الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /الابتعاد عن تهنئة الكفار بالأعياد
الابتعاد عن تهنئة الكفار بالأعياد 2022-12-29 02:47:16


*خطبة جمعة بعنوان:(الابتعاد عن تهنئة الكفار بالأعياد)* *لشيخنا المبارك: أبي بكر بن عبده بن عبدالله الحمادي حفظه الله* *سجلت بتأريخ ٤/ جمادى الآخرة /١٤٤٣ هجرية* *مسجد المغيرة بن شعبة مدينة القاعدة محافظة إب حرسها الله وسائر بلاد المسلمين* إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71] أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" والكلمة الطيبة صدقة"؛أخرجه البخاري (2989)، ومسلم (1009) مطولاً. وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام:":لا تحقِرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْقٍ؛ رواه مسلم(2626). فالكلمة الطيبة صدقة كما أخبرنا بذلك النبي عليه الصلاة والسلام، والفعل الحسن حسن، إذا لقيت أخاك المسلم بوجه طلق فهذا من المعروف، كما أخبرنا بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، وقد دعا الإسلام إلى التآلف في أوساط المسلمين، وأن يكون المسلم مع أخيه المسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا،كما جاء في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه،عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا. وشَبَّكَ أصَابِعَهُ"؛البخاري (6026)، ومسلم (2585). وفي حديث النعمان بن بشير عند مسلم، قال عليه الصلاة والسلام:"مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم ، وتَرَاحُمِهِم ، وتعاطُفِهِمْ . مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والحمى".أخرجه البخاري (6011)، ومسلم (2586) واللفظ له فالمسلم مع المسلم كالجسد الواحد، والجسد الواحد إذا تألم عضو منه تألم سائر الجسد، ونال سائر الجسد الحمى والسهر، فالمسلم يتألم مما يتألم منه أخوه المسلم، ويفرح بفرحه ويسر بسروره، ومن هذا القبيل ما جاء في تهنئة المسلم لأخيه المسلم بأنواع الخيرات والمسرات، فإن المسلم إذا هنأ أخاه المسلم بأنواع المسرات والأفراح يدل على أنه مع أخيه كالجسد الواحد يفرح بفرحه، كما أنه في المقابل يحزن لحزنه، فإذا حصل للمسلم نوع من أنواع المسرات فإنه يهنئه بتلك المسرة، ويخبر أنه مسرور بسروره، وليس في قلبه شيء من الغل والحسد عليه، بسبب تلك النعمة، من أجل هذا شرعت التهاني، وفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفعلها الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين، ولما نزل قوله سبحانه وتعالى:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا (1) لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}[سورة الفتح:2،1]. هنأ الصحابة رضي الله عنهم أجمعين رسول الله عليه الصلاة والسلام،كما جاء في البخاري(4172)من حديث أنس فقالوا له رضي الله عنهم :"هنيئاً مريئاً"، هنأوا رسول الله عليه الصلاة والسلام في هذه النعمة، ولما حصل لكعب بن مالك ولصاحبهما ما حصل من الهجر من رسول الله عليه الصلاة والسلام، من الصحابة أجمعين، بسبب تخلفهم عن غزوة تبوك، ثم بعد ذلك ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وتاب الله سبحانه وتعالى عليهم، وتابوا إلى ربهم سبحانه وتعالى، فأنزل الله سبحانه وتعالى توبتهم، وتاب الله سبحانه وتعالى عليهم، فكان الناس يلقون كعب بن مالك ويهنئونه فوجا فوجا، ويقولون له ليهنك توبة الله عليك، ليهنك توبة الله عليك، كما جاء في الصحيحين من حديثه رضي الله عنه، فلما اتجه وصل إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، ظهر السرور البالغ في وجه رسول الله عليه الصلاة والسلام وقال له: أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك امك. فهنأه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبشره، فالبشرى والتهنئة بالنعم والمسرات من سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن دين الله، لأن فيها ما سبق، فيها إظهار أن المسلم مع أخيه المسلم كالجسد الواحد، يفرح بفرحه ويحزن بحزنه، في مسلم(810)من حديث أبي المنذر أبي بن كعب رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أبا المُنْذِرِ، أتَدْرِي أيُّ آيَةٍ مِن كِتابِ اللهِ معكَ أعْظَمُ؟ قالَ: قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ. قالَ: يا أبا المُنْذِرِ أتَدْرِي أيُّ آيَةٍ مِن كِتابِ اللهِ معكَ أعْظَمُ؟ قالَ: قُلتُ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]. قالَ: فَضَرَبَ في صَدْرِي، وقالَ: واللَّهِ لِيَهْنِكَ العِلْمُ أبا المُنْذِرِ. هنأه بنعمة من نعم الله سبحانه وتعالى عليه، وهي نعمة العلم، ليهنك العلم أبا المنذر، وهي نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى العظيمة،قال الله:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[سورة الزمور:9]. وقال الله:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)}[سورة المجادلة:11]. وكان من هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام التهنئة بالنكاح بهذه النعمة التي تحصل لبعض الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين، فجاء في المسند، عند أبي داوود، وعند الترمذي، وعند ابن ماجة، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:"أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ إذا رفَّأَ الإنسانَ إذا تزوَّجَ قالَ باركَ اللَّهُ لكَ وباركَ عليكَ وجمعَ بينكما في خيرٍ. كان إذا هنأ ودعا لمن حصلت له هذه النعمة تكلم معه بهذا الكلام الحسن الطيب، بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما على خير، وهكذا النبي عليه الصلاة والسلام كان يهنأ حتى من لبس ثوبا جديدا، من الكبار، أو من الصغار، جاء في البخاري(5993) من حديث أم خالد أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنها قالت:"أَتَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع أبِي وعَلَيَّ قَمِيصٌ أصْفَرُ، قَالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: سَنَهْ سَنَهْ -قَالَ عبدُ اللَّهِ: وهي بالحَبَشِيَّةِ: حَسَنَةٌ- قَالَتْ: فَذَهَبْتُ ألْعَبُ بخَاتَمِ النُّبُوَّةِ، فَزَبَرَنِي أبِي، قَالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: دَعْهَا. ثُمَّ قَالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أبْلِي وأَخْلِفي، ثُمَّ أبْلِي وأَخْلِقِي، ثُمَّ أبْلِي وأَخْلِفي. قَالَ عبدُ اللَّهِ: فَبَقِيَتْ حتَّى ذَكَرَ، يَعْنِي مِن بَقَائِهَا. أبلي وأخلفي، أي البسي هذا الثوب حتى يبلى، ويخلفه الله سبحانه وتعالى غيره، يخلفك الله سبحانه وتعالى ثوبا جديدا غيره، فهنأها مع صغرها بهذا الكلام الحسن الجميل،أبْلِي وأَخْلِفي، ثُمَّ أبْلِي وأَخْلِفي، ثُمَّ أبْلِي وأَخْلِفي، وهكذا كان الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، يسيرون على هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام، وتحصل بينهما التهنئة بأمور متعددة، كالتهنئة بأيام الأعياد؛ بأعياد المسلمين، بعيد الفطر، وبعيد الأضحى، وكان رضي الله عنهم أجمعين يهنأ بعضهم بعضا، ويقولون في أيام عيدهم: تقبل الله منا ومنك، يخاطب بعضهم بعضا بذلك، تقبل الله منا ومنك، وجاء في مصنف ابن أبي شيبة، عن مسلم بن يسار قال:" أن أحدهم كان إذا برئ من مرضه قيل له ليهنك الطهور، كان أحدهم إذا برئ من مرضه أي عوفي من مرضه قيل له ليهنك الطهور، أي من رب العالمين سبحانه وتعالى، فإن المرض جعله الله سبحانه وتعالى طهورا، ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا زار وعاد مريضا قال له : لا بأس طهور إن شاء الله، يقولون له ليهنك الطهور يهنئونه، فالتهنئة بأنواع المسرات من هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن هدي رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، وفيها ما فيها من إدخال السرور في قلب المسلم، لما فيها من الكلام الطيب، ولما فيها من الدعاء الحسن، وفيها ما يشعر أن المسلم مع المسلم كالجسد الواحد، يفرح بفرحه كما أنه يحزن بحزنه، فالمسلم مع المسلم، المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا، مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. اسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين. واستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم. *الخطبة الثانية:* الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: اعلموا معاشر المسلمين أن التهاني في أوساط المسلمين من الأعمال الصالحة، وفي المقابل فإن تهنئة المسلم لعدوه من الأعمال القبيحة المستنكرة، أن يهنأ المسلم عدوه من الكافرين؛ من اليهود، ومن النصارى، أو من المجوس، أو من غيرهم، بشيء من أعيادهم، فإن هذا من الأمور المنكرة، ومن الأمور القبيحة المستكرهة، ومن الذنوب العظيمة، فإن المسلم متعبد لربه سبحانه وتعالى، بإظهار العداوة والبغضاء لعدو ربه ولعدوه من أنواع الكافرين، يقول سبحانه وتعالى:{وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120)}[سورة التوبة:120] فإغاظة أعداء الله عز وجل من العمل الصالح، الذي اخبرنا به رب سبحانه وتعالى وحثنا عليه،قال الله:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}[سورة التوبة:73]. وقال الله :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً}[سورة التوبة:123]. فالإغلاظ على الكافرين واغاظة الكافرين عمل صالح يحبه رب العالمين سبحانه وتعالى، قال الله :{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}[سورة الممتحنة:4] هذا هو الواجب تجاه المسلم مع عدوه من الكافرين؛ من اليهودي، أو من النصارى، أو من المجوس، أو من غيرهم من أنواع الكافرين، إظهار البراءة منهم ومما يعبدون من دون الله، وإظهار العداوة لهم، والسعي في بغضهم، والنفرة منهم، فهذا مما أمر الله به، ومما جاءت به شريعة الإسلام، مما أمر به رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكان من هدي رسول الله عليه الصلاة، أما تهنئة الكفار بأعيادهم كرأس السنة، كما حصل في الأيام القريبة من بعض الجاهلين من تهنئة الكافرين بأعيادهم، فإن هذا من المنكر العظيم، ومن الذنب الكبير الموبق المهلك، وقد ذكر العلامة ابن القيم رحمة الله عليه في كتابه "أحكام أهل الذمة" أنه لا يشرع تهنئة الكافرين بشيء من أعيادهم، وأن ذلك بمثابة أن يهنئهم بسجودهم للصليب، وأن من فعل ذلك إن سلم من الكفر فهو حرام، يخشى على صاحبه أن يكفر بالله عز وجل، بسبب تهنئته الكافرين ببعض أعيادهم،وأن من هنأهم إن سلم من الكفر فما فعله فهو حرام، وهو أشد من تهنئتهم بشرب الخمر، وأشد من تهنئتهم بالقتل، وأشد من تهنئتهم بارتكاب الفرج الحرام. هكذا يقول رحمة الله عليه. أن تهنئة الكافرين بأعيادهم أشد من تهنئتهم بشربهم للخمور، وأشد من تهنئتهم بقتلهم وقتالهم، وسفكهم من للدماء المحرمة، وأشد من تهنئتهم بارتكابهم للفواحش للفروج المحرمة، وذلك أن أعياد الكافرين هي أخص شرائع دينهم، وأعظم شرائع دينهم، فأخص شرائع الكفر هي الأعياد؛ أعياد الكافرين، من أخص شرائع كفرهم، فكيف تهنأ أعداء الله بأخص شرائع الكفر، أعيادهم إظهار للسرور بما هم فيه من الكفر، بما هم فيه من عبادة غير الله،بما هم فيه من الشرك بالله سبحانه وتعالى، فهي أعياد دينية عندهم، يظهرون الفرح والسرور بما هم فيه من الباطل، كما أن المسلمين في أعيادهم يظهرون الفرح والسرور لدين الله، وبنعمة الله عليهم، فإذا ما جاهم عيد الفطر فإن هم يظهرون الفرح والسرور، بهذه النعمة، بإكمال العدة بصيام شهر رمضان، وإذا ما جاء عيد الأضحى فانهم يظهرون الفرح والسرور بدين الإسلام، بنعمة الحج، وبنعمة الأضاحي، وبنعمة الهدي التي من الله سبحانه وتعالى بها عليهم، فالأعياد من أخص شرائع الدين، وأعياد الكافرين من أخص شرائع دينهم، فالذي يهنأ الكافرين بشيء من أعيادهم كأنه يقول لهم ليهنكم عبادتكم للصليب، ليهنكم أنكم تقولون أن الله عز وجل ثالث ثلاثة، لهينكم أنكم تقولون أن المسيح هو ابن الله، ليهنكم أنكم تقولون أن المسيح هو الله، تهنئة لهم بأصول كفرهم، وأصول شركهم، هذا حقيقة التهنئة للكافرين بأعيادهم، فإنه تهنئة لهم بما هم فيه من الكفر العظيم، وما هم فيه من الشرك العظيم، من المنكر الكبير، فلهذا كان هذا الأمر من أعظم المنكرات، ومن أشد الآثام، ومن أشد السيئات، فالواجب على العبد أن يبتعد عن ذلك غاية البعد، وأن ينزه لسانه من أن يهنأ كافرا بشيء من أعيادهم، فإن هذا من المنكرات العظيمة، ومن الذنوب الكبيرة، إن سلم صاحبه من الكفر والعياذ بالله كما يقول ذلك العلامة ابن القيم رحمة الله عليه، لأن كثير من الناس لا يعرفون حقيقة الأمر، وما مؤدى هذه التهنئة، فإن من عرف أن مؤدى هذه التهنئة هو ما ذكر فإنه وقع في كفر عظيم، إن علم ذلك، إن علم أن مؤدى هذه التهنئة ما ذكر من تهنئتهم بشركهم، وبكفرهم، وبما هم فيه من الدين الباطل، فإن هذا كفر عظيم، غير أن كثيرا من الناس يجهلون هذا الأمر، ويفعلون ذلك عن جهل، فالواجب هو الابتعاد والتنزه عن هذا الأمر، لا تهنأ كافرا بعيد من أعيادهم، ولا تهنأ مسلما بعيد من أعياد الكافرين، كما يفعل ذلك كثير من جهل الناس يهنأ بعضهم بعضا ببعض أعياد الكافرين، فإن هذا لا يجوز، هنأ أخاك المسلم بعيد الإسلام، بأعياد المسلمين، بعيد الفطر، وبعيد الأضحى، العيدان الذان شرعهما لنا رب العالمين سبحانه وتعالى، هذا هو الواجب، وتهنئة الكفار بأعيادهم في في إظهار السرور بما هم فيه من الباطل، واظهار الفرح بما هم فيه من الباطل، هذا من أعظم المنكرات، ربنا سبحانه وتعالى ذم من يظهر الفرح والسرور بمعصيته، فقال سبحانه وتعالى :{إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71)فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72)ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ (73)مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَل لَّمْ نَكُن نَّدْعُو مِن قَبْلُ شَيْئًا ۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (74)ذَٰلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ (75)}[سورة غافر:71،75]. فذمهم الله سبحانه وتعالى بفرحهم بالباطل، وأنهم كانوا يفرحون بغير الحق، وقال الله:{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)}[سورة آل عمران:188]. وقال الله :{فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ}[سورة التوبة:81]. لا يكون الفرح بمعصية الله، لا يكون السرور بمعصية الله عز وجل، كيف تظهر الفرح والسرور بشيء هو من أمور الكافرين، مما يبغضه رب العالمين سبحانه وتعالى ويمقته ويمقت أهله ويمقت من رضي بذلك ومن أحب ذلك ومن أظهر السرور بذلك، فالواجب على العبد أن يبتعد عن هذه الأمور المنكرة الخطيرة، فلا يهنأ كافرا بشئ من أعيادهم، ولا يهنأ مسلما بعيد من أعياد الكافرين٠ اسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، اللهم الطف بالبلاد والعباد، اللهم أمنا في أوطاننا، اللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر لموتى المسلمين أجمعين، ربنا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.


جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي