الرئيسية / الخطب والمحاضرات/ الخطب /الأدلة البينات على حرمة أذية الأموات
الأدلة البينات على حرمة أذية الأموات 2022-12-29 03:15:57


*خطبة جمعة بعنوان:(الأدلة البينات على حرمة أذية الأموات)*
 
*لشيخنا المبارك: أبي بكر بن عبده بن عبدالله الحمادي حفظه الله*
 
*سجلت بتأريخ ٦/ جماد أول/ ١٤٤٣ هجرية*
 
*مسجد المغيرة بن شعبة مدينة القاعدة محافظة إب حرسها الله وسائر بلاد المسلمين*
 
 
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70-71]
أما بعد:فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
روى الترمذي في سننه(2032)من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال:"صعد رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المنبر فنادَى بصوتٍ رفيعٍ فقال يا معشرَ من أسلمَ بلسانهِ ولم يُفضِ الإيمانُ إلى قلبهِ ، لا تُؤذُوا المسلمينَ ولا تُعيّروهُم ولا تَتّبعوا عثراتهِم ، فإنه من يتبِعْ عورةَ أخيهِ المسلمِ تتبعَ اللهُ عورتَهُ ، ومن يتبعِ اللهُ عورتهُ يفضحْه ولو في جوفِ رحلهِ.
فنهى نبينا عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث عن أذية المسلمين؛ نهى عن ذلك وصعد على المنبر عليه الصلاة والسلام ونادى بصوت رفيع وحذر من هذا الأمر وربنا سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم:{وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَٰتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَٰنًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}[سورة الأحزاب :58]
واعلموا معشر المسلمين أن الأذية محرمة في دين الله عز وجل ويدخل في ذلك أذية الأحياء أو أذية الأموات، وكثير من الناس يجهل أنه لا يجوز أذية الأموات، أنه لا يجوز أذية الاحياء، وبعض الناس يظن أن الميت إذا مات فإنه لا يصل إليه أي نوع من أنواع الأذى من جهة الأحياء، ولا يشعر بشيء من أذاهم من جهة الأحياء، وهذا النفي على العموم ليس بصحيح، فإن هنالك أذية يتأذى بها الميت ويشعر بها الميت مما يفعله الأحياء، والميت وإن مات وخرجت روحه وانتقل إلى الدار الآخرة لكنه قد يشعر ببعض الأمور على حسب ما دلت عليه الأدلة، التي صحت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من غير توسع في هذا الباب، وإنما على حسب ما دلت عليه الأدلة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإن الميت يشعر بالناس اذا ما حملوا جنازته، واتجهوا به إلى قبره، ولهذا جاء في البخاري(1380)من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذَا وُضِعَتِ الجِنَازَةُ، فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ علَى أعْنَاقِهِمْ، فإنْ كَانَتْ صَالِحَةً قالَتْ: قَدِّمُونِي، قَدِّمُونِي، وإنْ كَانَتْ غيرَ صَالِحَةٍ قالَتْ: يا ويْلَهَا، أيْنَ يَذْهَبُونَ بهَا؟ يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شيءٍ إلَّا الإنْسَانَ، ولو سَمِعَهَا الإنْسَانُ لَصَعِقَ.
فهي تشعر، الميت يشعر بحمل الناس إليه وأنهم يحملونه، ويتجهون به إلى المقبرة، فإن كانت صالحة فإنها تقول:" قدموني قدموني"بصوت لا يسمعه الناس، قدموني قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت" يا ويلها أين يذهبون بها، وهكذا إذا وضع الميت في قبره وانصرف عنه أصحابه فإنه يشعر بانصرافهم عنه، ويسمع قرع نعالهم، كما جاء ذلك في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه،عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:"العَبْدُ إذَا وُضِعَ الميت في قَبْرِهِ، وتُوُلِّيَ وذَهَبَ أصْحَابُهُ حتَّى إنَّه لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ"،أخرجه البخاري (1338)، ومسلم (2870) بنحوه.
فالميت قد يحصل له شعور في بعض الأوقات كما دلت عليه الأدلة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولهذا لا يجوز أن يـُؤذى الميت كما أنه لا يجوز أن يُؤذى الحي، الأذية محرمة في حق الأموات وفي حق الأحياء، جاء في مصنف ابن أبي شيبة عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال:" أذية المؤمن في موته كأذيته في حياته.
وهذا مما يدل على أنه لا يجوز أن يؤذى المؤمن في حياته، ولا يجوز أن يؤذى في موته، كما أن المؤمن لا يجوز أذية  في حياته ،لا يجوز أذيته  في موته، قال أذية المؤمن في موته كأذية في حياته، فكما أنه لا يجوز أن يؤذى المؤمن في حياته كذلك لا يجوز أن يؤذى المؤمن بعد موته، كل ذلك محرم في دين الله سبحانه وتعالى، وقد نهانا النبي عليه الصلاة والسلام عن أنواع من الأذية التي يتأذى بها الموتى وإن كانوا من أهل القبور، فإنهم يتأذون بتلك الأمور التي بينها رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأوضحها رسول الله عليه الصلاة والسلام، من ذلك الإتكاء على القبور، فإن القبور هي ديار الموتى،  هي بيوت الموتى، هي منازل الموتى، فالإتكاء على القبور من أسباب أذيتهم، فهم يتأذون بذلك يشعرون بذلك ويتأذون بهذا الفعل الذي يفعله من يفعله من جهال الناس، وقد روى الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح(39/475)،عن عمرو بن حزم رضي الله عنه قال :رآني رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنا مُتَّكئٌ على قَبرٍ، فقال: لا تُؤذِ صاحِبَ القبرِ.
فهو يتأذى بهذا الفعل وهو الإتكاء على قبره، وأشد من ذلك الجلوس على قبره أشد من الإتكاء، فإذا كانت الأذية تحصل بالإتكاء فالأذية تحصل بالجلوس من باب أولى فيتأذى الميت بهذا الفعل، جاء في مسلم(972)
 حديث أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"تَجْلِسُوا علَى القُبُورِ، ولا تُصَلُّوا إلَيْها.
 لا تجلسوا على القبور: فهذا الفعل مما يتأذى به الموتى، وإن كانوا في جوف الأرض فإنهم يتأذون من هذا الفعل،  ولا يجوز أذية الحي ولا أذيه الميت، بل بالغ النبي عليه الصلاة والسلام في النهي عن ذلك فروى الإمام مسلم في صحيحه(971) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:"لَأَنْ يَجْلِسَ أحدُكم على جَمْرَةٍ فتَحْرِقَ ثيابَه، فتَخْلُصَ إلى جِلْدِه؛ خيرٌ له من أن يَجْلِسَ على قَبرٍ.
هذا كما عرفنا فيه أذية للموتى، وأذية الميت كأذية الحي، كما أخبرنا بذلك عبدالله مسعود رضي الله عنه، أذية المؤمن في موته كأذية المؤمن في في حياته، وهكذا من أنواع الأذية للموتى التي نهى عنها النبي عليه الصلاة والسلام يمشي الماشي بين القبور وهو منتعل، يمر بنعليه على رؤوس الموتى وهم في قبورهم وهذا مما تحصل به الأذية، فهم يتأذون من ذلك، جاء في مسند الإمام أحمد(20806)،وعند أبي داوود
(3230)
، وعند النسائي(2048)، وعند ابن ماجة(1568)،من حديث بشير بن الخصاصية رضي الله عنه قال :"كنتُ أمشي مع رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فمَرَّ على قبورِ المسلمينَ، فقال: لقَدْ سَبَقَ هؤلاءِ شَرًّا كثيرًا، ثم مَرَّ على قبورِ المشركينَ، فقال: لقد سَبَقَ هؤلاءِ خيرًا كثيرًا، فحانت منه التفاتَةٌ، فرأى رجلًا يمشي بين القُبورِ في نَعْلَيهِ، فقال: يا صاحِبَ السِّبتيَّتينِ أَلْقِهِما.
يا صاحب السبتيتين، وكان قد لبس نعلين فيه ما قد قطع شعرهما، والسبت هو القطع، نعلان من جلد لكن قد أنزل ما فيهما من الشعر،فقال النبي عليه الصلاة والسلام يا صاحب السبتيتين ويحك القي سبتيتيك،
فسمع الرجل ذلك من رسول الله عليه الصلاة والسلام، فألقى سبتيتيه، فهذا أيضا من الأذية التي نهى عنها النبي عليه الصلاة والسلام، إلا إذا كان هنالك ضرر على الحي إذا كان يتضرر بخلع نعليه بين القبور كأن يكون الجو قد اشتد حره فيتألم إذا مشى حافيا، أو تكون المقبرة قد كثر شوكها، أو فيها زجاج منتشر أو غير ذلك من أنواع الأذى الذي يتأذى به الحي فله أن يدفع الأذى عن نفسه بلبس نعليه،  وإذا لم يكن هنالك أذىً عليه فلا يؤذي الموتى بهذا الفعل، يا صاحب السبتيتين ويحك القي سبتيتيك، هكذا يقول له نبينا عليه الصلاة والسلام، وهكذا أيضا من الأذية الممنوعة قضاء الحاجة في المقابر،
وهذا يفعله بعض جهال الناس، يقضي حاجته بين القبور، ولا يحترم منازل الموتى، ولا يحترم الموتى، ولا يحترم ديارهم، وهذا الفعل من جملة الأذية التي يُنهى عنها، ويُزجر عنها، جاء عند ابن ماجة من حديث عقبة بن عامر مرفوعا إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وجاء موقوفا عند ابن أبي شيبة وعند غيره والموقف أصح، وفي المرفوع قال عليه الصلاة والسلام:"وما أُبالِي أوسَطَ القبرِ قَضَيتُ حاجَتِي أمْ وسَطَ السُّوقِ.صحيح الجامع(5038)
أي الكل مستو، الكل منكر، الكل من الأمور المنكرة، فالذي يقضي حاجته في وسط القبور كالذي يقضي حاجته في وسط السوق، فكما أنه لا يشرع ولا يجوز للشخص أن يقضي حاجته في وسط السوق، فهكذا لا يجوز ولا يشرع للشخص أن يقضي حاجته في أوساط القبور. فإن الأمر مستوي كما في هذا الحديث، "وما أُبالِي أوسَطَ القبرِ قَضَيتُ حاجَتِي أمْ وسَطَ السُّوقِ.
إن الأمر مستوي هنا منكر وهنا منكر، هنا لا يشرع وهنا لا يشرع، لا يجوز للعبد أن يؤذي حيا ولا ميتا، هذا واستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم.
 
