الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /إقامة الحجة على فضل العمل في عشر ذي الحجة
إقامة الحجة على فضل العمل في عشر ذي الحجة 2022-12-29 02:41:30


*خطبة جمعة بعنوان:(إقامة الحجة على فضل العمل في العشر ذي الحجة)*
 
*لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله*
 
*سجلت بتأريخ ٢/ذو الحجة/١٤٤٣ هجرية*
 
*مسجد المغيرة بن شعبة مدينة القاعدة محافظة إب حرسها الله وسائر بلاد المسلمين أجمعين*
 
 
 
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]
أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)}[التوبة:36]
فبين ربنا سبحانه وتعالى أن السنة عبارة عن اثني عشر شهرا، ومن هذه الأشهر أربعة أشهر وهي الأشهر الحرم، فضلت على غيرها من أشهر السنة، أربعة أشهر ثلاثة أشهر متوالية؛ ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وشهر منفرد وهو شهر رجب كما بين ذلك نبي عليه الصلاة والسلام في حديث أبي بكرة في الصحيحين، قال عليه الصلاة والسلام :"الزَّمانُ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَةِ يَومَ خَلَقَ الله السَّمَواتِ والأرْضَ؛ السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثَةٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وذُو الحِجَّةِ، والمُحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ الذي بيْنَ جُمادَى وشَعْبانَ"؛البخاري (4406 )، ومسلم (1679).
ها نحن في هذا الشهر في شهر ذي الحجة وهو ختام السنة، وهو من الأشهر الحرم، شهر عظيم مبارك، جعله رب العالمين سبحانه وتعالى منسكاً من مناسك الخيرات، سمي بشهر ذي الحجة لأن الحج في هذا الشهر، يذهب الحجاج إلى بيت الله الحرام، ويؤدون فريضة الإسلام، يؤدون الحج الذي افترضه الله سبحانه وتعالى عليهم ، قال الله:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)}[آل عمران:97].
وقال الله:{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28)}[الحج:27،28].
وفي هذا الشهر العظيم شهر ذي الحجة فيه المنسك العام لجميع المسلمين في جميع الأرض وهو منسك الأضاحي، منسك الأضحية في يوم العاشر أو تبدأ من اليوم العاشر من شهر ذي الحجة وهو يوم النحر، ثم إلى يومين أو إلى ثلاث أيام بعد يوم النحر على خلاف بين العلماء في ذلك، وهذا الشهر وهو شهر ذي الحجة فيه عشرة أيام من أوله فيها الفضل العظيم، وهي أفضل أيام السنة هي هذه الأيام التي نحن فيها، ونحن في هذا اليوم في ثاني أيام العشر، أيام مباركة، وموسم عظيم من مواسم الخيرات، ومن مواسم الطاعات، ومن مواسم القربات، جاء في البخاري(969) وفي مسند الإمام احمد وفي بعض السنن من حديث عبدالله ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:"ما من أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيَّامِ العشرِ . قالوا : يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ إلَّا رجلًا خرج بنفسِه ومالِه فلم يرجِعْ من ذلك بشيءٍ.
موسم عظيم من مواسم الخير ومن مواسم الطاعة، العمل الصالح في هذه الأيام العشر أفضل من الجهاد في سبيل الله عز وجل، إلا الجهاد الذي استثناه النبي عليه الصلاة والسلام، وهو المجاهد الذي خرج بنفسه وماله فقتل شهيداً في سبيل الله عز وجل، فذهبت نفسه، وذهب ماله من أجل الله عز وجل، فهذا الجهاد على هذه الصفة يعدل العمل في أيام العشر، أو أنه يفضل العمل في أيام العشر، وما سوى ذلك من الأعمال الصالحة فلا تفضل هذه الأيام المباركة، ما من الأيام العمل الصالح فيها خير إلى الله من هذه الأيام، قالوا ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء.
أيام مباركة والبركة في هذه الأيام تشمل حتى الليالي، فإن ربنا سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم:{وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)}[الفجر:1،3].
والمراد بالليالي العشر في قول أكثر أهل العلم هي هذه العشر الأول من ذي الحجة، فأقسم الله سبحانه وتعالى بالليالي، والليالي تطلق ويراد بها مع أيامها والأمر كذلك، فالليالي العشر أي مع أيامها، ليال مع أيامها ،كلها مباركة، فقال سبحانه وتعالى {وليال عشر} فذكر الليالي فهذا مما يدل على أن ليالي العشر أيضا الليالي مباركة، ليالي عظيمة، الأيام مباركة والليالي مباركة، العمل الصالح في الليل أو في النهار عمل عظيم مبارك، فيه ما فيه من الثواب الكبير، ومن الأجر العظيم من رب العالمين سبحانه وتعالى، وقد ذهب جماعة من أهل العلم على أن العشر الأول من ذي الحجة أفضل من العشر الأواخر من رمضان باستثناء ليلة القدر، ومن أهل العلم من فضل ليالي العشر الأواخر من رمضان على ليالي العشر الأول من ذي الحجة وفضل أيام العشر من ذي الحجة على أيام العشر من رمضان، وعلى كل هناك من أهل العلم من يقول أن هذه الأيام المباركة أفضل من العشر الأواخر من رمضان باستثناء ليلة القدر، فإن ليلة القدر قد أخبرنا ربنا سبحانه وتعالى بأنها خير من ألف شهر، وهذا فضل عظيم، لكن هذا مخصوص بليلة القدر، وأما سائر الليالي فذهب بعض العلماء أن هذه الأيام بلياليها أفضل من العشر الأواخر من رمضان إلا ما استثني وهي ليلة القدر، على كل ليلة أيام مباركة، موسم للخير، فيسارع المسارعون في مرضاة الله عز وجل، وليسابق المسابقون في طاعة الله عز وجل، وليكثر العبد من العمل الصالح ما استطاع، من صيام، ومن قراءة للقرآن، ومن ذكر لله عز وجل، ومن صدقة، ومن إحسان إلى المسلمين، ومن بر للوالدين، ومن غير ذلك من أفعال الخير، فهذا موسم عظيم من مواسم الطاعة،{لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}
والأيام المعلومات هي أيام العشر الأول من ذي الحجة، حث الله عز وجل على ذكره، فهي أيام ذكر، ومن جملة الذكر التكبير، وفي حديث ابن عمر، وفي المسند وفي غيره قال عليه الصلاة والسلام:"ما مِن أيَّامٍ أعظَمُ عِندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه مِن العَمَلِ فيهنَّ مِن هذه الأيَّامِ العَشرِ، فأكثِروا فيهنَّ مِن التَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ.
أي في العشر الأول من ذي الحجة فأكثروا فيهن من التهليل وهي قول القائل لا إله الا الله، ومن التكبير قول القائل الله أكبر، ومن التحميد قول القائل الحمد لله، يكثر العبد من ذكر الله عز وجل ما استطاع ومن ذلك التكبير، كان عبد الله ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما كما روى البخاري في صحيحه معلقا يخرجان إلى السوق في العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، فاحرصوا على ذكر الله عز وجل، وعلى غير ذلك من أعمال الخير والعمل الصالح وصيام هذه الأيام التسع صيام مستحب وهو من جملة الأعمال الصالحة الداخل في قول رسول الله عليه الصلاة والسلام ما من الأيام العمل الصالح فيها خير وأحب إلى الله من هذه الأيام، فالصيام من جملة العمل الصالح، وكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال داخل في العمل الصالح، فليستكثر الإنسان من الخير في هذه الأيام المباركة.
هذا وأسأل الله عز وجل أن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم.
 
