إظهار النفائس لخير المجالس ـ خطبة الجمعةـ 23 جمادى الأولى 1447هـ 2025-11-14 13:57:54
خطبة جمعة بعنوان إظهار النفائس لخير المجالس
لشيخنا المبارك أبي بكر الحمادي حفظه الله ورعاه
سجلت بتاريخ ٢٣ جمادى الأولى ١٤٤٧ه
مسجد السنة إب اليمن حفظها الله وسائر بلاد المسلمين
إن الْحَمْدُ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه ، ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ، ومن سيئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[ آل عمران : 102] .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[ النساء : 1 ]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأحزاب : 70 ،71].
أما بعد : فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36)رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)}[النور:36،37].
هذه البيوت المباركة هي بيوت الله، وهي المساجد التي أذن الله سبحانه وتعالى وأمر الله سبحانه وتعالى برفعها، أي أمر بتعظيمها وبإعلاء قدرها، فهي بيوته عز وجل، أضافها الله سبحانه وتعالى إلى نفسه إضافة تشريف وإضافة تكريم، هذه المساجد هي خير البلاد وأحب البلاد إلى الله عز وجل، هذه المساجد أسست لتقوى الله عز وجل، أسست لإقامة الصلاة، أسست لعبادة الله وحده لا شريك له، أسست للعمل الصالح، أسست للإخلاص لله وحده لا شريك له،{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)}[الجن:18].
فالمساجد لله فإذا كانت لله فلا يدعو العبد فيها غير ربه عز وجل.
عباد الله: إن كثيراً من الناس يحرصون على الأماكن الطيبة، والمجالس الحسنة، وتختلف بهم المذاهب، وتتنوع بهم المذاهب، فمنهم من يذهب إلى الحدائق يريد مجلساً طيباً ينشرح فيه صدره ويدخل السرور إلى قلبه، وهنالك من يذهب إلى المزارع، وهنالك من يعلو إلى قمم الجبال، وهنالك من يذهب إلى ذاك الموضع، وكل يريد الفرح والسرور، ويريد الطمأنينة ويريد السعادة، يبحث عن مجلس طيب ليس هنالك أفضل وأطيب من هذه المجالس، من المجالس في بيوت الله عز وجل، إن أردت الراحة فالراحة في مثل هذه المجالس في بيوت الله عز وجل، إن أردت طمأنينة القلب فطمأنينة القلب تكون في هذه المجالس التي هي في بيوت الله عز وجل، إن أردت السكون والراحة فالسكون والراحة في هذه المساجد التي هي بيوت الله عز وجل، ومهما ذهبت هنا وهناك فإنك لا تجد الراحة الحقيقة، ولا تجد الطمأنينة الحقيقة، ولا تجد السكون الحقيقي، إنما تجد ذلك في هذه البيوت في بيوت الله عز وجل، روى الإمام مسلم في صحيحه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ما اجتمَعَ قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللَّهِ يتلونَ كتابَ اللَّهِ ، ويتدارسونَهُ فيما بينَهم إلَّا نزلَت عليهِم السَّكينةُ ، وغشِيَتهُمُ الرَّحمةُ ، وحفَّتهُمُ الملائكَةُ ، وذكرَهُمُ اللَّهُ فيمَن عندَهُ.
أين تجد هذا الخير إلا في هذه المجالس الطيبة في بيوت الله عز وجل، إذا اجتمع المجتمعون في بيوت الله عز وجل اجتمعوا للخير، يتدارسون كتاب الله سبحانه وتعالى وهو خير الكتب، وأعظم الكتب، وهو أحسن الحديث، {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا}[الزمر :23].
فإذا اجتمع المسلم مع أخيه المسلم في بيت من بيوت الله لمدارسة القرآن، إما لمدارسة ألفاظه، أو لمدارسة معانيه، ومعرفة ما فيه من الأوامر والزواجر، ومعرفة ما فيه من العظات والعبر، فإذا اجتمع المجتمعون على هذا الخير في بيوت الله عز وجل فذلك المجلس هو المجلس المبارك، في هذا ينال العبد السعادة، وينال الخير، وينال الطمأنينة، وينال الخشوع والسكون، ويجد الراحة الحقيقة، وبهذا يغذي العبد روحه وقلبه، وتغذية الروح والقلب أعظم من تغذية البدن، فقال عليه الصلاة والسلام:" وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، السكينة من قال من أهل العلم المراد بذلك: الطمأنينة، تنزل الطمأنينة على القلوب، وينزل السكون على القلوب، وينزل الخشوع في القلوب، وتنزل الراحة إلى القلوب، فيجد العبد السكينة، يجد الطمأنينة، يجد الراحة، يجد الخشوع، ويجد السرور في قلبه، قال سبحانه وتعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)}[الرعد:28].
وأعظم الذكر كتاب الله عز وجل، أعظم الذكر كتاب الله سبحانه وتعالى، فتجد الطمأنينة تنزل على قلبك، فقال بعض العلماء : المراد بذلك نزول الملائكة، فالسكينة هم الملائكة الذين ينزلون لسماع الذكر، ولسماع الخير، ولسماع القرآن ، وقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، أن رجلاً كان يصلي في الليل ويقرأ سورة الكهف فإذا بالفرس، وكانت عنده فرس مربوطة إذا بها تنفر فسلم ثم رأى سحابة أو ضبابة قد غشيته، فأخبر النبي عليه الصلاة والسلام بالخبر، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام:" اقرأ يا فلان إنها السكينة نزلت للقرآن.
فالسكينة هي الطمأنينة، هي الراحة، وهي السكون، وهناك من أهل العلم من قال : ملائكة تنزل لاستماع الذكر، والأظهر أن المراد في السكينة في هذا الحديث الطمأنينة والراحة والسكون والخشوع، فإن النبي عليه الصلاة والسلام ذكر السكينة وذكر حث الملائكة للجالسين، فقال عليه الصلاة والسلام:" إلا نزلت عليهم السكينة، فتجد الطمأنينة والراحة في هذا المجالس، كم من شخص يجد في نفسه الضيق والكروبات والهموم فيدخل إلى بيوت الله عز وجل، يقرأ كلام الله عز وجل، أو يستمع لعلم نافع، أو لموعظة نافعة فينشرح صدره، وينشرح قلبه ويزيل ما به من الغم والهم، فإن السكينة تنزل على قلوب المجتمعين في بيوت الله عز وجل، لا تنزل السكينة في قلوب الجالسين على قمم الجبال، ولا على قلوب الجالسين في الحدائق والمنتزهات، ولا على الأنهار وشواطئ البحار، وإنما تنزل السكينة في قلوب من جلس في أحب البلاد إلى الله عز وجل في هذه المساجد المباركة، فتنزل السكينة على القلوب كما أخبرنا بذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال:" إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، لم يقل عليه الصلاة والسلام" نزلت عليهم الرحمة وإنما قال" وغشيتهم الرحمة، والمعنى أن رحمة الله عز وجل أحاطت بهم من جميع الجهات، فإن غشيان الشيء للشيء هو ستره،{والليل إذا يغشى}،{ يغشي الليل النهار} أي يستره بظلمته،{فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78)}أي أنه غطاهم واستوعبهم الماء وغرقوا لم يبقَ لهم شيء، لم يبقَ لهم شيء يرى انغمسوا فيه وأهلهكم الله سبحانه وتعالى بذلك، فأما الرحمة فهي تغشى المؤمنين أي تحيط بهم من جميع الجهات، من فوقهم، ومن تحتهم، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم، ومن أمامهم، ومن خلفهم، من جميع الجهات تغشاهم رحمة الله عز وجل، ومن غشته رحمة الله سبحانه وتعالى من جميع الجهات فلا منفذ لعذاب الله عز وجل إليه، لا منفذ لعذاب الله إليه وقد غشيتهم رحمة الله من جميع الجهات، ومن غشيته رحمة الله من جميع الجهات فقد غفر الله له، قد غفر الله له فإن رحمة الله قد أحاطت به من جميع جهاته، فمن كان كذلك فهو عبد مرحوم، وإذا رحم الله العبد غفر الله ذنبه، وإذا رحم الله العبد أدخله الجنة، وإذا رحم الله العبد نال جميع الخيرات والمكارم، ونال السعادة العظيمة في الدنيا وفي الآخرة، فمن جلس في بيت الله عز وجل للخير والذكر فإنه ينال مغفرة الله عز وجل، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، في الحديث الطويل، الذي أخبر النبي عليه الصلاة والسلام فيه عن الملائكة الذين يلتمسون حلق الذكر، وفي آخر الأمر حين يسألهم ربهم سبحانه وتعالى عن عباده ويخبرنه وهو أعلم فيقول الله سبحانه وتعالى لملائكته: إني أشهدكم أني قد غفرت لهم، أي للمجتمعين في بيوت الله عز وجل، إني أشهدكم أني قد غفرت لهم، فيقول ملك من الملائكة أو يقول الملائكة: يا رب إن فيهم فلانا ليس منهم جاء لحاجة؟ فيقول الله سبحانه وتعالى: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم، في رواية لمسلم" أن ملك من الملائكة يقول: إن فيهم فلان رجل خطاء إنما مر فجلس معهم؟ فيقول الله سبحانه وتعالى:" وله قد غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم.
أين تجد هذا الخير والبركة ؟ إلا في بيوت الله عز وجل، أين تجد هذه الرحمة والمغفرة إلا في بيوت الله، أين تجد هذه الطمأنينة والراحة وغذاء الأروح إلا في بيوت الله عز وجل، هي أحب البلاد إلى الله كما في مسلم من حديث أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام قال:" أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، نحمده تعالى ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد : قال نبينا عليه الصلاة والسلام في خير المجالس، وفي أحب المجالس إليه المجالس لذكره وطاعته، المجالس لقراءة القرآن ومدارسته، المجالس التي يجلس الجالسون فيها من أجل الله عز وجل، في أحب البلاد إلى الله، في هذه المساجد، قال عليه الصلاة والسلام:" وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة.
وحفتهم الملائكة: أي أحاطت بهم الملائكة من جميع الجهات، وجلست حولهم الملائكة، وأحدقت بهم الملائكة من جميع الجهات، تجتمع الملائكة حول هؤلاء الجالسين فتحيط بهم من جميع الجهات، في حديث أبي هريرة الذي في الصحيحين الحديث الطويل، قال عليه الصلاة والسلام" فيحفونهم أي الملائكة حتى يصلوا إلى سماء الدنيا، أو حتى يبلغوا إلى السماء الدنيا، أي يصعد بعضهم على بعض من كثرتهم وإحاطتهم في هؤلاء الجالسين القاعدين لذكر الله عز وجل في بيت من بيوت الله، تحيط بهم الملائكة من جميع الجهات ويكثرون حولهم، ويزدحمون عليهم حتى يصلوا إلى السماء الدنيا، وفي مسند الإمام أحمد قال :" حتى يبلغوا العرش" وما في الصحيحين أصح، حتى يبلغوا إلى السماء الدنيا، تحف الملائكة هؤلاء الجالسين من أجل الله عز وجل وفي مرضاة الله، قال عليه الصلاة والسلام :" وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده، والملائكة إن حفت أولئك القوم تحفهم وتدعو لهم، فإن الملائكة تدعو للمؤمنين، وتستغفر للمؤمنين، ومن جلس في مجالس الخير والطاعة تدعو له الملائكة ولا سيما إذا كان هذا الجلوس في انتظار الصلاة، أو بعد أن يؤدي العبد صلاة مكتوبة فجلس في بيت الله لذكر الله عز وجل، إما منتظرا في الصلاة، أو جلس بعد أن أدى الصلاة فجلس ذاكرا لله عز وجل في بيوت من بيوت الله، فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال عليه الصلاة والسلام:" والملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، قال عليه الصلاة والسلام" ما لم يحدث فيه ما لم يؤذي فيه.
تدعو له الملائكة بالرحمة، وتدعو له الملائكة بالمغفرة، وهكذا إذا كان جالساً منتظراً للصلاة، جالساً يذكر ربه عز وجل، ومنتظراً للصلاة الفريضة فإن تدعو له، وقد جاء في حديث أبي هريرة" ولا يزال العبد في صلاة ما دام في مصلاه ينتظر الصلاة فتقول الملائكة" اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، فتحدق بهم الملائكة وتدعو لهم بالخير، تدعو لهم بالمغفرة، وتدعو لهم بالرحمة، قال عليه الصلاة والسلام:" وذكرهم الله فيمن عنده، أي ذكر الله أولئك الجالسين عنده ملائكته المقربين، يذكرهم الله عز وجل بالثناء الحسن يمدحهم ربهم سبحانه وتعالى، ويباهي بهم الملائكة ويثني عليهم رب العالمين سبحانه وتعالى، جاء في مسلم من حديث معاوية رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بحلقة من أصحابه وهم جلوس فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله، ونحمد الله عز وجل على ما منّ به علينا من الإسلام، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:" آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، فقال عليه الصلاة والسلام" أما أني لم أستحلفكم تهمة لكم ولكني جبريل أتاني فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة.
وفي المسند، وعند ابن ماجة من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم المغرب، قال: فرجع من رجع وعقب من عقب، أي بقى في المسجد ينتظر صلاة العشاء، وعقب من عقب، فخرج النبي عليه الصلاة والسلام أي من بيته مسرعاً قد حبسه النفس، قد كشف عن ركبته وهو يقول:" أبشروا أبشروا هذا ربكم قد فتح بابا من أبواب السماء يباهي بهم الملائكة يقول: انظروا إلى عبادي هؤلاء قد قضوا فريضة وهم ينتظرون أخرى.
أين تجد هذه الخيرات إلا في بيوت الله عز وجل، أين تجد هذه المكارم إلا في بيوت الله، أين تجد هذه السعادة إلا في بيوت الله عز وجل، يا من يطلب الخير والسعادة هنا السعادة في بيوت الله، يا من يطلب الطمأنينة الطمأنينة في بيوت الله، يا من يطلب الأجور والرفعة عند الله عز وجل فهي في بيوت الله عز وجل، لا تذهب هنا ولا هناك، يا عبد الله لم تنفر عن بيوت الله والله يدعوك إليها، الله يدعوك إليها لو دعاك ملك من ملوك الدنيا إلى قصره لفررت إليه فراراً ولأسرعت إليه سراعا ولدخلك السرور ، ولما تأخرت لحظة واحدة عن إجابته، ورب العالمين سبحانه وتعالى الملك الرب الذي له ملكوت كل شيء وبيده كل شيء يدعوك إلى بيوته إلى هذه المساجد أن تذكر فيها اسمه وأن تؤدي الفرائض، وأن تقعد فيها للذكر والطاعة، فلما تنفر ولا تجيب ربك سبحانه وتعالى إلى بيوته، والمساجد هي بيوت الله عز وجل، ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، فاحرصوا على الخير، تزودوا للآخرة من هذه المساجد، تزودوا للآخرة ولا تلهيكم الدنيا وشهوات الدنيا، المحروم من حرم هذه المساجد، وسوف يعلم ذلك العبد إذا انتقل منها من هذه الدنيا إلى الدار الآخرة سيعلم أنه قد حرم أجرا عظيما، حيث أنه حرم الخير في بيوت الله عز وجل، في أحب البلاد إليه.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وأن يرحمنا برحمته إنه هو الغفور الرحيم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها وأولها وآخرها وعلانيتها وسرها، اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين.
فرغها أبو عبد الله زياد المليكي حفظه الله