 
*الخطبة الثانية:*
 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: قد عرفنا فيما مضى أن نبينا عليه الصلاة والسلام نهى عن بعض أذية الموتى، فنهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الإتكاء على القبور، ونهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الجلوس على القبور لما في ذلك من أذية الموتى، فكيف إذا جعلت المقابر طرقا للسيارات كما هو موجود في كثير من الأماكن، ولا سيما القرى، كل شخص يبخل بأرضه ولا يجعل طريقا من جهة أرضه، وإذا بالطرق إلى تتجه المقابر، وتمشي السيارات، يمشي الناس على القبور، وتمشي السيارات على القبور، وكل هذا من الأذية التي لا تجوز، إذا كان النبي عليه الصلاة وسلم نهى عما هو أقل من هذا على الإتكاء أو الجلوس، فكيف بمرور السيارات وجعل المقابر طرقا للسيارات ولغيرها، فإن هذا من المنكرات التي يجب إنكارها، وأعظم من هذا وشبيه بهذا وأعظم ما يفعل بعض الناس من التسلط والتعدي والبغي على ديار الموتى بأن يبني له دارا فوق ديار الموتى، وفي هذا ما فيه من البغي، وفي هذا ما فيه من الظلم، وفيه ما فيه من التعدي على ديار الموتى، وكل هذا من الذنوب الكبيرة، ومن الآثام المهلكة الموبقة، وهي أذية عظيمة، هذا الشخص سوف يلقي ربه، وسوف يكون من أهل القبور في يوم من الأيام طال عمره أو قصر، فإن كان معظما للقبور محترما لها فيرجى أن يعامل بالمثل، وإن كان على خلاف ذلك فيخشى عليه أن يعاقب بالمثل، فإن من سنة الله عز وجل في خلقه أنه يجازي المسيء  بمثل اساءته، والباغي بمثل بغيه، والظالم بمثل ظلمه، فكل هذا مما لا يجوز ظلمه ومن البغي ومن الأذية للموتى، ومن هذا الباب من أذية الموتى التي نهى عنها النبي عليه الصلاة والسلام، كسر عظم الميت، فقد جاء في حديث عائشة رضي الله الذي رواه الإمام أحمد في مسنده(24739)، وأبو داوود في سننه(3207)، وابن ماجه في سننه(1616)، وغيرهم، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:"كَسْرُ عظمِ الميِّتِ كَكسرِه حيًّا.
هما سيان، كسرت عظم الحي أو كسرت عظم ميت هما سيان، كما بين ذلك النبي عليه الصلاة والسلام، كسر عظم الميت ككسره حيا، فلا يجوز عليك أن تؤذي الموتى بهذا الفعل، الميت لا يكسر عظمه، الميت لا يشق جلده، الميت لا يؤخذ شيء من أعضائه، كما أنه لا يبعث به في حياته فلا يفعل به في موته، وكلها من الأذية التي نهى عنها نبينا عليه الصلاة والسلام، إن العلماء في كتب الفقه حين تكلموا على تغسيل الميت وعلى تكفينه وعلى حمله فإنهم يبالغون في قضية الرفق، الرفق بالميت في تغسيله، والرفق بالميت في تكفينه، والرفق بالميت في حمله، فلا يقال هو ميت يفعل به ما يفعل من التعدي ومن الشدة، فإن هذا لا يشرع، فأذية الميت كأذية الحي، وكسر عظم الميت كما أخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام ككسر عظم الحي، وكل هذا لا يجوز، وكل هذا من الأذية التي نهى عنها نبينا عليه الصلاة والسلام، ومن هذا الباب ما جاء في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومن حديث ابنه عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن الميت يُعَذَّب ببعض بكاء أهله عليه"،رواه البخاري (1286)، ومسلم (927).
يعذب أي يتألم، وهذا يدل على أنه يشعر بذلك، إذا بكى أهله عليه بعد موته، أو زاروا قبر وبكوا عليه فإنه يعذب بذلك،  بمعنى يتألم مما يسمعه من بكائهم عليه، فهذا هو المعنى الصحيح بمعنى يعذب، وليس المراد بذلك العقوبة، وإنما المراد بذلك التألم كما حفظ ذلك شيخ الإسلام بن تيمية رحمة الله عليه، كقوله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين من حديث أبي هريرة:"السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ"،
أخرجه البخاري (1804 )، ومسلم (1927)، ليس المراد بذلك العقوبة، وإنما المراد بذلك التألم، فإن المسافر يجد ما يجد من الآلم من الآم الغربة، من الآم السفر،  من مشقته وأتعابه، فهكذا الميت إذا بكى عليه أهله فإنه يعذب بذلك أي يتألم، وكل هذا من أذية الموتى، إذا لا تؤذي حيا ولا ميتا، وإنما نبهنا على أمر الموتى لأن الناس يجهلون كثيرا من هذه الأمور، ويتساهلون في أمر الميت ما لا يتساهلون في أمر الحي والأمر سيان، كما أخبرنا بذلك نبينا عليه الصلاة والسلام، اسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم، اللهم اغفر ذنوبنا كلها دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، اللهم اغفر لموتى المسلمين أجمعين وارحمنا إذا  صرنا إلى ما صاروا إليه إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم عافنا في الدنيا والآخرة، اللهم انا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، ربنا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا إنك أنت غفور رحيم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.



جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي