الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /02 حث الآباء والأبناء على صيام عاشوراء 9 محرم 1447هـ
02 حث الآباء والأبناء على صيام عاشوراء 9 محرم 1447هـ 2025-07-04 21:26:25


خطبة جمعة بعنوان حث الآباء والأبناء على صيام عاشوراء 


لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله 


سجلت بتاريخ ٩ محرم ١٤٤٧ه‍

مسجد الفاروق إب اليمن حفظها الله 



إن الْحَمْدُ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه ، ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ، ومن سيئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه .


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[ آل عمران : 102] .


{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[ النساء : 1 ]


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأحزاب : 70 ،71].


أما بعد :  فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فإذا هم يصومون يوماً يعني عاشوراء، فقالوا : هذا يوم عظيم نجى الله فيه موسى وأغرق آل فرعون فصامه موسى شكراً لله عز وجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نحن أولى بموسى منهم فصامه وأمر الناس بصيامه.

هذا اليوم الذي أمر النبي عليه الصلاة والسلام بصيامه هو يوم عاشوراء، وهو العاشر من شهر محرم، وهو اليوم الذي يأتي بعد هذا اليوم يوم السبت في هذا الشهر وفي هذا العام الذي نحن فيه، يوم عاشوراء هو يوم العاشر من شهر محرم، في هذا اليوم المبارك نجى الله سبحانه وتعالى موسى عليه الصلاة والسلام من فرعون ومن آله، وأغرق الله سبحانه وتعالى فرعون وأغرق آله، فشكر موسى ربه سبحانه وتعالى فصام هذا اليوم شكراً لله عز وجل، وصامه النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً شكراً لله عز وجل، فإن الأنبياء إخوة، الأنبياء جميعاً إخوة، والأنبياء جميعا كالشيء الواحد، وقد أمر الله عز وجل نبيه عليه الصلاة والسلام أن يقتدي بمن مضى من الأنبياء والمرسلين :{أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام:90].

فأمره ربه عز وجل أن يقتدي بمن مضى من الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، شكر موسى ربه عز وجل فصام هذا اليوم الذي أنعم الله سبحانه وتعالى عليه بهذه النعمة العظيمة، ونعم الله سبحانه وتعالى تشكر، ومن جملة شكر الله عز وجل للنعم الصيام، فإن الصيام عبادة من العبادات التي يحبها الله عز وجل، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي في الصحيحين :" كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به.

وفي رواية لمسلم :" كل عام ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به.

والله يقول :{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)}[الزمر:10].

ومن جملة الصابرين الصائمون فإن الصوم فيه صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة، فشكر ربه عز وجل بالصيام والنعم تشكر بالعبادة، تشكر بالصيام كما فعل موسى عليه الصلاة والسلام حين أنعم الله عليه بهذه النعمة العظيمة، وهكذا نبينا عليه الصلاة والسلام حين سئل عن صيام يوم الاثنين ؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ذلك يوم ولدت فيه وبعثت فيه كما جاء ذلك في مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه، فشكر ربه عز وجل على هذه النعم بأن صام يوم الإثنين شكرا لله عز وجل على نعمه.


ومن نعم الله سبحانه وتعالى العظيمة أن أكمل الله سبحانه وتعالى لنا الدين، قال الله عز وجل:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ}[المائدة:3].

واليوم الذي أكمل الله عز وجل فيه الدين هو يوم عرفة كما جاء في الصحيح من حديث عمر رضي الله عنه، فنزلت هذه الآية والنبي عليه الصلاة والسلام واقف في يوم عرفة في يوم جمعة فأكمل الله عز وجل لنا الدين في يوم عرفة، وكان صيام يوم عرفة من الصيام المستحب المرغب فيه يكفر الله عز وجل به ذنوب سنتين سنة ماضية وسنة آتية، فنعم الله عز وجل تشكر ومن جملة شكرانها أن يشكرها العبد بهذه العبادة العظيمة، ونجاة موسى عليه الصلاة والسلام ومن معه من المؤمنين من فرعون نعمة من النعم العظيمة، وهلاك الكافرين والظالمين نعمة من نعم الله عز وجل العظيمة، قال الله عز وجل :{فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)}[الأنعام:45].

وقال لنبيه نوح عليه الصلاة والسلام:{فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28)}[المؤمنون:28].

بأن أغرق الله عز وجل الظالمين ونجى الله عز وجل نوحا عليه الصلاة والسلام ومن معه من المؤمنين.

وهكذا أغرق الله عز وجل فرعون ونجى موسى ومن معه من المؤمنين، فزوال الظالمين ودمار الظالمين وهلاك الظالمين نعمة من نعم الله عز وجل، ونعم الله سبحانه وتعالى تشكر، وهذه النعمة التي حصلت لموسى نعمة عظيمة ذكرهم بها ربهم سبحانه وتعالى وذكرهم بها نبيهم عليه الصلاة والسلام، قال الله عز وجل :{وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (49)وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (50)}[البقرة:49،50].


وقال سبحانه:{وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۖ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ(141)}[الأعراف:141].


قال :{وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)}[إبراهيم:6]


قال:{ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30) مِن فِرْعَوْنَ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِّنَ الْمُسْرِفِينَ (31)}[الدخان:30،31].

فأهلكه الله عز وجل ودمره وهذه نعمة من نعم الله عز وجل العظيمة، فرعون ادعى الألوهية وادعى الربوبية وقال فرعون:{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38) وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ (41)}[القصص:38،39].

أهلكه الله عز وجل وأغرقه،{فَحَشَرَ فَنَادَىٰ (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَىٰ (25)}[النازعات:23،25].

ادعى الألوهية وادعى الربوبيه، ذبح أبناء بني إسرائيل واستحيا نساءهم وسامهم سوء العذاب، بلغ من الإجرام الشيء الكثير، فإهلاكه نعمة من نعم الله عز وجل الذي يجب على المؤمن أن يشكرها، والمؤمنون كالشيء الواحد، ونبينا عليه الصلاة والسلام اقتدى بموسى عليه الصلاة والسلام فصام هذا اليوم وأمر بصيامه وكان واجباً قبل فرضية رمضان، فلما فرض رمضان ترك النبي عليه الصلاة والسلام الأمر بإيجابه وبقى الاستحباب، كما جاء ذلك في الصحيحين من حديث عائشة وجاء في البخاري من حديث ابن عباس أن النبي عليه الصلاة والسلام صام عاشوراء وأمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك ذلك، أي ترك الأمر بصيامه وبقى أمرا مستحبا، وكان نبينا عليه الصلاة والسلام من يصوم عاشوراء في مكة قبل أن يهاجر إلى المدينة كما جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن قريشا كانت تصوم عاشوراء في الجاهلية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، وفي البخاري من حديثها أن الكعبة كانت تكسى في يوم عاشوراء، كانت تستر في يوم عاشوراء أي تكسى بأنواع الأكسية، فهو يوم عظيم مبارك من صامه كفر الله عز وجل عنه ذنوب سنة ماضية كما جاء في حديث أبي قتادة في صحيح الإمام مسلم حين سئل عن صيام يوم عاشوراء قال : أحتسب على الله أن يكفر ذنوب سنة ماضية، فهي نعمة من نعم الله عز وجل، جاء في الصحيحين من حديث الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت:أرسَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غداةَ عاشوراءَ إلى قُرى الأنصارِ الَّتي حولَ المدينةِ: ( مَن كان أصبَح صائمًا فليُتِمَّ صومَه ومَن كان أصبَح مُفطرًا فليصُمْ بقيَّةَ يومِه ذلك ) قالت: فكنَّا نصومُه ونُصوِّمُ صبيانَنا الصِّغارَ ونذهَبُ بهم إلى المسجدِ ونجعَلُ لهم اللُّعبةَ مِن العِهْنِ فإذا بكى أحدُهم على الطَّعامِ أعطَيْناها إيَّاه حتَّى يكونَ عندَ الإفطارِ.

فهكذا حرص النبي عليه الصلاة والسلام على صيامه وحث الناس على صيامه، وأرسل الرسل إلى قرى الأنصار يحثون الناس على صيامه، وبالغ الصحابة الكرام رضي الله عنهم في صيامه حتى صوموا الصغار وعودوهم على الخير، فكانوا يصومون يوم عاشوراء ويصومون صبيانهم فإذا بكى أحدهم على الطعام أو الشراب أعطوه تلك اللعبة من العهن حتى يكون الإفطار، أولئك قوم حرصوا على الخير فبارك الله فيهم وبارك الله عز وجل في أعمالهم، وكانت تلك الأمة هي خير أمة أخرجت للناس كما أخبرنا بذلك ربنا سبحانه وتعالى،{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}[آل عمران:110].


أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم .


الخطبة الثانية:


الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.


 أما بعد : روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: ما علمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حرص على يوم من الأيام أن يصومه إلا هذا اليوم يعني يوم عاشوراء، ولا شهرا إلا هذا الشهر يعني شهر رمضان، فكان النبي عليه الصلاة والسلام يحرص حرصاً بالغاً على صيام يوم عاشوراء كما أيضاً يحرص على صيام شهر رمضان من أشهر السنة، غير أن عاشوراء من النوافل ورمضان من الفرائض، ما علمت رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوما من الأيام يطلب فضله أو ما علمت رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوم من الأيام يطلب فضله إلا هذا اليوم ولا شهراً إلا هذا الشهر هكذا قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ولقد خالف النبي عليه الصلاة والسلام اليهود والنصارى في صيام يوم عاشوراء ببعض الأمور من ذلك أن اليهود والنصارى كانوا يتخذون يوم عاشوراء عيداً، يتخذونه عيداً يصومونه ويتخذونه عيدا وهذان الأمران لا يجتمعان، فكانوا يتوسعون في الزينة ويتوسعون بالملابس الجميلة ويعطون أهاليهم الألبسة الحسنة والحلي ونحو ذلك فيجمعون بين أمرين متناقضين بين صيامه واتخاذ ذلك اليوم عيداً، فخالفهم النبي عليه الصلاة والسلام واقتصر على مجرد الصيام، جاء في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قيل للنبي عليه الصلاة والسلام : إن اليهود يتخذون عاشوراء عيداً؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: فصوموه أنتم، إذن لا تتخذه عيدا واقتصروا على مجرد الصيام، وما جاء في حديث أبي سعيد وأبي هريرة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: من وسع على أهله في يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته فهو حديث لا يثبت ولا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما بين ذلك حفاظ الحديث، وإنما التوسعة في هذا اليوم من شأن اليهود، هم الذين كانوا يتوسعون ويوسعون على أهليهم وعلى أولادهم في يوم عاشوراء، أما نبينا عليه الصلاة والسلام فإنما حث على صيامه، فخالفهم النبي عليه الصلاة والسلام في هذا، وأراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يخالفهم بصيام اليوم التاسع مع اليوم العاشر لكنه مات عليه الصلاة والسلام قبل أن يفعل ذلك، جاء في مسلم من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا يا رسول الله إن اليهود والنصارى يعظمون هذا اليوم؟ قال النبي عليه الصلاة والسلام: إذا كان العام المقبل إن شاء الله لأصمن التاسع، أي التاسع والعاشر، والتاسع هو هذا اليوم الذي نحن فيه، والعاشر هو يوم السبت في هذا العام وفي هذا الشهر فقال إذا كان العام المقبل إن شاء الله لأصومن التاسع، فلم يأتي العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمات قبل أن يفعل هذا فبقت هذه سنة مستحبة فمن تيسر له أن يصوم التاسع والعاشر فهذا أمر مستحب قد هم به النبي عليه الصلاة والسلام، ومن لم يتيسر له إلا صيام العاشر فلا بأس بذلك ولا حرج، لا يضيع الإنسان على نفسه الفضيلة إذا لم يتيسر له إلا صيام عاشوراء فليحرص على صيام عاشوراء، وأما صيام التاسع والعاشر والحادي عشر فهذا لم يثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام لا من قوله ولا من فعله، وأما ما جاء في المسند وفي غيره من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال صوموا يوم عاشوراء صوموا يوما قبله أو يوما بعده فإن هذا الحديث لم يصح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، بل هو من الأحاديث الضعاف، فالذي ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال إذا كان العام المقبل إن شاء الله لأصومن التاسع، وكان اليهود يصومون عاشوراء باعتبار السنة الشمسية لا باعتبار السنة القمرية ولهذا لم يوفقوا إلى يوم العاشر من شهر محرم لأنهم لا يصومون باعتبار السنة القمرية باعتبار الأهلة والله سبحانه وتعالى جعل الأهلة مواقيت للناس، يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج، فلم يصوموا على الأشهر الأهلة ووفق الله عز وجل نبينا عليه الصلاة والسلام وهذه الأمة إلى الصيام الصحيح باعتبار الأهلة، فكان المسلمون يصومون في يوم العاشر من محرم باعتبار الأشهر الهلالية وهي الأشهر التي بنى الله سبحانه وتعالى عليها الأحكام الشرعية، وبنى عليها الصيام والحج والزكاة، وبنى عليها ربنا سبحانه وتعالى المواقيت كما أخبرنا بذلك ربنا سبحانه وتعالى.


أسأل الله عز وجل أن يغفر لنا ذنوبنا وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، اللهم اهدنا إلى الصراط المستقيم وجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، اللهم احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا من فوقنا، اللهم من أراد ببلادنا سوءا ومكرا وكيدا فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره في تدميره واكف المسلمين شره، اللهم أمنا في أوطاننا، اللهم أمنا في أوطاننا، اللهم أمنا في أوطاننا، اللهم اغفر لموتى المسلمين أجمعين وارحمنا إذا صرلنا إلى ما صاروا إليه إنك أنت الغفور رحيم، اللهم يسر على المعسرين اقضي الدين عن المدينين وعافي مبتلى المسلمين واشف مرضاهم وارحم موتاهم إنك أنت الغفور الرحيم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.


فرغها أبو عبد الله زياد المليكي حفظه الله


جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي