الرئيسية / الفتاوى / الفتاوى المتنوعة/ما نصيحتكم لبعض السلفيين الذين يلحقون أولادهم في المدارس النظامية؟
ما نصيحتكم لبعض السلفيين الذين يلحقون أولادهم في المدارس النظامية؟ 2023-01-23 15:28:36


السؤال :

ما نصيحتكم لبعض السلفيين الذين يلحقون أولادهم في المدارس النظامية ، ونرجو التنبيه على بعض مفاسدها ؟

الجواب :

النصيحة لهم هي بأن يلتحقوا بدور العلم، الدور التي يدرس فيها كتاب الله عز وجل وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، فهذا هو الخير: أن يتعلم الطفل دينه يتعلم  كتاب الله عز وجل وسنة النبي عليه الصلاة والسلام فهذا الذي ينفعه في آخرته، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول : «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ» أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه. فعلم الدين موصل إلى الجنة، لكن علم الدنيا لا يوصل إلَّا إلى الدنيا، ويفنى بفناء الدنيا ولا يوصل إلى الآخرة فهو علم ضعيف لا يوصل إلى الآخرة، أمَّا علم الشرع فإنَّه يوصل إلى الجنة  «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ» والله عز وجل يقول لنبيه " فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ " مبلغه من العلم الدنيا، وربما يبلغ أحدهم الأمر العظيم في أمر الدنيا كأنواع المخترعات، ويعلم الأشياء الدقيقة من أمر الدنيا وهو مع هذا لا يفهم شيئاً من أمر دينه وآخرته.

قال الله تعالى: "وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ  يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ". وهم مع اتجاههم إلى علم الدنيا لا يعلمون كل أمور الدنيا وإنَّما ظاهراً منها، فهؤلاء ذمهم الله عز وجل ، فليحرص الإنسان على أن يعلم أولاده ما ينفعهم من الدين من علم الكتاب والسنة، هذا الذي ينتفع به الولد وينتفع به الوالد، فالوالد ينتفع بتعليم ولده الخير، فإذا علم الوالد ولده الخير بعد ذلك كل ما يفعله الولد من خير فللوالد مثل أجره، من صلاة وصيام وحج وعمرة وذكر لله عز وجل، وهكذا قراءة القرآن، والدعوة إلى الخير، وغير ذلك من الأعمال الصالحة. فللوالد الأجر لأنَّه هو الذي دفع ولده إلى الخير، وربما ذاك الولد يصير عالماً وينتفع به أمة  من الناس وللوالد مثل أجره، وربما ذاك العالم أخرج علماء والعلماء أخرجوا علماء إلى قرب الساعة، فكم ينال هذا  الوالد من الأجور المتتابعة الكثيرة بسبب أنَّه ربى ولده على الخير، وعلَّم ولده  كتاب الله عز وجل وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وإن علمه شيء من أمور الدنيا فلا يجني هذا الوالد إلَّا دراهم معدودة لا تبقى، فالدنيا وما فيها كما يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «وَلَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا قَطْرَةً أَبَدًا». الدنيا وما فيها من أولها إلى آخرها لا تعدل عند الله جناح بعوضة، فكم ينال الوالد من ولده؟ دراهم معدودة وشيء يشير تافه من أمور الدنيا، وإذا علمه الدين فإنَّه ينتفع به في الدنيا وفي الآخرة انتفاعاً عظيماً، فكم له من الأجور والحسنات، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» فيدعو له ذلك الولد الصالح بعد موته وينال ــ كما قلنا ــ من أجور ومن أعمال ولده فإنَّه هو الذي دله على الخير ، فهذه الغنيمة الرابحة وهذه هي التجارة الرابحة أن يعلم الأب ولده العلم النافع، وسيعلم إذا مات حقيقة الأمر، فالذي يحذر ولده من طلب العلم ويشغله في الدنيا ويحاربه إذا أراد العلم الشرعي سيعلم مغبة ذلك إذا مات، وسيندم غاية الندم، ومن ربى ولده على الخير وعلى العلم النافع وسيفرح غاية الفرح إذا مات، وسيرى ماله من الأجور العظيمة في قبره، وفي أرض المحشر إلى أن يدخل الجنة بفضل الله عز وجل ورحمته، لكن كثيراً من الناس ما يفهم، كثير من جهال الناس فتحوا عيونهم على الدنيا، وغمضوا عيونهم على الدنيا وليس لهم التفات على غير الدنيا، فالدنيا هي همهم وهي مرادهم، يعملون لها ويعظمونها،  وينشغلون بها في ليلهم ونهارهم ونسوا الآخرة تماماً أو كادوا أن ينسوها، هذه حال كثير من الناس، فلهذا يحاربون العلم، ويحاربون أولادهم إذا أرادوا العلم، وهذا لبالغ جهلهم، ولو علموا حقيقة الأمر لسارعوا في تربية أولادهم على الخير، وسارعوا في تعليم أولادهم ما يحصل لهم به النفع العظيم، والأجر الكبير.


جميع الحقوق محفوظة لـ الموقع الرسمي للشيخ أبي بكر الحمادي