 
*الخطبة الثانية:*
 
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: اعلموا معشر المسلمين أن من جملة هذه الأيام العشر يوم عرفة، وهو اليوم التاسع منه، وصيام هذا اليوم من أوكد أنواع الصيام، فإن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن صيام يوم عرفة كما في مسلم(1162) من حديث أبي قتادة فقال:"صِيامُ يومِ عَرَفَةَ، إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التي قَبلَهُ، والسنَةَ التي بَعدَهُ.
يكفر الله سبحانه وتعالى بصيامه ذنوب سنتين؛ سنة ماضية وسنة مقبلة، ويوم التاسع وهو يوم عرفة في هذا العام كهذا اليوم وهو يوم الجمعة، فيوم الجمعة هو يوم التاسع، وليس هنالك محذور في كون الإنسان يصوم الجمعة ويفرد الجمعة بالصيام لأجل يوم عرفة، فإن الصائم لا يريد أن يفرد يوم الجمعة، ولم يصم ذلك اليوم من أجل أنه يوم الجمعة، وإنما من أجل أنه يوم عرفة، فصيام يوم عرفة مستحب في أي وقت كان سواء جاء في يوم جمعة، أو في يوم سبت، أو في يوم الأحد، أو الإثنين، أو الثلاثاء، أو الأربعاء، أو الخميس، في أي يوم من أيام الاسبوع، فيصوم الإنسان ذلك اليوم قربة لله عز وجل، وفي اليوم العاشر من هذه العشر هو يوم النحر وهو يوم الحج الأكبر، وفي ذلك اليوم ينحر المسلمون الأضاحي، ويتقربون إلى الله سبحانه وتعالى بالنسك، قال الله {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}[الحج:34].
فهو منسك جعله الله سبحانه وتعالى للمسلمين في أطراف الأرض، ويبتدأ من اليوم العاشر من يوم النحر، وأما الذبح قبل ذلك فإنه من الأمور المحدثة، لم يكن ذلك من هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام، فليس هنالك ذبح في يوم عرفة، بل هو من محدثات الأمور، وليس هنالك ذبح في يوم التروية يوم الثامن من ذي الحجة فإن ذلك من محدثات الأمور، وإنما الذبح الذي جعله رب العالمين سبحانه وتعالى منسكا للناس هو يوم النحر وأيام التشريق، وأيام التشريق إما جميع أيام التشريق على قول بعض العلماء، أو اليوم الحادي عشر والثاني عشر من أيام التشريق، فهذه العبادة لا تكن إلا في وقتها الذي بينه لنا رب العالمين سبحانه وتعالى، وبلغه لنا رسول الله عليه الصلاة والسلام، واعلموا معشر المسلمين أن من أراد أن يضحي ودخلت عليه العشر فلا يأخذ شيئاً من شعره ولا من أظفاره، لما رواه الإمام مسلم(1977) من حديث أم سلمة رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا دخَل العَشرُ الأوَلُ فأراد أحدُكم أن يُضَحِّيَ فلا يَمَسَّ من شعَرِه ولا من بشَرِه شيئًا.
وهذا يمتد إلى أن يذبح الشخص أضحيته، لقوله عليه الصلاة والسلام فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي، فيمتد النهي إلى أن يضحي الإنسان أضحيته، فإذا أردت أن تضحي فأمسك عن شعرك وعن أظفاره، والذي يمسك عن شعره وعن اظفاره هو مالك الأضحية، الذي اشتراها أو تملكها، وليس المراد من قام بذبحها، وإنما مالك الأضحية التي الأضحية له، فمن أشترى أضحية مثلا ووكل غيره بالذبح فهو الذي يمسك عن شعره وأظفاره لا الذي يذبح، الذي يذبح إذا لم تكن له أضحية فلا يجب عليه أن يمسك عن شعره وأظفاره، وصاحب الأضحية سواء ذبح هو أو وكل غيره بالذبح فالواجب عليه أن يمسك عن شعره وعن أظفاره حتى يضحي، كما أمرنا بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، ومن أشترى أضحية فعليه أن يراعي فيها ما يجب، لا بد أن تراعي ما يجب في