،41]
فدعا ربه سبحانه وتعالى فاستجاب الله له، وأهلك قومه الكافرين بالصيحة، وجعلهم كالغثاء الذي يحمله السيل ويلقيه في أطراف الأودية، فأهلكهم الله سبحانه وتعالى ونصر نبيه هود عليه الصلاة والسلام،{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)}[الأنفال:9،10].
فاستغاثوا ربهم فاستجاب الله سبحانه وتعالى لهم، وأمدهم بألف من الملائكة، فالله سبحانه وتعالى يجيب دعاء من استغاث به، ومن دعاه ومن اتجه إليه والتجأ إليه وحده لا شريك له، لكن لابد للعبد ألا يكون من الغافلين، وليحرص على أسباب إجابة الدعاء، ويعرض عن الموانع المانعة من إجابة الدعاء، فإن من جملة الموانع أن تبتعد عن أمر الله عز وجل،
وأن تقع فيما نهى الله سبحانه وتعالى عنه فلا تستجيب لربك سبحانه وتعالى فيأمرك ربك ويدعوك لفعل كذا وكذا فلا تستجيب له، ويدعوك إلى أن تترك كذا وكذا فلا تستجيب له سبحانه فلا يستجيب الله لك بعد ذلك إن دعوته، ربك يدعوك وأنت تدعو ربك فإن استجبت لدعاء ربك استجاب الله سبحانه وتعالى لدعائك، ربك يدعوك ويأمرك بإقامة الصلاة وبإيتاء الزكاة وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة، ويأمرك بالحج إلى بيته إن كنت مستطيعا، ويأمرك بالصيام، ويأمرك بصلة الأرحام، ويدعوك إلى اجتناب المحرمات من القتل ومن شرب الخمور ومن الزنا ومن عقوق الوالدين ومن قطيعة الأرحام وغير ذلك الأمور، فإن استجبت لدعوة الله عز وجل استجاب الله استجاب لك وإن أعرضت أعرض الله عنك، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)}[البقرة:186].
استجب يستجيب الله لك، استجب لربك يستجيب الله سبحانه وتعالى لك، هناك من الناس من يدعو الله عز وجل ويدعو ويدعو ويدعو ثم يتألم ويقول: ادعو ولا يستجيب الله سبحانه وتعالى لي، إنما أوتيت من نفسك، أوتيت من نفسك لأنك لم تستجب لربك سبحانه وتعالى، انظر أين أنت من شرع الله، انظر أين أنت من أوامر الله، أين أنت من نواهي الله عز وجل، هل استجبت لله فيما أمرك به، واستجبت له بترك ما نهاك عنه، أو أنت من المقصرين المفرطين الغير مبالين بما دعاك الله إليه، فإن كنت كذلك فلم نفسك، وارجع إلى نفسك، واستجب لربك، وأصلح ما بينك وبين ربك سبحانه وتعالى يستجيب الله سبحانه وتعالى لك الدعاء، وإلا فإن الله سبحانه وتعالى قريب، وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان،
لكن
قال فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا، وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله ألا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد فيا معاشر المسلمين: من أراد أن يستجيب الله سبحانه وتعالى له عند الشدائد والمحن فليذكر ربه عند الرخاء والنعم، جاء في المسند من حديث ابن عباس رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:" تعرف إلى الله بالرخاء يعرفك في الشدة.
أما أن تغفل عن ربك في وقت الرخاء ثم تذكر أن لك ربا في وقت الشدة من نسى الله سبحانه وتعالى نسيه الله، من نسى الله عز وجل نسيه الله بمعنى أعرض عنه علم لا عن غفلة فإن الله سبحانه وتعالى بكل شيء عليم، لكن يجازي العبد ما بمثل ما فعل، يجازيه بنظير ما فعل، فلا تغفل عن ربك في وقت الرخاء ثم تذكر ربك في وقت الشدة،{وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ}[يونس:12].
هذا حال الإنسان إلا من رحم الله عز وجل، فإنه يلتجأ إلى ربه سبحانه وتعالى في وقت الشدة، وإذا جاء الرخاء نسى ربه بالكلية، ولم يذكر أن له ربا، ويعرض عنه بالكلية، ثم إن جازه الله سبحانه وتعالى بالإعراض عنه وعدم الاستجابة لدعائه إذا به يتألم ويقول: لما لم يستجب لي ربي وقد دعوت ودعوت ودعوت ؟ وإنما جازاك الله سبحانه وتعالى بنظير ما فعلت، جازاك الله سبحانه وتعالى بعملك لأنك أعرضت عن ربك سبحانه وتعالى في وقت الرخاء فأعرض الله وتعالى عنك في وقت الشدة، إذا أردت أن يستجيب الله سبحانه وتعالى لك فأطب مطعمك ومشربك، ابتعد عن الحرام، ابتعد عن الحرام في مطعمك وفي مشربك، وفي ملبسك، وفي جميع أمورك، فإن الحرام من أسباب موانع الدعاء، جاء في مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الرجل يطيل السفر ويدعو الله عز وجل وهو أشعث أغبر ويدعو الله عز وجل ويرفع يديه إلى السماء ويقول: يا رب يا رب، قال النبي عليه الصلاة والسلام : ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك، مسافر وهو أشعث أغبر ومنكسر القلب فيدعو ربه سبحانه وتعالى ويمد يديه بالدعاء وينادي ربه بربوبيته ويقول : يا رب يا رب نزلت به الشدة والمحنة في سفره، وحلت به الكروب والمحن في سفره فذكر ربه في السفر وكان في الحضر من الغافلين عن رب العالمين سبحانه وتعالى، ذكر ربه عند الشدة وكان من الغافلين عن ربه في وقت الرخاء، وكان في وقت الرخاء معرض عن الله، مطعمه من الحرام، ومشربه من الحرام وملبسه من الحرام. وغذي بالحرام أي من صغره، هو على هذه الحال غذاه والداه من الحرام، وكبر وصار مكتسبا وغذى وأطعم نفسه من الحرام، وغذى نفسه في حال كبره من الحرام، فهو في مبدأه وفي منتهاه بين الحرام وما بين ذلك، فيدعو ربه سبحانه وتعالى ويقول : يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام، قال : فأنى يستجاب لذلك، فعلينا أن نراجع أنفسنا، وأن نتوب إلى ربنا سبحانه وتعالى، وأن نصلح العمل فإنما نؤتى من جهة أنفسنا، وإلا فإن الله سبحانه وتعالى كريم، الله سبحانه وتعالى رحيم وغفور، الله سبحانه وتعالى هو الخالق وهو الرازق وهو المدبر إن استجاب للخلق بكل ما سألوه فإنه لا ينقص من ملكه شيء، لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم وجِنَّكم وإنسَكم اجتمَعوا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني جميعًا فأعطيتُ كلَّ إنسانٍ منهم مسألتَه لم يُنقِصْ ذلك ممَّا عندي إلَّا كما يُنقِصِ المَخيطُ إذا غُمِس في البحرِ، كما قال ذلك ربنا سبحانه وتعالى في الحديث القدسي فيما رواه مسلم من حديث أبي ذر، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، لو قام جميع العباد في صعيد واحد فسألوا الله عز وجل ما شاءوا وما أرادوا فأجب الله سبحانه وتعالى الجميع بكل ما سألوه ما نقص ذلك من ملك الله عز وجل إلا كما ينقص المخيط إذا ما أدخل البحر، إذا أدخل المخيط في البحر كم يأخذ من الماء يأخذ الشيء التافه اليسر الذي لا شأن له، فملك الله عظيم لكن إنما نؤتى من جهة أنفسنا وتفريطنا وذنوبنا ومعاصينا، فبعد ذلك ندعو ربنا سبحانه وتعالى فلا يستجيب الله سبحانه وتعالى لنا، كم من نزائل وكم من غموم ومصائب تنزل على المسلمين، فيدعو المسلمون ربهم سبحانه وتعالى فيستطبطئون الإجابة ولا يصلحون العمل، يريدون أن يجيبهم رب العالمين سبحانه وتعالى وما استجابوا له، فعلينا أن نرجع إلى ربنا سبحانه وتعالى، وأن نتوب إليه، وأن نقلع عن ذنوبنا ومعاصينا، وأن نستقيم على شرع الله، وأن نحافظ على فرائض الله ولنبشر بالخير في الدنيا والآخرة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم، ربنا إننا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم أنج عبادك المستضعفين المؤمنين في بلاد فلسطين ، اللهم أنجهم من عدوك وعدوهم، اللهم اجعل لهم من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا، اللهم اكشف همومهم وغموهم ويسر أمورهم، اللهم يسر لهم مطعهم ومشربهم وملبسهم، ويسر لهم الدواء، اللهم كن لهم ولا تكن عليهم، اللهم انصرهم يا رب العالمين بنصرك فإنك على كل شيء قدير، اللهم عليك باليهود المعتدين الظالمين ومن تآمر معهم من المنافقين على الإسلام والمسلمين ، اللهم اخذهم أخذ عزيز مقتدر فأنت على كل شيء قدير، اللهم دمرهم شر تدمير، اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا اللهم لا تغادر أحد من الظالمين منهم من المعتدين الظالمين ومن المجرمين، إنك على كل شيء قدير، اللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين واغفر لنا ذنوبنا واهدنا إلى سواء السبيل، والحمد لله رب العالمين