أضحيتك، فلابد من مراعاة السن الشرعي، فلابد أن تكون مسنة إذا كانت من البقر أو من الإبل أو من المعز، وإذا كانت من من الضأن وهي الكباش فيجزئ الجذع، والجذع علامته أن تنوم الصوف على ظهره، فإذا نامت الصوف على ظهره فقد أجذع، والمراد بالجذع من تساقطت أسنان اللبن، فمن تساقط أسنان لبنه فقد أجذع، والعلامة الظاهرة أن تنام الصوفة على ظهره، وأما السن فاختلف العلماء في سن الجذع من الضأن، منهم من قال ستة أشهر، ومنهم من قال أكثر من ذلك،  وأكثر ما قيل ما بلغ سنة، وأما الماعز فلابد أن تستكمل سنة وأن تشرع في الثانية، والبقر لابد أن تستكمل سنتين وأن تشرع في الثالثة، والإبل لابد أن تستكمل خمس سنين وتشرع في السادسة، فلا بد من مراعاة السن الشرعي، لا بد أن تكون مسنة إذا كانت من الإبل أو البقر أو من المعز، وأما الضأن وهي الكباش فيجزئ ما دون ذلك على ما سبقه بيانه، والمسنة المراد بذلك البهيمة التي سقطت ثناياها، البهيمة التي سقطت ثناياها، ولابد من التحري في هذا الباب لأن هنالك ممن لا يتقي ربه سبحانه وتعالى يزيل الثنايا قبل أن تسقط بنفسها حتى يقول أنها مسنة ويشتريها الناس، فلابد أن يتحرى الإنسان في أضحيته، يتحرى في هذه العبادة، فإنما دون السن الشرعي لا يجزئ، لابد أن تبلغ السن الشرعي المعتبر، وإلا فإنها لحم ولا تعتبر أضحية، وهكذا لا بد أن يتقي العبد  العيوب التي بينها النبي عليه الصلاة والسلام، وما هو أشد منها، وما كان مثلها، وفي حديث البراء قال عليه الصلاة والسلام:"أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحيِّ فقالَ العوراءُ بيِّنٌ عورُها والمريضةُ بيِّنٌ مرضُها والعرجاءُ بيِّنٌ ظلعُها والكسيرُ الَّتي لا تَنقى أي الهزيلة التي لا تنقي أي لا مخ في عظامها"؛ أخرجه أبو داود(2802)
فإذا كان في هذه الصفات أو اش٦د منها فتتقى، وإذا لم توجد فيها هذه العيوب أو وجد فيها ما هو دون ذلك فالأحسن السلامة منه، وكلما كانت البهيمة أسلم كانت أكمل وأفضل، وأيضا لابد من مراعاة الاشتراك فيما يجوز الإشتراك فيه، فإن الإشتراك لا يكون إلا في الإبل وفي البقر، ويكون عن سبعه، عن سبعة الإبل أو في البقر
بمعنى أن الشخص لا ينقص عن السبع،  ومن نقص نصيبه عن السبع فإنه لا يجزئه، ومن زاد نصيبه عن السبع فإنه مجزئ من باب أولى، الزيادة مجزئة وأما النقصان فإنه لا يجزئ، لابد من سبع، إذا أراد أن يشترك في بدنه أو في إبل أو في بقر لا ينقص عن السبع، فإن نقص فإنه لا يجزئه، وإن زاد عن ذلك فإنه يجزئه، والإشتراك في السبع يكون في حال كون البهيمة حية، لا يأتي إلى جزار قد ذبح البهيمة ويشتري منه سبعا فإن ذلك لا يجزئ، وإنما المجزئ أن يشترك في سبع قبل ذبح الأضحية، قبل أن تذبح البهيمة، وأما الشاة فإنما تجزئ عن الرجل وعن أهل بيته لا تجزئ عن رجلين، ولا تجزئ عن أهل بيتين، وإنما تجزئ عن الرجل وعن أهل بيته.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، اللهم وفقنا للعمل الصالح في هذه الأيام المباركة، وأعنا على ذلك، واجعل أعمالنا متقبلة لديك يا رب العالمين، اللهم اغفر لموتى المسلمين أجمعين، اللهم اغفر لموتى المسلمين أجمعين، وارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وارحمنا واهدنا واهد بنا واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، ربنا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.



جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي